خوف البرازيليين الوحيد كان يتعلق بعودة نيمار المصاب، وتمنياتهم أن يكون في المستوى المطلوب إذ يعتبر النجم الأول للمنتخب. لكن بعيداً عن إصابة نيمار، فإن المدرب الجديد للمنتخب ليوناردو باتشي «تيتي» الذي تم تعيينه في 2016، لن يعاني من نقص اللاعبين، إنما من تخُمتهم. تملك البرازيل اليوم أكثر من لاعبٍ في كافة المراكز سواء في خط الدفاع، الوسط أو الهجوم. اللافت في هذا التعدد هو تقارب مستوى اللاعبين مع أنديتهم، وأن القوى البرازيلية الضاربة، تكمن في الخطوط الأمامية، كما كانت الحال تاريخياً. ويمكننا القول إن معضلة المهاجم «الرقم 9» تم حلها، إذ عانت البرازيل منذ اعتزال «الظاهرة» رونالدو من غياب المهاجم التقليدي أو رأس الحربة اذا صح التعبير. لكن المنتخب اليوم يشهد منافسة «حامية» على هذا المركز. أبرز المتنافسين هما روبيرتو فيرمينو (مهاجم ليفربول) وغابريال خيسوس (مهاجم مانشستر سيتي). لكن الاختيار بين اللاعبين يعتمد على الخطة التكتيكية لـ«تيتي». اللاعبان يملكان حساً تهديفياً عالياً، لكن الفرق بينهما أن خيسوس سيكون الخيار الأفضل إذا ما أراد المدرب أن يلعب كرات سريعة قصيرة، فغابريال يعرف كيف يتمركز داخل الصندوق، وهو مراوغ جيد، إضافةً الى أنه يعرف استغلال الكرات العرضية الزاحفة. أما قيمة فيرمينو التكتيكية فهي أعلى من خيسوس، ويعود ذلك لقدرة فيرمينو الدفاعية في عملية الضغط العالي. وإذا وقع الخيار على كوتينيو زميله في ليفربول سابقاً، فإن ثنائية فيرمينو كوتينهو هي الحل الأمثل وذلك لأن كوتينيو في العملية الدفاعية ضعيف. أما عن أرقام اللاعبين في الدوري الإنكليزي فإن فيرمينو سجل أكثر. وصنع أكثر وقدرته على التفوق في الكرات الهوائية أفضل. لكن، بوجود نيمار في المقدمة، كما هو متوقع، لقيادة الخط الأمامي، فإن حظوظ مهاجم السيتي تعود إلى الارتفاع، نظراً للانسجام الكبير والواضح بينه وبين قائد المنتخب البرازيلي المتوقع.
نتائج البرازيل في التصفيات المؤهلة لكأس العالم لم تشهد سوى خسارةٍ وحيدة

