البداية كانت أسرع من المتوقع. فكان الانتقاد الأول للأداء التحكيمي مع إنطلاق الموسم بمباراة كأس السوبر بين العهد والأنصار، حين خرج رئيس «الأخضر»، نبيل بدر، بتصريح «طائفي». كان هذا «أول الغيث». قال بدر: «إن تعيين الحكام غالباً ما يكون من لونٍ واحد». والمعنى مفهوم لبنانياً، هذا اللون، ليس فوسفورياً، ولا بنفسجياً. هذه طريقة «لبنانية» للالتفاف على التحدث طائفياً بصورةٍ علنية، خصوصاً عندما شرح بدر «رأيه» بطوائف الحكام وانتماءاتهم: «سكنهم يقع ضمن منطقة جمهورها يشجع العهد أو النجمة، ما يضعهم تحت الضغط». المفارقة أن هذا هو السبب الذي جعل المرّشح عن أحد المقاعد النيابية، بأن «يفقد الثقة بالجهاز التحكيمي والاتحاد اللبناني لكرة القدم». حينها، كان يجب على اتحاد اللعبة إيقاف بدر، لتكون الرسالة واضحة، بأن الحكم اللبناني محمي، وأنه لا يحق لأي كان توجيه الاتهامات عشوائياً لهم عند كل إخفاق، إلا أن المسؤولين، اكتفوا بإنذار «الرئيس»، أو المرّشح الحالي للانتخابات.بعدها جاءت مباراة افتتاح بطولة الدوري بمباراة النجمة والعهد. احتسب الحكم حسين أبو يحيى ركلة جزاء للنجمة، تبين بعد المباراة أنها غير صحيحة. وقتذاك بدا أن لجنة الحكام «استعجلت» عدم الاعتماد على الحكام المحليين في المباريات الحساسة. هكذا، لم يقُد أي حكم لبناني مباراة بين الثلاثي النجمة والعهد والأنصار، باستثناء إدارة الحكم محمد درويش الذي اختير لإدارة مباراة العهد والأنصار في مرحلة الذهاب. وبعد اختتام الأسابيع الـ11 الأولى، بدأت المرحلة الأكثر جدية. قاد الحكام الأجانب 20 مباراة مقابل 6 في ذهاب البطولة. وهذا أمرٌ يدل على الثقة المفقودة بالحكم اللبناني في المباريات الحساسة، إذ تولّوا قيادة المباريات الأقل أهمية، وحضر بعضهم في الدرجة الثانية. بمعنى ما، هذا يعكس «أمزجة» غير بعيدة إطلاقاً، وإن كانت مختلفة في التوجه وفي الحسابات، عن مزاجات تصريح رئيس الأنصار، عن «ألوان» الحكام!
الحكام من الخارج «بلا ألوان». فلنستعرض ما جاء في الدوري. 16 حكماً أجنبياً قادوا 24 مباراة في الدوري. ثمانية من هؤلاء الحكام جاؤوا من قبرص، حيث يوجد أربعة حكام ساحة دوليون حالياً، بحسب موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، وهم كريستوفي تيموثيوس وديميتري فاسيليس وماثياس ديميتريوس وتراتو ليوغيوس. جميعهم قادوا مباريات في الدوري اللبناني هذا الموسم. المفاجئ هو وجود ثلاثة حكام آخرين، لم يُديروا أي لقاء دولي أو مباريات خارج بلادهم، أقله في السنتين الأخيرتين! الأمر الذي يطرح أسئلة حول كفاءة هؤلاء، في ظل وجود حكام لبنانيين يحملون الشارة الدولية ويقودون مباريات في مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي. نيكولاس نيوكليوس، الذي قاد لقاء الراسينغ والشباب العربي في الأسبوع 19، هو أحد هؤلاء. فالحكم الذي أشهر البطاقة الصفراء ثماني مرات خلال المباراة، لم يقد أي لقاء خارج قبرص، قبل أن يُدير مباراة دولية بين منتخب بلاده للشباب ومنتخب فنلندا في 25 آذار الماضي. كذلك، مواطنه كوستاس بسيوفيوتيس، الذي قاد مباراة الصفاء والنجمة في الأسبوع 19 أيضاً، لم يسبق له أن أدار أي مباراة خارج بلاده، فيما غاب يانيس أناستاسيو، حكم لقاء العهد والسلام زغرتا، عن أي مباراة دولية منذ آذار 2014. الأغرب، هو قيادة الحكم ليونتيوس تراتو لمباراة الأنصار والصفاء في ذهاب الدوري. هذا الأخير، على رغم مسيرته الدولية الكبيرة، إلا أنه يبلغ من العمر 45 سنة، أي أنه وصل إلى الحد الأقصى لحمل الشارة الدولية! حتى لو كان البعض من هؤلاء مؤهلين لقيادة مباريات صعبة في دوري «هواة»، هل المعقول أن يكونوا جميعهم أفضل من الحكام اللبنانيين؟
بعض الحكام القبارصة الذين جلبهم الاتحاد اللبناني لم يديروا أي مباراة في بلادهم منذ وقتٍ طويل


