هو اليوم الأول بعد المباراة الصدمة التي بقيت حديث الشارع الكروي بأحداثها وحيثياتها وتداعياتها. هي مباراة النجمة والأنصار التي انتهت بنتيجة كارثية لصالح الأنصار 5 - 1 وبأحداث دراماتيكية جماهيرياً بدأت نتائجها تظهر تباعاً.
على الصعيد الاداري، اتخذت لجنة الانضباط في الاتحاد مجموعة قرارات عقابية بحق النجمة، مع تغريم النادي مبلغ 5 ملايين ليرة ورفع توصية للجنة التنفيذية بمنع جمهور النجمة من الحضور لعدة مباريات، بانتظار اجتماع اللجنة بعد عودة الأمين العام جهاد الشحف من زيوريخ حيث يحضر اجتماعات الأمناء العامين في الاتحاد الدولي. كذلك حمّلت لجنة الانضباط نادي النجمة كلفة أضرار ملعب المدينة الرياضية التي أصدرت بياناً بدورها أعلنت فيه أن المسح الأوّلي للأضرار أظهر أن القيمة تناهز 100 مليون ليرة لبنانية، وقد تقدمت "إدارة المدينة الرياضية بادّعاء ضد كل من يثبته التحقيق مشاركاً في إلحاق الضرر بمنشآت المدينة والاعتداء على مرافقها لتطبيق القوانين بحقه".
فنياً، لم تكن تداعيات الخسارة الثقيلة أقل وقعاً من الأحداث الجماهيرية. هذا "دربي" الكرة اللبنانية بين الغريمين اللدودين، وأيّ خسارة فيه تحمل في طيّاتها أكثر من معنى، فكيف إذا كانت بهذا الحجم؟

حارس النجمة عباس حسن كان في واجهة الانتقادات. كثيرون حمّلوه مسؤولية الكارثة، وكثيرون ذهبوا بعيداً في "جلد" حسن الى حدود المطالبة بترحيله، وآخرون يفكرون بأن حارس النجمة قد انتهى ولن يستطيع أن يكمل مع النادي.
بالنسبة إلى الـ"مطلوب رقم واحد" في النجمة الأمور ليست بهذا الشكل، فهو تحدّث إلى "الأخبار" عمّا حصل، معتبراً أن الخطأين اللذين ارتكبهما كانا قاتلين، لكنهما يحصلان في كرة القدم. السؤال عن الأسباب، وهل هناك أمور خافية على الرأي العام أثّرت على أدائه في اللقاء، وهل مباراة "الدربي" هي نهاية مشواره مع النجمة؟
"لا شيء على الإطلاق. أنا كنت في قمة تركيزي، وكنت راضياً عن أدائي خلال فترة التحمية، وحتى عن المباراتين السابقتين أمام العهد والإخاء الأهلي عاليه. لكنني أخطأت في هذه المباراة من دون سبب رئيسي سوى أنها أمور تحصل في لعبة كرة القدم. لا شك في أنني حزين جداً، لكنها ليست نهاية العالم، لا بالنسبة إليّ ولا إلى الفريق. أتفهّم غضب الجمهور، لكن أولاً وأخيراً هي مباراة في مشوار طويل. حتى لو كانت النتيجة كبيرة، فهي ليست أكثر من ثلاث نقاط. وأتمنى على الجمهور أن يتخطّى هذه الخسارة ودعم الفريق في منافسته على اللقب".
وتابع: "أما بالنسبة إلى مستقبلي، فأنا أثق بنفسي وأعرف أنني إذا اخطأت اليوم ليس شرطاً أن أخطئ غداً. أمس تدرّبت مع المنتخب بشكل عادي، وأتمنى أن تصبح مباراة الأنصار خلف ظهري، وأن يدعمني الجمهور ويتفهّم أن أيّ لاعب ممكن أن يخطئ في اللقاء. لكن خطأ الحارس غالباً ما يكون في الواجهة، ويلفت الأنظار أكثر من غيره".
لكن هل خسارة النجمة يتحمّلها حسن وحده؟ وهل هو الوحيد الذي أخطأ؟ وهل يجب إخراج حسن من حسابات النجمة الفنية؟
"لا" هو الجواب المشترك لتلك الأسئلة.

