في 2008 كانت لليون. 2009 لبوردو. 2010 لنادي الجنوب مارسيليا. 2011 لنادي ليل و2012 لمونبلييه. السنوات الخمس التي ذكرت كان فيها الدّوري الفرنسي حقيقيّاً بالمعنى الكروي وبما يمثّله الدوري في عالم كرة القدم. في 2012 بدأ الغزو. يشتري رجل الأعمال القطري وصاحب قنوات Bein Sports الحاليّة نادي العاصمة الفرنسية باريس الـ«PSG»، من ذلك الوقت، حتى يومنا هذا، إذا ما استثنينا الموسم الماضي، الذي حمل «المفاجأة».
موناكو استطاع المنافسة. فاز نادي الإمارة موناكو بلقب الدوري الفرنسي لأول مرّة بعد سيطرةٍ للنادي الباريسي دامت أربع سنوات متتالية.
على الرّغم من الموسم الخرافي الذي قدّمه موناكو، والجدير بالاحترام، إذ قام بمنافسة حوت الأموال في الدوري نفسه باريس. إلّا أنه في الموسم الحالي عاد واستسلم من جديد هو وغيره من النوادي الفرنسية الأخرى لقدرات نادي «الخليفي» المالية. فبالطبع وبعد آخر صفقتين أبرمهما النادي، باستقطاب أحد أهم اللاعبين في العالم والذي من المتوقّع أن يكون الأفضل في السنوات المقبلة. نتحدث عن البرازيلي نيمار لاعب برشلونة السابق.

والثاني، الفتى الصغير، الذي لفت الأنظار مع موناكو في الموسم المنصرم، كيليان مبابي. صفقتان قياسيتان، وصلت الأولى إلى 222 مليون يورو والتي تعتبر الأغلى في تاريخ الكرة، والثانية بـ«لعبة» من النادي الباريسي على الفيفا. أتقنها في مواجهة القوانين من ناحية وضع سقف لصرف الأموال في موسم واحد، حيث عمدت إدارة النادي إلى استعارة النجم مبابي لسنة واحدة مع وضع شرط إلزاميّة الشراء في السنة التالية بقيمة وصلت إلى 160 مليون يورو.
في تاريخ المسابقة، يأتي النادي الباريسي في المرتبة السادسة ضمن الفرق التي حققت اللقب. المرتبة الأولى من نصيب النادي الذي غاب عن الوقوف على منصّة التتويج مدّة 37 سنة. سانت إتيان بعشر مرّات. يأتي خلف النادي الثمانيني أحد أعرق الفرق الفرنسية في التاريخ والنادي الجنوبي الذي حقق اللقب 9 مرّات، كان آخرها في 2010 والفائز بلقب دوري أبطال أوروبا في 1993. مارسيليا. بطل النسخة السابقة يشغل المرتبة الثالثة مشاركة مع نانت بثمانية ألقاب. الجدير بالذكر هنا أن الدوري الفرنسي في هذ الموسم «منقسم ما بين دوريين اثنين». الأوّل يتضمّن فريقاً واحداً فقط وهو بي أس جي. الدوري الثاني يبدأ من المركز الثاني نزولاً. يأتي الكلام نتيجة الأرقام التي نراها أمامنا. الفارق ما بين الأوّل «باريس» والثاني موناكو 12 نقطة. في حين ما بين الثاني وصاحب المركز الثالث (مارسيليا) هو نقطتان فقط لا غير. إذاً هناك فجوة ما بين النادي الباريسي من جهة والفرق المتنافسة على المركز الثاني من جهة أخرى بعيدة جداً. الجميع صار يعرف ذلك.
الفرق الفرنسية أصحاب المراكز المتقدمة نوعاً ما، تدخر كل ما تملكه من طاقة ومن تركيز ومن تكتيك حين يصل بها جدول المباريات ليحصرها بالمواجهة التي تنتظرها دائماً، على أحرّ من الجمر. مواجهتها مع المتصدر ومع الحاكم الأعلى للدوري الفرنسي أخيراً. نعطي مثلاً على هذه النقطة، المباراة التي جمعت ما بين ليون «مصنع المواهب» الأوّل في أوروبا حالياً، ضدّ العملاق الباريسي.

الفارق ما بين «باريس» والثاني موناكو 12 نقطة وبين الثاني والثالث (مارسيليا) هو نقطتان
يصل معدّل أعمار خطّ هجوم ليون إلى 21 سنة فقط، الذي يتشكّل من الجزائري الفرنسي، أحد أبرز نجوم الفريق والدوري في هذا الموسم نبيل فقير، والبانمي المنتدب من ريال مدريد ماريانو دياز، البوركيني تراووري، بالإضافة إلى اللاعب الذي استعاد مستواه في الأولمبيك بارك الهولندي لاعب الشياطين الحمر السابق ممفيس ديباي.
وحين نذكر «مصنع المواهب»، لا يمكننا إلا أن نضيف إلى الأسماء السابقة اسماً جديداً ظهر على الساحة الفرنسية. صاحب الأصول الجزائرية هو الآخر، أحد أفضل المواهب المكتشفة في هذا الموسم، الفرنسي حسام عوّار. دخلت هذه الكتيبة إلى المباراة واضعة هدفاً واحداً أمامها. الفوز على نيمار وزملائه. وبالفعل وصلوا إلى مبتغاهم. انتهى اللقاء بنتيجة 2-1 لأصحاب الأرض بهدف لنبيل فقير وبهدف آخر قاتل جاء في الدقيقة 93 من ديباي. بعد صافرة الحكم، لا يمكننا وصف النشوة التي لاحظناها على وجوه لاعبي الفريق، من حارس المرمى لوبيز، وصولاً إلى قائد الفريق فقير. ربّما الإمكانات لا تسمح لهم بالمنافسة على مدى طويل مع نادي العاصمة، إلّا أن الفوز عليه له طعم خاص، في ضفّة أخرى بعيدة عن منافسة الدّوري. حيث استطاعوا هزيمة أموالهم ولاعبيهم العالي المستوى بفضل العمل الجاد والإصرار على تحقيق الهدف. وبالطبع لا ننفي عمل المدرّب الرائع بطريقة لعبه وبفكره الهجومي الذي يكسب احترام الجميع من جرّاء هذا الفكر. المدرّب الفرنسي برونو جينيسيو. ما فعله ليون عجز عن القيام به كل من فرق المقدّمة، ربّما يمثّل هذا الانتصار نوعاً من الأمل للفرق الفرنسيّة للعمل على استعادة شخصيتها التاريخية التي محتها أموال قطر في السنوات الأخيرة التي مضت. رغم «العاطفة» و«التعاطف» مع «الروح التنافسية» في أي دوري، لا مفرّ من التأكيد على تفوق نادي العاصمة. ولكن، بلا شك، الدوري بين الفرق الأخرى، من المركز الثاني نزولاً، هو دورٍ ممتع أيضاً!