موسكو. الساعة 17,00 بتوقيت المونديال. إنها قرعة كأس العالم، الموعد الذي ليس كغيره من مواعيد. هي قرعة البطولة التي تعيش على ذكرياتها أجيال وراء أجيال. مذ صافرة الانطلاق عام 1930، بدأت حكاية العشق لهذه البطولة التي ليس كمثلها بطولة. في كل نسخة، يزداد المونديال ألقاً وسحراً ويزداد الشوق إلى كرته التي لا تشبهها كرة. ثمة رونق خاص للمونديال الذي يترقبه العالم كل 4 أعوام.
لا يمكن أن تقول كلمة مونديال من دون أن تحضر صوره الخالدة في البال. ما أكثر تلك الذكريات: من كرة الإنكليزي جيف هيرست التي لم تتخطّ خط مرمى الألمان في 1966، إلى لقطة الأسطورة البرازيلي بيليه محمولاً على أكتاف زملائه وتمريرته الساحرة لكارلوس ألبرتو في نهائي مونديال 1970، إلى الأسطورة الآخر الأرجنتيني الآخر دييغو مارادونا مسجلاً هدفيه الشهيرين في مرمى إنكلترا في نصف نهائي 1986، إلى دموع مارادونا نفسه بعد خسارته اللقب أمام ألمانيا في نهائي 1990، إلى كرة الإيطالي روبرتو باجيو من ركلة الترجيح التي أطاحها عالياً في النهائي أمام البرازيل في نهائي 1994، تلك البطولة التي احتفلت بلقبها البرازيل وخلالها ذلك الاحتفال الشهير بالأهداف لثلاثيها: روماريو وبيبيتو ومازينيو، وليس انتهاء بدموع البرازيليين أنفسهم بعد السباعية التاريخية أمام ألمانيا في نصف نهائي 2014 وغيرها الكثير الكثير من اللقطات.

="" title="" class="imagecache-250img" />
للصورة المكبرة انقر هنا


الساعة 17,00 وبضع دقائق. هنا قصر الكرملين مكان الحفل، وها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصعد إلى المنصة برفقة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني إنفانتينو ويلقيان كلمتين أمام الحضور الذي وصل عدده إلى 1400 شخص، بينهم الأسطورة البرازيلي بيليه، وبعدهما يصعد النجم الألماني السابق والهداف التاريخي للمونديال ميروسلاف كلوزه حاملاً الكأس الذهبية التي أحرزتها بلاده في 2014 ليضعها في مكانها في المنصة.
التشويق يزداد. ها هي لحظة الحقيقة توشك. النجم الإنكليزي السابق غاري لينيكر مقدّم القرعة في مكانه والنجوم السابقون المشاركون في عملية السحب، يتقدّمهم مارادونا، يأخذون أيضاً أماكنهم لتبدأ عملية اختيار الكرات التي تحمل أسماء المنتخبات. حوالى نصف ساعة... والمجموعات تتحدد.
ماذا حملت القرعة؟ يمكن القول إن المجموعات متوازنة إلى حد كبير. لا مخاوف على المنتخبات الكبرى، حتى إن القرعة لم تحمل مباريات بين أبطال عالم سابقين، بل تبرز فقط مباراتا إسبانيا مع البرتغال في المجموعة الثانية التي تضمهما إلى جانب إيران والمغرب اللذين يحتاجان إلى إحداث المفاجأة للعبور إلى دور الـ 16، وإنكلترا مع بلجيكا في المجموعة السابعة التي ضمتهما إلى بنما وتونس التي تحتاج إلى أداء بطولي للعبور بعدما ظلمتها القرعة كما المغرب وإيران بالوقوع مع منتخبين قويين.
بالنسبة إلى ألمانيا، بطلة العالم، فإن مجموعتها السادسة تبدو في متناولها حيث ستكون السويد التي حرمت إيطاليا من المونديال خصمها الأقوى والمرشحة لمرافقتها إلى دور الـ 16 إلا إذا كان للمكسيك رأي آخر، فيما أن كوريا الجنوبية تبدو الأقل حظاً.
وعلى غرار ألمانيا، فإن البرازيل الساعية بكل قوة للمنافسة على اللقب وتعويض الخيبة الكبرى على أرضها في 2014 لا يُتوقّع أن تواجه صعوبة في مجموعتها الخامسة إلى جانب سويسرا وصربيا وكوستاريكا.

لن تجد المنتخبات الكبرى صعوبة في تخطي دور المجموعات

بالانتقال إلى الأرجنتين، ورغم أنها لم تقع في مجموعتها الرابعة مع منتخب كبير، إلا أن المنتخبات التي سيواجهها ليونيل ميسي ورفاقه توجب عليهم الحذر وعدم التساهل والظهور بالصورة التي قدموها في التصفيات حيث ستكون كرواتيا مصدر الخطورة الأبرز عليهم استناداً إلى الأسماء التي تضمها تشكيلتها ويتقدمهم لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش وإيفان بيريسيتش، في حين أن أيسلندا أثبتت في التصفيات أن نتائجها في كأس أوروبا 2016 لم تكن "ضربة حظ"، فيما أن نيجيريا كانت من أوائل المنتخبات المتأهلة في التصفيات الأفريقية.
ماذا عن فرنسا؟ لا شك بأن القرعة ابتسمت لـ"الديوك" أكثر من غيرهم، حيث أوقعتهم في المجموعة الثالثة إلى جانب الدنمارك وأوستراليا والبيرو، الأمر الذي سيريح لاعبي المدرب ديدييه ديشان من الضغوط في دور المجموعات.
يبقى أن المجموعة الأولى ضمّت روسيا المضيفة إلى جانب مصر والأوروغواي والسعودية حيث يصعب تحديد هوية المنتخبين المتأهلين عنها، تماماً كما الحال مع المجموعة الثامنة التي تمتلك فيها كل من بولونيا وكولومبيا واليابان والسنغال فرصة التأهل.
إذاً، تحددت معالم مجموعات مونديال روسيا 2018 وعرف كل منتخب خصومه. المنتخبات ستبدأ مرحلة الاستعداد حتى موعد الانطلاق في 14 حزيران المقبل، هناك حيث الحلم الكبير.