كلفة أضرار المدينة الرياضية قدّرت بـ100 مليون ليرة

فلا حسن هو من يتحمّل المسؤولية وحيداً، وليس هو فقط من أخطأ في اللقاء، ولا ينبغي إنهاء مسيرته مع النادي بهذا الشكل. والأجوبة هنا ليست دفاعاً عنه، بل حرصاً على مصلحة النجمة ومحاولة في المساهمة في الإضاءة على أمور يمكن ان تساعد في مشواره الطويل.
بالنسبة إلى الأخطاء، هناك أكثر من طرف أخطأ أمام الأنصار، وكان لخطئه دور في هزّ شباك النجمة.
الهدف الأول جاء من خطأ للسوري عبد الرزاق حسين في التشتيت حين هيّأ الكرة لخالد تكه جي وسجّل منها الأخير الهدف الأول. وهي ليست المرة الأولى التي يخطئ فيها حسين، فهو يتحمّل مسؤولية الهدف الأول أمام العهد حين أخطأ في التشتيت أيضاً. الحارس عباس حسن يتحمّل مسؤولية الهدفين الثاني والرابع بشكل رئيسي بعد تعثره في تشتيت الكرة من أمام مهاجم الأنصار السنغالي الحاج ماليك. ويرفض حسن تحميل مسؤولية انحراف الكرة وخسارتها لسوء أرضية الملعب، "فكل الملاعب في لبنان غير مستوية" يقول حسن.
لكن الهدف الرابع جاء بعد خسارة للكرة من قبل مهاجم النجمة كبيرو موسى وتسبّب في هزّ الشباك النجماوية.
مسؤولية الأخطاء لم تكن محصورة بأرض الملعب، ذلك أن البعض يرى أن مدرب النجمة جمال الحاج يتحمّل مسؤولية كبيرة في الخسارة عبر خياراته الفنية، وخصوصاً إشراك علي بزي كظهير أيمن بعد طول غياب، والاعتماد على حسين في وسط الملعب وهو عائد من إصابة، واللعب بمهاجمين هما أكرم مغربي والنيجيري كبيرو موسى من دون تفعيل خط الوسط الذي تُرك على عاتق نادر مطر، وسط أداء سيّئ لأحمد جلول.
المسؤولية تقع على حسن معتوق أيضاً أو من يديره فنياً؛ فمعتوق كان نجماً فوق العادة في المباراة الأولى أمام العهد، لكن تبيّن لاحقاً أنه ليس "سوبرمان" ولا "الكابتن ماجد"، فبالنهاية هو جزء من منظومة متكاملة، ولا يمكن أن تكون جميع الأمور على عاتقه ويكون محور كل الكرات، فإما أن يسدد ويسجّل أو يسدد وتضيع.
وفي ظل جميع هذه الأخطاء، لا يمكن إغفال جانب الحظ السيّئ الذي لازم النجمة عكس الأنصار؛ فإحصاءات المباراة، التي وصفها البعض بأنها أفضل "مباراة ارتجالية" في لبنان، تشير الى أن الأنصار سدّد على المرمى ست مرات سجّل منها خمسة أهداف ولم يكن له سوى ركنيتين، في حين أن النجمة سدد 12 مرة وسجل هدفاً وحيداً اضافة الى تسع ركنيات. وهذا الشح في التهديف سببه التألّق الخرافي للحارس ربيع الكاخي الذي كان في برج سعده، عكس عباس حسن.
لكن أليس هو نفسه الكاخي الذي أخطا في المباراة السابقة أمام الراسينغ وكلّف فريقه ضياع الفوز والاكتفاء بالتعادل؟
السؤال ليس للتقليل من إنجاز الكاخي في المباراة، لكن للإشارة إلى أن الأخطاء تحصل وهي ليست نهاية الطريق بالنسبة إلى الحارس حسن، لا فقط لمصلحته بل لمصلحة النجمة أيضاً التي لا تملك حارساً احتياطياً قادراً على حماية المرمى في المباريات المقبلة، وبالتالي فإن من مصلحة الفريق لملمة الجراح ومعالجة الأمور سريعاً، في حال أراد أن يستمر منافساً على اللقب.