نزيه فضل حاجو، مواليد صور في 1 أيار 1952. اسمٌ قد يكون عادياً لكثير من الأشخاص ولا يثير انتباههم. لكن حين تقول «أبو عضل» فالأمر يختلف كثيراً. هو رمزٌ من رموز لعبة كرة القدم في الشياح. لا تجد مشكلة في الوصول إلى دكانه في مارون مسك، يكفي أن تسأل ملعب «أبو عضل» أين فيأتيك الجواب سريعاً حتى لو طرحته على شخصٍ قرب كنيسة مار مخايل، تخيّلوا؟ على رغم التماس والحروب، «أبو عضل» عبر قلوب الكثيرين.
موسى حجيج هو أحد أبرز اللاعبين الذين لعبوا على ملعب أبو عضل

عندما تسأل عن «أبو عضل» فأنت تسأل عن شخص حملت المنطقة اسمه منذ أواخر السبعينات حين أسس نادي الإيمان و«احتل» قطعة أرض في مارون مسك. هكذا حوّلها أبو عضل إلى ملعب رملي خرّج عشرات اللاعبين واحتضن مئات المباريات تحت أعين آلاف من محبي اللعبة كانوا يتجمعون على ملعبٍ حمل اسمه لمتابعة الدورات الشعبية التي كان ينظمها خلال الحرب. ولقبه «أبو عضل» لأنه كان بطل لبنان في كمال الأجسام حيث تدرّب في نادي الصحة والقوة مع المدرب الشهير مليح عليوان قبل أن يهجر اللعبة لأن لا أفق لها. وفي هذه الأجواء، انتقل إلى كرة القدم انطلاقاً من حبه الكبير للعبة في شكل عام وللنجمة بخاصة. عشق اللعبة جعله يدفع من جيبه الخاص «لكن طلعت بلّوشي. لا أملك بيتاً وأعيش بالإيجار من مدخول دكان سمانة بسيط خالٍ من البضائع كما ترى»، يقول بحرقة.
هذا الدكان أسماه «سمانة مهدي». لاحقاً تعلم أنه اسم نجله الذي مات بمرض السرطان عن عمر يناهز السبع عشرة سنة قبل ثمانية أعوام. هذه الفاجعة قطعت كل صلة له مع الملاعب التي لم يعد يرتادها.
قصته مع كرة القدم انتهت حين استرجع أصحاب الأرض من آل القارح من عين الرمانة أرضهم وباعوها إلى أشخاص من آل مهدي. هؤلاء حوّلوها إلى ملاعب مفروشة بالعشب الصناعي والتي أصبحت شائعة في لبنان، ومعها انتهت حكاية «أبو عضل». حاول الرجل الستيني العمل في مناطق أخرى لكن لم ينجح. فالشياح لها خصوصيتها وهي منبع الاعبين. كثيرون مرّوا من ملعب «أبو عضل». أسماء أصبحت نجوماً كالحارس وسام كنج، حسين خليل، عادل هيدوس، موسى حجيج، عصام بلوق، علي قبيسي، سليم حمزة وغيرهم من اللاعبين.
هؤلاء لعبوا في الدورات التي كانت تقام عقب انتهاء الدوري ويشارك فيها نخبة اللاعبين اللبنانيين والأجانب. الترينيدادي دايفيد ناكيد مرّ من هناك. السوداني مجدي كسلا والمصريان حمادة عبد اللطيف وهشام إبراهيم أيضاً. العراقي أحمد راضي أيضاً لعب في الشياح. وفي ظلّ استقطابه للمواهب، تحوّل «أبو عضل» إلى رافدٍ للأندية اللبنانية من الحكمة إلى الصفاء والنجمة والأنصار والتضامن بيروت... «كل هؤلاء أعطيتهم لاعبين لكن أتحدى أن يقول أي شخص أني تقاضيت ليرة واحدة. عملت مصاري كتير لكن صرفتها على اللاعبين».
قصة «أبو عضل» مع كرة القدم ليست محصورة بملعبه، فهو عمل مع اتحاد اللعبة لعشر سنوات في المنتخبات كمسؤول تجهيزات «أيام الأستاذ رهيف علامة. هو من صنع كرة القدم وأنا أحبه على رغم أنني اختلفت معه عام 1990. حينها كنت أريد أن أسافر مع منتخب لبنان إلى الكويت للمشاركة في دورة الصداقة والسلام. لكن علامة أرسل شخصاً آخر. ومن ذلك الحين تركت المنتخبات». وعلى رغم ابتعاده عن الملاعب إلا أن «أبو عضل» ما زال يتابع بعض المباريات عبر التلفزيون. يتابع على طريقته: «حضرت العهد والسلام زغرتا قبل يومين. العهد ممتازون. حضرت كمان نجمة ــ أنصار. النجمة كانوا سيئين بيستاهلو يخسروا أربعة. مشكلتهم في العصابات والمحسوبيات والكومبينات». أبو عضل هو أبو عضل، يتحدث بعفوية، ويقول الأشياء كما يراها.
تسأله عن منتخب لبنان ليفاجئك أنه لا يتابعه بتاتاً. «لا يوجد منتخب بعد منتخب 1988 حينها فزنا على السعودية وتعادلنا مع العراق. كان هناك عمالقة ليس كلاعبي النيدو والتاترا اليوم». لديه خمسة أولاد أربعة شبان وفتاة إضافة إلى المرحوم مهدي. لم يذهب منهم سوى ابنه أحمد إلى اللعبة كلاعب في الأندية. تنقّل بين الحكمة وهومنمن والشباب العربي والشباب مجدل عنجر. قد يكون سبب عدم تشجيع «أبو عضل» أبناءه هو ندمه على كل هذه السنوات التي أهدرها في اللعبة ويأسه من السلطات التي تتحكم بها... «ضحّيت ولم أجد أحداً إلى جانبي. لا أحد يهتم بي وتمنيت لو أن فريقاً أو جهة كرّمتني. في لبنان اللعبة للأقوياء والمحسوبيات. لا مكان للضعفاء فيها».