تعود القصّة إلى نهاية مرحلة المجموعات في بطولة الموسم الماضي وتحديداً في شهر كانون الثاني. حينها كان نادي هومنتمن أحد أقوى الأندية في البطولة، وفرض نفسه باكراً بين الأربعة الذين سيحجزون مكانهم في نصف النهائي "فاينل فور". وهذا ما حصل. حلّ هومنتمن ضيفاً على الرياضي في قاعة صائب سلام في المنارة، حينها فؤجئ الجميع برفع جمهور الرياضي لعلمين تركيّين على المدرّج الشرقي للملعب، في محاولة لاستفزاز لاعبي نادي هومنتمن وجهازهم الفنّي، وتذكيرهم بالمجازر التي ارتكبها الأتراك بحق الأرمن بين 1914 و1923 وراح ضحيتها ملايين الأرمن.استنكرت حينها إدارة نادي الرياضي بيروت الأمر وكذلك الاتّحاد اللبناني لكرة السلّة، وأكّدا أنّ ما حصل غير مقبول وهو تصرّف فردي ولا يجب أن يتكرّر، ولكن لم يتحرّك أحد جديّاً للوقوف على حقيقة ما جرى، وأنّ "لعبة الأولاد في المدرّجات" يمكن أنّ يؤدّي إلى عواقب وخيمة. عاد المسلسل من جديد هذا الموسم، وعند كل مباراة يلتقي فيها الرياضي بيروت مع هومنتمن بيروت سواء في مزهر أو المنارة، يكون فيها التحشيد الجماهيري على أعلى المستويات، وهذا شيء صحّي إذا بقي عند حدوده الرياضيّة. في المباراة الأخيرة التي زار فيها هومنتمن ملعب المنارة ارتدى جمهور الرياضي اللّون الأحمر من دون رفع أي علم، وهو ما اعتبره هومنتمن استفزازاً جديداً للنادي الأرمني، وتذكيراً بالمذابح التركيّة بحقّ الأرمن، وأيضاً من دون أي تحرّك من اتحاد اللعبة لقطع الطريق على أي خلافات يمكن أن تحصل. ومن الجهة الأخرى يتعرّض لاعبو نادي الرياضي بيروت في كل مرّة يرحلون إلى ملعب مزهر لانتقادات قاسية من جمهور هومنتمن تصل في الكثير من الأحيان إلى حدّ الشتائم، وهو الأمر الذي تعترض عليه إدارة نادي المنارة في كلّ مرّة.
الأزمة هي مع غي مانوكيان الذي دائماً ما يدخل بمواجهات كلاميّة مع مدربين وإداريين وحتى جماهير الأندية الأخرى


وفي هذا الإطار تعتبر مصادر «سلّويّة» أن الأندية لا تشعر باستفزاز من نادي هومنتمن بالتحديد، بل تقف إلى جانبه في استحقاقاته الخارجيّة وهذا ما حصل عندما خاض بطولة العرب وأحرز لَقَبَها، ولكنّ الأزمة هي بين إدارات بعض الأندية ورئيس لجنة كرة السلة في هومنتمن غي مانوكيان، الذي دائماً ما يدخل بمواجهات كلاميّة مع مدربين وإداريين وحتى جماهير الأندية الأخرى. فبعد التراشق الكلامي بينه وبين مدرب نادي الشانفيل غسان سركيس، عقب تصويبه على النادي المتني، دخل مانوكيان بمواجهة مع جمهور النادي الرياضي في مباراة هومنتمن الأخيرة على أرض المنارة، وكذلك الأمر في مباراة هومنتمن والحكمة في ملعب غزير، عندما حَدَث خلاف بينه وبين جماهير الحكمة. ودائماً ما يقوم غي مانوكيان بالإضاءة على موضوع المذبحة الأرمنيّة معتبراً أن باقي الجماهير تستفزّ جمهور هومنتمن بهذا الأمر، وهو ما ترفضه دائماً إدارات الأندية الأخرى وتؤكّد رفضها لهذه الأمور في الملاعب.
توتر كبير تشهده اللعبة هذه الأيّام، لا شكّ أنّه سيأخذ طريقاً تصاعديّاً في حال لم توضع حلول سريعّة، خاصة وأنه من السيناريوهات المتوقّعة في بطولة الرجال، أن يكون هناك إعادة لنهائي الموسم الماضي بين الرياضي وهومنتمن، وعندها تعود "معركة الجماهير" إلى الواجهة مجدداً. كرة السلّة من دون جمهور لا طعم ولا نكهة لها، ولكن ضبط الجمهور وتفعيل عمل روابط الجمهور والأندية مطلوب، لكي لا تنزلق الأمور أكثر خاصّة عندما يأخذ التشجيع طابعاً سياسيّاً.
ومن المفارقات في عالم كرة السلّة اللبنانيّة هي تحوّل الحكمة والرياضي إلى "أحباب" بعد سنوات طويلة من التنافس الشرس، وتحوّل "المعركة الجماهيريّة" إلى رياضي حكمة بمواجهة هومنتمن.



مباراتان حساستان!

