إنه ابن أحد العاملين في بناء السفن في غلاسكو. وصل الى يونايتد وسمعته تسبقه: شخص منضبط، محنك، ومتمكن من كرة القدم. هكذا تولى فيرغسون تدريب مانشستر يونايتد في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر 1986 في ظل سيطرة شبه كامله للغريم التقليدي ليفربول على زعامة الكرة الإنكليزية. لكنه نجح تدريجياً في قلب المعادلة لمصلحة يونايتد، ليصبح الأخير حامل العدد الأكبر من الألقاب عندما تركه عام 2013، إضافة إلى جعله قوة تجارية ومالية كبيرة مع قاعدة هائلة من المشجعين الموزعين في مختلف دول العالم. ليس شخصاً عادياً. بهذه الكلمات، التي تبدو عادية، للوهلة الأولى، علّق معظم المتابعين الرياضيين، على أزمة المدرب الاسكوتلندي أليكس فيرغسون.
امتدت مسيرته بين عامي 1986 و2013

ورغم أن الرجل الأسطوري في مانشستر، لا يزال راقداً في العناية الفائقة منذ السبت إثر عملية جراحية لمعالجة نزف في الدماغ، إلا أن ردود الفعل لا تزال تتوالى دعماً له. أمس، أصدر مانشستر يونايتد بياناً شكر فيه المتضامنين، لكنه لم يتحدث عن الوضع الصحي للسير، ما أثار قلق الكثير من محبيه. ومحبوه كثر في أي حال. فالرجل يعدّ أنجح مدرب في تاريخ كرة القدم الإنكليزية، وأحرز مع «الشياطين الحمر» 38 لقباً مهماً، منها 13 في الدوري الممتاز ودوري أبطال أوروبا مرتين، في مسيرة امتدت بين عامي 1986 و2013. وفي بيانه، أعلن النادي الشمالي العريق السبت أن مدربه السابق «خضع لعملية جراحية في المخ جراء إصابته بنزف دماغي»، موضحاً أن «كل شيء سار على ما يرام» وأن فيرغسون «بحاجة إلى البقاء بعض الوقت في العناية المشددة من أجل زيادة فرص شفائه»، طالباً من الجميع احترام «خصوصية عائلته».
أحرز 38 لقباً منها 13 في الدوري الممتاز ودوري أبطال أوروبا مرتين


سبق لفيرغسون أن أدخل المستشفى عام 2003 بسبب مشكلة في القلب، لكنها لم تكن حالة حرجة كما هي الآن. وكان فيرغسون قد أدخل صباح السبت إلى مستشفى ماكليسفيلد الصغير بالقرب من منزله في تشيدل، ثم جرى نقله الى مستشفى سالفورد رويال في مانشستر بمرافقة من الشرطة. وبحسب المعطيات الطبية، يحصل النزف الدماغي عادة بتمزق أحد شرايين الدماغ، في حادث قد ينجم عن سكتة دماغية، أو تلقي ضربة قوية على الرأس جراء سقوط أو حادث. ويتطلب النزف علاجاً سريعاً، وقد يحتاج الى إجراء عملية جراحية، كما في حالة فيرغسون، وهذا ما حدث فعلاً، حيث عمل الأطباءعلى سحب الدم لتفادي تسببه بضغط إضافي على الدماغ، ما قد يؤدي الى وقوع أضرار دائمة، وصولاً إلى احتمال الوفاة. وأمل القائد السابق لمانشستر براين روبسون أن يكون النزف قد عولج في وقت مبكر، قائلاً «آمل أن يكونوا (الأطباء) قد اكتشفوا النزف الدماغي مبكراً لئلا يتأثر (فيرغسون) بأضرار دائمة».
وبالفعل، هذا هو كل ما يشغل محبّي المدرب الكبير اليوم: نجاته فقط، وعودته إلى مدرجات الملعب، حيث سيراقب من بعيد، تراجع «الأحلام» في «مسرح الأحلام»، بعد رحيله.