مشكلة «الثقة» هذه لم تأت من العدم. فنحن في لبنان. وأسباب عدم الثقة «واضحة». أبرزها الأخطاء المؤثرة أحياناً. وطبعاً لا علاقة لذلك بـ«ألوان» الحكام وطوائفهم والكلام المعيب الذي يريد البعض زجه في اللعبة. ما له علاقة، هو، بالدرجة الأولى، النقد الدائم من قبل إدارات الأندية للحكام. فهؤلاء «يستسهلون» اتهام الحكام. وكل ما يحتاجون إليه هو تلفزيون لمشاهدة الدوريات الأوروبية الكبيرة، والتأكد أن «الأخطاء بشرية» وضمن حدود معينة، تحدث في كل العالم. لا يوجد شيء اسمه «مؤامرة» دائماً. ويجب ألا ننسى، الحماية المفقودة من قبل اتحاد اللعبة للحكم. وكذلك، التاريخ. مباريات كثيرة حملت معها قرارات تحكيمية صبّت في مصلحة فريق على حساب آخر على نحوٍ يصعب القول إنه لم يكن متعمداً. وهذا أمر يصعُب على المشجع اللبناني نسيانه، فتبقى نظيرة «المؤامرة» مطبوعة في ذهنه. كما يشجعه على الانتقاد «عالطالعة والنازلة». تصريحات إداريي الأندية، والمؤتمرات الصحافية التي يُطلقونها، والبيانات التي يُهاجَم فيها الأداء التحكيمي، مسألة عادية في لبنان. وهنا يقع اللوم على اتحاد اللعبة، الذي يسمح بالتطاول على الحكم ولا يحميه، وإن تحرّك، يكتفي بالإنذار. من جانب آخر، لا تعني كثرة الأخطاء أن الحكم ليس قادراً على قيادة المباريات. فالحكم، كاللاعب، يحتاج إلى التمرين اليومي وإلى إشراف مدربين وإلى نظامٍ غذائي، وغيرها من الحاجات «البديهية» في حياة كل رياضي. هذه الأمور يفتقدها الحكم اللبناني، الذي يمنحه الاتحاد يوماً للتدريب، ولا يُخصص له مدربين مساعدين، ولا مُشرفين على أدائه، فيفقد اللياقة البدنية اللائقة، ولا يتقدم مستواه، وتكون محاسبته بإيقافه، بدلاً من العمل على أخطائه. ثم في نهاية الأمر، نحضر الحكام، من دولة «متقدمة» في كرة القدم: قبرص!



الأكثر قيادة
قاد الحكم الدولي محمد درويش العدد الأكبر من المباريات في الدوري هذا الموسم، بمجموع 19 مباراة، متفوقاً على الحكم الدولي هادي سلامي بفارق مباراتين. واحتسب درويش 58 بطاقة صفراء وبطاقة حمراء واحدة، إضافة إلى خمس ركلات جزاء.

الأجنبي الأول
أدار الحكم الأردني أحمد يعقوب العدد الأكبر من المباريات من بين الحكام الأجانب الـ16 هذا الموسم، وعددها 5. أشهر البطاقة الصفراء تسع مرات والحمراء مرتين، محتسباً ركلتي جزاء. ويأتي مواطنه مراد الزواهرة في المركز الثاني بقيادة ثلاث مباريات.

الوجه الجديد
قاد الحكم ماهر العلي ثماني مباريات في الدرجة الأولى هذا الموسم للمرة الأولى. أشهر البطاقة الصفراء 23 مرة واحتفظ بنظيرتها الحمراء، فيما احتسب خمس ركلات جزاء. وقاد الحكمان الاتحاديان أحمد سعيفان وأحمد علاء الدين مباراة واحدة في البطولة.

الأكثر صرامة
أشهر الحكم الدولي جميل رمضان 62 بطاقة صفراء خلال 16 مباراة قادها، كما رفع البطاقة الحمراء مرة واحدة. وكان لاعبو التضامن صور الأكثر نيلاً للإنذارات تحت قيادته، فأشهر لهم 18 بطاقة. كما احتسب ثماني ركلات جزاء، أكثر من أي حكم آخر.

اللون الأحمر
رفع الحكم الدولي حسين أبو يحيى البطاقة الحمراء أربع مرات، أكثر من أي حكم آخر. كما أشهر البطاقة الصفراء 45 مرة، أكثرها للاعبي الأنصار (8) وأقلها للنجمة (1)، فيما نال لاعبو العهد أربع بطاقات ملونة تحت قيادته خلال أربع مباريات.


القرارات التحكيمية: هل تغيّر الترتيب؟
يكثُر الحديث في الشارع الكروي عن تغيير في مراكز بعض الفرق في ترتيب الدوري، بسبب فوزهم بنقطة أو ثلاث، أو العكس، بسبب خطأٍ تحكيمي. في الحقيقة، هذا الأمر يُعدُّ مستحيلاً. فاحتساب الحكم لركلة جزاء غير صحيحة في بداية المباراة، وانتهائها بالتعادل، لا يعني بالضرورة أن الفريق الذي نال ركلة الجزاء ظفر بنقطة غير مستحقة، لأن هدفه غيّر مجرى المباراة، وبالتالي كان من الممكن أن يسجل أكثر من هدف لولا ركلة الجزاء غير الصحيحة، أو أن ينتهي اللقاء بتعادل سلبي لولا الخطأ. الأمر عينه ينسحب على هدف غير صحيح والعكس. سيناريوات كثيرة قد تتغير. ولكن الأصح، أن جميع الفريق استفادت وتضررت من الأخطاء التحكيمية.


التمييز ضدّ الحكم اللبناني

الأجانب
4 حكام
6 ملايين

3 حكام
5 ملايين و600 ألف

المحليون
حكم أساسي
100 ألف ليرة
حكم مساعد
200 ألف ليرة
حكم رابع
150 ألف ليرة

500 ألف أجرة مراقبين
مراقب أبواب
مراقب مباراة
مراقب حكام