مواجهتان من العيار الثقيل ستشهدهما الملاعب اللبنانية يوم غد الأحد، الأولى تجمع سيدات الرياضي مع سيدات هومنتمن في المباراة الثالثة من السلسلة النهائية عند الساعة الثالثة عصراً، وبعدها مباشرةً عند الساعة الخامسة عصراً يستقبل رجال هومنتمن رجال الرياضي في مباراة حسم صدارة المجموعة الأولى قبل الدخول بالمراحل الإقصائية. وأعلنت رابطة جمهور هومنتمن أن الأعلام الأرمنيّة فقط هي التي سترفع في ملعب مزهر، وهذا في ردّ على اللون الأحمر الذي ارتداه جمهور الرياضي في المنارة وأعلام تركيا الموسم الماضي. تحضيرات جماهيرية تبتعد بشكلها عن الرياضة والروح الرياضيّة، ففي الكثير من الأحيان كانت مباريات البطولة تنتهي بإشكالات وكانت المباريات والبطولات تنتهي بالمكاتب وليس على أرض الملعب، ولكن هي المرّة الأولى التي يأخذ التشجيع في لبنان طابعاً سياسيّاً إلى هذا الحد، جعل الكثير من المتابعين للشأن السلّوي يعبرون عن خشيتهم من حضور المباريات في الملاعب، ومن تأخر تحرّك الاتّحاد والإدارات.


سلّة السيّدات مهدّدة

(هيثم الموسوي)

كرة الخلافات تدحرجت من سلّة الرجال إلى سلّة السيّدات، حيث تشهد السلسلة النهائية بين سيدات المنارة وسيدات هومنتمن الكثير من التجذابات. فشهدت المباراة الأولى التي احتضنها ملعب مزهر يوم الأربعاء الماضي وانتهت لصالح صاحبات الأرض (70 - 59)، خلافات كبيرة بين لاعبات الرياضي ولاعبات هومنتمن والجهازين الفنيّين. وقال النادي الرياضي إن أمين سر النادي تمام جارودي وزوجته اللاعبة والإداريّة في فريق السيدات نيلا علم الدين جارودي تعرّضا للاستفزاز من قبل جماهير هومنتمن، كما وجّهت لهما "شتائم وإهانات شخصيّة". وأصدرت الرابطة المركزيّة للنادي الرياضي بيان استنكار قالت فيه إن "نادي هومنتمن تخطى كل الحدود والخطوط الحمر"، وأسفت لأنّ الأمور "وصلت لحد شتم لاعبتي الرياضي لما مقدم وعايدة باخوس، ولمحاولة التهجم على تمام جارودي الذي فقد أعصابه جرّاء الشتائم المتكررة لزوجته، عدا عن الحركات الاستفزازية التي أصرّ جمهور نادي الهومنتمن على افتعالها خلال ٤٠ دقيقة". كما طالبت رابطة النادي الرياضي نادي هومنتمن بالاعتذار عن ما حصل في المباراة الأولى. وردّت إدارة هومنتمن على بيان رابطة الرياضي معتبرة أن الجهاز الفنّي لنادي المنارة حاول افتعال المشاكل في مزهر لتوقيف المباراة بعد أن حسمت المباراة باكراً.
وعلى قاعدة ألتراس بمواجهة ألتراس، أصدرت رابطة جماهير هومنتمن بياناً "حذّرت" فيه جماهير الرياضي من استفزاز لاعبات هومنتمن في مباريات السلسلة النهائية التي تقام على أرض الرياضي بيروت، وجاء في البيان "سنعاملكم بالمثل لا بل أكثر من ذلك، سنردّ الصاع صاعين احذروا من ردّنا المزلزل. لا تنستوا أن العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم". وأعلنت رابطة جمهور هومنتمن أنّه من اليوم وصاعداً الأعلام الأرمنيّة هي التي سترفع على مدرجات ملعب مزهر في مباريات الرياضي - رجال ونساء-.
وعلى الرغم هذه الاشتباكات الميدانيّة المحدودة داخل الملعب، والاشتباكات الافتراضيّة الحامية على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يستنفر الاتحاد اللبناني لكرة السلّة طاقاته لمنع انزلاق الأمور أكثر، واكتفى خلال جلسة الخميس بإصدار قرار يقضي بالسماح للجمهور المُضيف فقط بحضور المباريات المتبقّية من السلسلة النهائية بين الهومنتمن والرياضي - سيّدات.
وبين هذا وذاك وقف ألتراس نادي الحكمة إلى جانب غريمه التاريخي النادي الرياضي، وأصدرت رابطة جمهور الحكمة بيان دعم للنادي الرياضي، وصوّبت في بيانها على مدير الكرة في نادي هومنتمن غي مانوكيان، معتبرةً أنّه بتصرفاته يسيء لكرة السلّة اللبنانية وأنّ "عقدته" بعدم إحراز بطولة لبنان تجعله يتصرّف بطريقة غير مقبولة تؤثر على صورة كرة السلّة في لبنان، خاصة أنّ دوري السيدات يشهد مستوى كبيراً فنيّاً.