تقع مونتيفديو على ضفاف «ريو دي لا بلاتا»، الشاهد على معارك عنيفة بين بحرية الحلفاء وأساطيل دول المحور خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من أنّ هذا النهر ابتلع قنابل العدو وأجساد الجنود، إلا أنّه عُرف باسم النهر «الذي تعيش فيه الطيور الملونة»، نسبةً إلى الطيور التي عاشت بالقرب منه. ومن هنا أتت تسمية الأوروغواي. رغم شهرة البلد سياحياً، إلا أنّ كثراً قد يجهلون التاريخ الكروي الحافل للمنتخب الأوروغواياني. قد يخفى عنهم أنّ الأوروغواي تمتلك عراقة كروية مصبوغة بلون السماء. يحكى أنّ مهاجرين إنكليز هم أول من عرّفوا شعب الأوروغواي بكرة القدم في القرن التاسع عشر، ليتأسس لاحقاً أول فريق أوروغواياني لكرة القدم في العاصمة مونتيفديو، على يد أستاذ إنكليزي في إحدى المدارس. في مطلع القرن العشرين، أبصر الاتحاد الأوروغواياني لكرة القدم النور، بعدما أسهمت جولات الأندية الإنكليزية في أميركا الجنوبية بانتشار اللعبة في الأوروغواي.يُعَدّ منتخب الأوروغواي واحداً من أقوى المنتخبات في قارة أميركا الجنوبية وفي العالم، وهو المنتخب الأكثر نجاحاً على صعيد بطولة كوبا أميركا، بعدما حقق سيّد هذه البطولة اللقب 15 مرة من أصل 42 مشاركة، أولها عام 1916، وآخرها عام 2011. بعدها تمكن الـ«لا سيليستي» من فرض حضورهم في دورة الألعاب الأولمبية، فكانوا أول فريق من أميركا الجنوبية يشارك في البطولة عام 1924. فازت الأوروغواي حينها في كل مبارياتها، لتحقق الميدالية الذهبية. في الدورة الصيفية التالية عام 1928، احتفظ المنتخب باللقب الذهبي بعد الفوز على «راقصي التانغو». والتانغو، في الأصل، محط نزاع بين الأوروغواي والأرجنتين، إذ يتهم شعب الأول الأرجنتينيين بأنهم «سرقوا» التانغو منهم، إلا أن ذلك يبقى في معرض الاتهامات. البحث التاريخي قد يوصل إلى خلاصات مختلفة.
في «تانغو» الكرة، الأوروغواي يقارع الأرجنتين ويقارع الجميع، من الناحية التاريخية. مشاركات المنتخب في كأس العالم كثيرة. ظهرت الأوروغواي 12 مرة في البطولة وفازت بها مرتين، الأولى عام 1930 بعد الفوز على منتخب الأرجنتين، لتصبح بذلك أول منتخب يحقق بطولة كأس العالم التي أقيمت وقتئذٍ على أرضها، أما المرة الثانية فكانت عام 1950 على حساب البرازيل. سواريز وكافاني وريثان لسلسلة طويلة من الأجداد. لكن لم تكمل الأوروغواي مسيرة النجاح في هذه البطولة، إذ تراجع مستوى الفريق وفشل في التأهل لنهائيات كأس العالم في خمس مناسبات من أصل تسع مسابقات سابقة. واجهت الأوروغواي العديد من المشاكل الفنية خلال مشوار التصفيات لكأس العالم في الألفية الجديدة، إلا أنّ المنتخب شهد تطورات كبيرة في المراحل اللاحقة، لتبدأ عملية ضخ دماء جديدة بين صفوف اللاعبين. أسماء جديدة شرعت بالبروز. لويس سواريز، إدينسون كافاني، دييغو فورلان والكثير غيرهم، حضروا لإكمال المسيرة الذهبية لنجوم الأوروغواي القدامى. أحدثت الوجوه الجديدة نقلة نوعية في نتائج المنتخب، ليعود توهّج الـ«لاسيليستي» ويحققوا المركز الرابع في كأس العالم 2010.
لعلّ أبرز ما يذكره عشاق كرة القدم لدى مشاركة الأوروغواي في كأس العالم 2014، ما قام به المهاجم لويس سواريز، عندما عضّ المدافع الإيطالي جورجيو كيليني. تصرّف متهور كلّف سواريز الإيقاف أربعة أشهر، حُرم خلالها المشاركة في أي نشاط متعلق بكرة القدم، ومُنِع من المشاركة في تسع مباريات مع منتخب الأوروغواي، لتصنف عقوبته كأقسى عقوبة يفرضها الاتحاد الدولي على لاعب مشارك في تاريخ نهائيات كأس العالم. على مستوى البطولات، يحمل المنتخب رقماً قياسياً عالمياً لأكبر عدد من الألقاب دولية، إذ حصدت الأوروغواي 20 لقب رسمي في جميع البطولات الرسمية القارية والعالمية التي شارك فيها المنتخب. فهل تشهد شوارع العاصمة مونتيفديو الاحتفالات فرحاً بلقب عالمي جديد؟