لحظات مع السير

المعلّم بلا منازع


قال فينغر الأحد بعد المباراة ضد بيرنلي، وهي الأخيرة له على ملعب فريقه استاد الإمارات، «كنت معه على أرضية الملعب الأسبوع الماضي. ثم التقينا بعد المباراة وبدا لي في صحة جيدة»، مضيفاً: «قال لي إنه يجري الكثير من التمارين، وبدا سعيداً، إلا أن هذا النوع من الحوادث قد يحصل. أتمنى له الشفاء العاجل والتعافي بسرعة. إنه رجل قوي ومتفائل». وكان لسان حال غوارديولا مماثلاً لفينغر الأحد، بعد احتفاله رسمياً بتتويج فريقه مانشستر سيتي بطلاً للدوري الإنكليزي الممتاز بعد مباراته ضد هاردسفيلد، في وقت يعاني فيه يونايتد من تراجع كبير. وقال الإسباني معلقاً: «من بين جميع مشجعي مانشستر سيتي في الملعب، لا يمكن أن تجد واحداً لا يتمنى الأفضل لشخص رائع»، كما أشار: «كنت سعيداً بتناول العشاء معه قبل أسبوعين، وآمل أن يتعافى بأسرع وقت ممكن». أما الإيطالي أنطونيو كونتي الذي قاد تشلسي الى لقب الدوري الإنكليزي الموسم الماضي، فقال «سنحت لي الفرصة للتعرف إليه وإلى زوجته. هو شخص مميز وليس شخصاً عادياً»، أما يورغن كلوب، مدرب ليفربول، فقد وصفه بأنه «المعلم بلا منازع». ونشر يونايتد كذلك بياناً تضمن أبرز ما أدلى به لاعبوه الحاليون والسابقون، ومنهم الفرنسي الشهير إيريك كونتونا الذي دافع عن ألوان النادي في التسعينيات من القرن الماضي. وقال كونتونا متوجهاً إلى مدربه السابق «كل أفكاري، كل طاقتي، كل دقائقي والثواني، هي معك».

كريستيانو رونالدو مخاطباً صانعه: صديقي العزيز


نشر نجم ريال مدريد الإسباني، البرتغالي كريستيانو رونالدو عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة تجمعه بفيرغسون، مرفقاً إياها بتعليق جاء فيه «أفكاري وصلواتي معك يا صديقي العزيز، كن قوياً». وبرز رونالدو بداية في صفوف يونايتد الذي انضم إليه عام 2003 قادماً من سبورتينغ البرتغالي، قبل الانتقال الى ريال مدريد الإسباني في 2009. وبقيت العلاقة وثيقة بين فيرغسون ورونالدو الذي قال في تصريحات سابقة إن المدرب كان بمثابة «والد» بالنسبة إليه في عالم كرة القدم. وعندما سجّل رونالدو هدفاً مهماً في الكلاسيكو لم يحتفل، وبدت عليه علامات الحزن، حيث شرح لاحقاً أنه حزين جداً على «الحالة الصحية للرجل الذي علّمه كرة القدم». وكان نادي ميلان الإيطالي قد أصدر بياناً أعرب فيه عن تمنياته «بالشفاء الكامل والسريع» للمدرب الكبير».

صغار فيرغي والحزن الكثير


لم يرحم المدرب الاسكتلندي أحداً عندما كان الأمر يتعلق بالانضباط، وتردد في الصحافة الإنكليزية أنه قام مراراً بالتأكد شخصياً من أين يمضي لاعبوه سهراتهم، كما توترت علاقته مع أولئك الذين أحبوا الأضواء وأحبتهم، ولا سيما النجم الأشقر بيكهام الذي تزوج المغنية المعروفة فيكتوريا أدامز. وقبل رحيل بيكهام الى ريال مدريد الإسباني في 2007، بدت العلاقة المتوترة بينه وبين المدرب ظاهرة فوق عينه، عبر جرح ناجم عن قيام فيرغسون الغاضب بركل حذاء في غرفة تبديل الملابس، أصاب القائد السابق لمنتخب إنكلترا في جبينه. رغم ذلك، كان بيكهام السبت من أول من تمنوا الشفاء السريع لفيرغسون بعد الأنباء عن خضوعه للعملية الجراحية. وبيكهام، يشكل مع الويلزي ريان غيغز، بول سكولز، نيكي بات، غاري وفيل نيفيل، إلى جانب أسماء أخرى ما عرف بالـ«الجيل الذهبي» لمانشستر يونايتد، وهم انضموا الى الفريق الأول في بداية أعمارهم، وأطلق عليهم لقب «فراخ فيرغي»، الا أن هؤلاء (أو غالبيتهم) هم الذين أحرزوا لقب بطولة إنكلترا للمرة الأولى في موسم 1992 ــ 1993 بعد انتظار منذ عام 1967، وجعلوا النادي حامل أول لقب لـ«الدوري الإنكليزي الممتاز».