أيام جميلة كانت تلك التي شهدها ملعب "ميستايا" في زيارات برشلونة له، حيث كان صاحب الضيافة وقتذاك فريقاً شرساً وعنيداً ولا يرحم ضيوفه بوجود كوكبة من اللاعبين الرائعين الذين أخذوا الفريق الى مستوى آخر محلياً وأوروبياً، أمثال الثنائي الأرجنتيني كلاوديو لوبيز وكيلي غونزاليس وغايزكا مندييتا ودافيد البيلدا وميغيل أنخيل أنغولو والفرنسي جوسلان أنغلوما، ومن خلفهم الحارس سانتياغو كانيزاريس...اليوم وقبل انتقاله الى "ميستايا" يعرف برشلونة أن حياته لن تكون سهلة هناك، فنادي "الخفافيش" خرج الى الضوء مجدداً، ولم تعد انتصاراته المتتالية مجرد صدفة.

هناك في إسبانيا، لا حديث سوى عن التفاصيل الدقيقة لما يقدّمه هذا الفريق الذي يحظى اليوم باهتمام إعلامي أكبر من قطبَي مدريد الريال وأتلتيكو كونه يعدّ الأمل الوحيد المتبقي لإبقاء حياة المنافسة في "الليغا"، وهو بلا شك قادر على فعلها.
فالنسيا الحالي يذكّر بفالنسيا الأمس، وتحديداً بذاك الفريق الذي قاده المدرب المحنّك هكتور كوبر الى نهائي دوري أبطال أوروبا. فعند سدّة القيادة الفنية يقف مدربٌ شبيه بنظيره الأرجنتيني الذي بثّ دائماً روح الفوز والمنافسة وعدم الخوف من أي خصمٍ في نفوس لاعبيه.
مدربٌ يتعرض للإصابة في احتفالاته المجنونة على غرار ما حصل في مباراة الفريق أمام ريال سوسييداد، وهو نفسه يُطرد لإفراطه في تصرفاته، على غرار ما حصل أمام إسبانيول الأحد الماضي، ليغيب بالتالي عن أهم مباراة لفريقه هذا الموسم. لكن المدركين لطبيعة الفريق يعلمون جيداً أن مارسيلينو غارسيا تورال، وحتى بغيابه يمكنه أن يؤثر في فريقه، إذ إن عمله ليس موضعياً بل امتد منذ أسابيع عدة ولا يزال حتى وصل فالنسيا الى ما هو عليه حالياً، أي الفريق الذي نفض عنه غبار مآسي الموسم الماضي حيث كان في إحدى مراحله مهدداً بالهبوط الى الدرجة الثانية.

الكل يشبّه فالنسيا بأتلتيكو مدريد الفائز باللقب عام 2014

مع مارسيلينو، تغيّرت الأمور كثيراً، فبات الكل يشبّه هذا الفريق بأتلتيكو مدريد الذي قاده الأرجنتيني دييغو سيميوني الى اللقب المحلي عام 2014. هو نسخة طبق الأصل عنه في مكانٍ ما، من حيث شغف مدربه ومتابعته الدقيقة لكل التفاصيل، ومن حيث جوع لاعبيه لتحقيق الانتصارات، ومن حيث الإدارة الذكية التي لم تمانع خروج 16 لاعباً الصيف الماضي بعد اقتناعها بضرورة بناء الفريق من جديد.
مارسيلينو يذهب حتى الى تفحّص عشب الملعب قبل أي حصة تدريبية أو مباراة، ويتصل مباشرة باللاعبين الذين ينوي التوقيع معهم من دون أن يدخل في متاهات وتعقيدات البيروقراطية الإدارية، وذلك على غرار ما حصل عند ضمّه أحد نجوم "الليغا" هذا الموسم البرتغالي غونزالو غويديس على سبيل الإعارة من باريس سان جيرمان الفرنسي، وهي صفقة كانت مجهولة، لكنها تحوّلت إلى حديث الموسم.
هو متطلّب الى أبعد الحدود ويتدخل حتى في النظام الغذائي للاعبيه وصارم بشكلٍ رهيب حول هذا الموضوع، وهذا يفسّر خفة "الخفافيش" على أرض الملعب وسرعة انطلاقهم في الهجمات المرتدة التي تعدّ إحدى نقاط قوتهم. ويكفي أن يقول المدافع خوسيه لويس غايا إن الفريق يتدرّب كل يوم وكأنها نهاية العالم، لنعرف مدى قوة الخصم الذي سيواجهه برشلونة مساء غدٍ.
صعوبة قد تتضاعف أكثر بعد المجهود الذي قام به الفريق الكاتالوني في مباراته أمام يوفنتوس الإيطالي في منتصف الأسبوع، في وقتٍ كان فيه فالنسيا مرتاحاً من أي مهمة أوروبية (أنهى الموسم الماضي في المركز الـ 12). لذا في حال عدم خروج "البرسا" بكامل قوته وتركيزه، فإن التعقيدات ستكون بانتظاره، وخصوصاً عند إدراك أن لسان حال الجميع في فالنسيا يتكلم باقتناع أن الفريق مرشح أكثر من أي وقتٍ مضى للجلوس على عرش الدوري الإسباني في نهاية المشوار.




حماية النجوم أولوّية

باتت لفالنسيا أولوية مهمة، هي حماية نجومه من مطامع الأندية الأخرى، فكان أول الغيث تجديد عقد نجمه رودريغو مورينو حتى عام 2022. وكشف النادي عن تجديد عقد الدولي الإسباني الذي يعيش أفضل لحظات مسيرته، إذ ساهم في تأهل المنتخب الإسباني إلى كأس العالم 2018، ويواصل البروز مع فريق «الخفافيش» الذي كان عقده السابق معه ينتهي في صيف عام 2019، وقد قام وصيف الدوري الإسباني بتمديده لثلاث سنوات إضافية ليضمن بالتالي استمرار لاعبه معه.