أكبر خسارة في تاريخ الأوروغواي كانت عام 1902 أمام المنتخب الأرجنتيني الذي فاز بنتيجة 6-0
أكبر فوز حققه المنتخب كان عام 1927 عندما فاز بنتيجة 9-0 على منتخب بوليفيا
أعلى تصنيف للمنتخب كان عام 2012 عندما جاء في المرتبة الثانية
أقل ترتيب في تاريخ المنتخب كان عام 1998 عندما جاء في المركز 76
يوجد منتخب الأوروغواي حالياً في المركز الـ 22 كأفضل منتخب حسب تصنيف الفيفا


أبرز اللاعبين

دييغو فورلان


على الرغم من أنه بدأ مسيرته الرياضية لاعبَ كرة مضرب، إلا أنّ الأوروغواياني يعدّ أحد أهم المهاجمين في تاريخ كرة القدم اللاتينية. القائد الأشقر سجل 33 هدفاً خلال مبارياته الـ 86 مع المنتخب، ليقود بها بلاده للمركز الرابع في مونديال 2010، إلى جانب لقب كوبا أميركا عام 2011. احترف مع العديد من الأندية كمانشستر يونايتد الإنكليزي، أتلتيكو مدريد الإسباني، إنتر ميلانو الإيطالي وسيزيرو أوساكا الياباني، وهو يلعب حالياً في الدوري الهندي مع فريق مومباي سيتي. كذلك فاز القناص الأوروغواياني مرتين خلال مشواره الكروي بجائزة بيتشيشي والحذاء الذهبي الأوروبي، وحصد جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في مونديال جنوب أفريقيا 2010.

ألفارو ريكوبا


هو أفضل لاعبي خط الوسط الذين أنجبتهم الأوروغواي. صاحب تسديدات ثابتة لا تخطئ المرمى، وقدم يسرى ماهرة ساحرة. سجل 11 هدفاً خلال 69 مباراة مع المنتخب الأزرق، وقد عرف مسيرة ناجحة معهم على الرغم من عدم تتويجها بالألقاب.على الرغم من مهاراته ومراوغاته، إلا أنه كان كثيراً ما يتعرض للإصابات، ما سبّب تراجعاً في أدائه. أما على صعيد الأندية، فقد حقق بطولة الدوري الأوروغواياني مع نادي دانوبيو، إلى جانب بطولة الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا مع نادي الإنتر الذي يلعب حالياً بين صفوفه.


إدواردو غاليانو، ألبير كامو، والقديس بطرس


يعَدّ إدواردو غاليانو ابن مدينة مونتيفيديو (3 سبتمبر 1940 ــ 13 أبريل 2015) من أشهر الكتّاب والروائيين في تاريخ الأوروغواي. ترجمت كتبه ورواياته إلى أكثر من عشرين لغة. قضى غاليانو سنوات عديدة من حياته في المنفى لأسباب سياسيّة، فهو ساند الحركات المناهضة للولايات المتحدة الأميركيّة، وكان داعماً لليسار اللاتيني الذي كان بمواجهة دائمة مع اليمين المدعوم من واشنطن. كتب للعديد من المجلات والصحف العالميّة، أبرزها لوموند ديبلوماتيك الفرنسيّة. تُعَدّ روايته «كرة القدم بين الشمس والظل» واحدة من أبرز أعماله، فهو الكاتب الشغوف بكرة القدم، حاول نقل كل التفاصيل التي تجري على المستطيل الأخضر إلى القارئ بأسلوب جذّاب. تحدّث عن كرة القدم كشغف بالنسبة إلى المشجعين، وعنها كصناعة ماديّة تدخل فيها لغة الأرقام والربح والخسارة. في رواياته تحدّث عن الفيلسوف والروائي الفرنسي الجزائري ألبير كامو عندما كان يلعب حارسَ مرمى في الجزائر، ويقول غاليانو: «في عام 1930 كان ألبير كامو هو القديس بطرس الذي يَحرس بوابة مرمى فريق كرة القدم بجامعة الجزائر. كان قد اعتاد اللعب حارسَ مرمى منذ طفولته، لأنه المكان الذي يكون فيه استهلاك الحذاء أقل. فكامو، ابن الأسرة الفقيرة لم يكن قادراً على ممارسة ترف الركض في الملعب: وكل ليلة كانت الجدة تتفحص نعل حذائه وتضربه إذا ما وجدته متآكلاً». كان يستخدم الأسلوب الجذاب في الكتابة، السهل الوصول للقارئ مع الكثير من الوصف والتشابيه التي جعلت من أسلوبه مميّزاً، والذي يمكن أن يُشبَّه بأسلوب منتخب الأوروغواي لكرة القدم.