خال كثيرون أن من يلعب هو المنتخب الإيطالي بما اشتهر فيه من حماسة يُعبَّر عنها بالـ«غرينتا»
بالنسبة لروما، فإن هذا الفريق أكد أن لا مستحيل مع الكرة مهما كانت الظروف والصعوبات. قبل كل شيء، انتصر «جيالوروسي» للكرة الإيطالية التي تعاني ما تعانيه في السنوات الأخيرة والتي استُبعدت من حسابات الكثيرين بعد السقاطات الكثيرة على مستوى الأندية والمنتخب. أثبت «الذئاب» أن إيطاليا لا تزال رغم الصعاب قادرة على أن تقول كلمتها. أول من أمس، خال كثيرون، للوهلة الأولى، أن من يلعب هو المنتخب الإيطالي بما اشتهر فيه من حماسة وتصميم للفوز وقتالية في الأداء يُعبَّر عنها بالـ «غرينتا» الشهيرة. كان جميع اللاعبين نجوماً وأبطالاً على أرض الملعب وسط ترابط الخطوط وانسجامها وجماعية في الأداء قلّ نظيرها. الدفاع كان قوياً، والوسط كان قتالياً، والهجوم كان فعالاً. ليس قليلاً أن «البرسا» لم يتمكن من صناعة فرصة خطرة واحدة على مرمى البرازيلي أليسون طيلة 90 دقيقة، وأن ميسي بدا تائهاً في عاصمة الطليان وحتى أنه اضطر، من المرات النادرة، للتراجع وأداء الواجب الدفاعي لتخفيف الضغط عن منطقته والذي مارسه لاعبو روما، دون كلل أو تعب، منذ صافرة البداية وحتى النهاية.
لكن، بالدرجة الأولى، يجدر التوقّف عند مدرب الفريق أوزيبيو دي فرانشيسكو الذي برع في إدارة المباراة وقيادة فريقه للفوز. تفوّق هذا المدرب تكتيكياً على نحو تام على نظيره الإسباني إرنستو فالفيردي. التفوّق كان بداية من تغيير خطته إلى 3-5-2 حيث عمد إلى الاختراق من الجانبين الأيمن والأيسر عبر أليساندرو فلورينزي والصربي ألكسندر كولاروف اللذين حوّلا جانبَي منطقة «البرسا» حيث البرتغالي نيلسون سيميدو وجوردي ألبا إلى «شوارع» مع الاعتماد على الكرات العرضية التي شكّلت خطورة في الألعاب الهوائية للتشيكي باتريك شيك وتحديداً البوسني إيدين دزيكو الذي أرهق دفاع «البرسا» بتحركاته وتسلمه المميز للكرة وترجم ذلك بتسجيله هدفاً وتسببه بركلة جزاء، هذا فضلاً عن اعتماد التسديدات التي وصل عددها إلى 16 بينها 10 في الشوط الأول وهذا ما لم يواجهه برشلونة سابقاً.
دي فرانيشسكو لم ينجح فقط في خطته، بل في تبديلاته الصائبة وفي وقتها المناسب بالإضافة إلى طريقة تحفيزه لاعبيه كما بدا في حماسته أثناء المباراة وتحديداً في دقائقها الأخيرة. الثلاثاء، كنا أمام «اكتشاف» لمدرب إيطالي يُتوقّع أن يكون له شأن مستقبلاً. من مكاسب فوز روما أيضاً والذي يتخطى وجوده في نصف النهائي تقديمه جرعة معنوية للكرة الإيطالية تبدو بأمسّ الحاجة إليها في مسعاها للنهوض مجدداً.
في المقابل، كان أداء لاعبي برشلونة غريباً وغير متوقّع وضعيفاً جداً. بدا هؤلاء عاجزين وتائهين وغير قادرين على مجاراة قوة منافسيهم. لم يتمكنوا من رد الفعل بل كانوا طيلة الوقت ينتظرون لاعبي «جيالوروسي» في منطقتهم، وهذا في الحقيقة سببه تفوّق أسلوب دي فرانشيسكو بالضغط العالي والذي لم يحرّك له فالفيردي ساكناً ولم يجد له حلاً. وبالحديث عن فالفيردي، كان إقراره بعد المباراة بمسؤوليته عن الخسارة أقلّ ما يجب أن يقوله. هذا المدرب فشل فشلاً ذريعاً في إدارته للقاء. لم ينجح في طريقة اللعب والأهم في تبديلاته إذ لم يتنبّه مثلاً إلى أن سيميدو تحديداً كان نقطة ضعف واضحة، حيث تأخر بإخراجه بعد تلقّي الهدف الثالث إذ كان ضرورياً استبداله قبل حتى تلقّي الهدف الثاني وإرجاع سيرجي روبرتو إلى مركزه وإقحام البرازيلي باولينيو في وسط الملعب لتدعيمه بعد أن سيطر عليه روما. بالتأكيد سيُسأل كثيراً فالفيردي عما حصل في تلك الأمسية.
هو يوم، لا شك، للتاريخ عاشه «الذئاب» تُقابله خيبة ما بعدها خيبة لبرشلونة الذي فشل للعام الثالث على التوالي في تخطي ربع النهائي، وهو مطالب بقراءة متمعّنة لهذه الهزيمة وإعادة حساباته. إنها الـ«ريمونتادا» بكلّ تجلياتها حققها «جيالوروسي» الثلاثاء. لا فلنقل، بالأصح، إنها الـ «رومانتادا» كما عنونت العديد من الصحف الأوروبية أمس. استحقها روما تماماً... Grande Roma.