هذا على صعيد «رأس الحربة» أما عن الجناحين، فبطبيعة الحال، مكان نيمار محجوز في تشكيلة البرازيل الأساسية الذاهبة إلى روسيا، ما يعني أنه خارج «الصراعات». صراعٌ ثلاثي يقع بين دوغلاس كوستا (يوفنتوس) ويليان (تشيلسي) وكوتينيو (برشلونة) على احتلال مركز الجناح الأيمن، في ظل «هيمنة» نيمار على الطرف الأيسر. فيليب كوتينيو الذي بدأ يدخل في أجواء ناديه الجديد برشلونة محببٌ لدى مدربه في المنتخب. أداؤه في التصفيات كان جيداً إذ سجل في عام 2017 هدفين مع المنتخب في 7 مباريات. قدرة كوتينيو على خلق الفرص وصناعة اللعب أسرع من منافسيه، فأُسلوبه مختلف تماماً عنهما، إذ يفضل الدخول من العمق واللعب على قدمه اليمنى والتسجيل من بعيد، ويحبذ الكرات القصيرة لأن قدراته على زيادة في سرعته أقل زميلَيه. وإذا استثنينا كوتينيو لأن «تيتي» مقتنع بالثلاثي جيسوس نيمار وكوتينيو، فستنحصر المواجهة والمنافسة بين كوستا وويليان. يمكن أن يلعب ويليان كجناحٍ أيمن أو كصانع لعب خلف المهاجمين، ويَعرِف جيداً كيف يقود الهجمات المرتدة، آخذين بعين الاعتبار أن قدرة ويليان الدفاعية متدنية مقارنة بكوستا، لكن اللاعبين يتشابهان على الصعيد البدني. أما ما يميز «الجوكر» كوستا عن ويليان فهو تعددية المراكز، فيمكنه أن يلعب يميناً أو يساراً أو كصانع لعب أو متوسط ميدان.
هكذا، تصير الخيارات الهجومية واسعة ومتنوعة، بحيث يمكن أن يكون كوستا بديلاً ممتازاً في أي لحظة. مركزٌ وحيد سيعاني فيه المنتخب البرازيلي، وهو مركز الظهير الأيمن، الذي كان يشغله داني ألفيش (34 عاماً). لكنه تعرض للإصابة وتأكد غيابه عن المونديال. الأمر الذي شكل عائقاً لإيجاد بديل له، لأن الخيار البديل في هذا المركز غير متوافر. المقصود هنا أنه لا يوجد لاعبٌ يمكنه تحمل مسؤولية هذا المركز حالياً في المنتخب البرازيلي غير ألفيش، ولا يزال السؤال من سيكون البديل فاغنر لاعب كورينثيانز أو دانيلو لاعب مانشستر سيتي. وقد يضطر المدرب للعب بثلاثة لاعبين في محور الدفاع وهذا ما لا يتمناه أبداً. أليكس ساندرو اسم آخر سيغيب عن تشكيلة البرازيل. نتائج البرازيل في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، لم تشهد سوى خسارةٍ وحيدة فقط (تشيلي 2 ــ 0). لم يتلق البرازيليون سوى 11 هدفاً وهذا خير دليل على المردود الدفاعي الجيد، أما على الصعيد الهجومي: فالرقم كبير. سجّل البرازيل 41 هدفاً، والهجوم بات قارداً... على الهجوم.



حرّاس عصريون
مركز حارس المرمى هو المكان الأقل استهلاكاً فيه للحذاء، ولكن حرّاس المنتخب البرازيلي الحاليين أليسون بيكير وادرسون غيّرا هذه القاعدة، فالأخير جاء خلفاً لجو هارت وكلاوديو برافو في تشكيلة بيب غوارديولا، والسبب أنهما لا يجيدان توزيع الكرات بأقدامهما. أما أليسون بيكير فقدم موسماً استثنائيّاً مع فريقه روما وصل فيه إلى نصف نهائي دوري الأبطال، ومن خصائص حارس روما أنه يجيد لعب الكرات الطويلة، والتصدي للتسديدات القريبة منه، يملك ردة فعل سريعة جداً، لكن مشكلته الحقيقية تكمن في الثنائيات وهو الخيار الأول للمدرب البرازيلي تيتي. وبالعودة إلى مدينة مانشستر فإن إديرسون يشبه أليسون في أسلوب اللعب وميزته أنه قوي في التصدي لركلات الجزاء ويفضل اللّعب خارج المنطقة (يلعب دور الليبرو). هذا وعانت البرازيل في هذا المركز طوال السنوات الماضية من تافريل إلى ماركوس فديدا، فهذه المجموعة من الحراس كانت تعد من بين الحراس الجيدين لكنها لم تكن من بين الأفضل في العالم مقارنة ببوفون وبيتر وشمايكل وغيرهم، بينما يمكن اعتبار اليسون واحداً من الأبرز اليوم.


دوغلاس كوستا: بوابة شاختار


كما كان حال ويليان في شاختار، كوستا أيضاً ظهر للفِرق الكبيرة من بوابة الفريق الأوكراني. مع المنتخب فإن اللاعب ظهر في 21 مباراة ابتداء من عام 2014 سجل فيها 3 أهداف. حظوظ كوستا للعب أساسياً ليست وافرة لأن المدرب يفضل ويليان كأساسي، الأمر كان واضحاً في تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم.

ويليان أثر: البوكسينغ داي


قدم لاعب «البلوز» تشلسي موسماً لا بأس به، ويليان أكثر من لعب مباريات مع فريقه هذا الموسم من بين الثلاثي (ويليان دوغلاس كوستا كوتينيو). ما قد يضع ويليان خارج التشكيلة الأساسية هو نظام الكرة الإنكليزية «البوكسينغ داي». سجل ويليان 6 أهداف وصنع 7 في 36 مباراة لعبها في الدوري الإنكليزي.

غابريل خيسوس: أرقام كبيرة


خلال الموسم الحالي، تعرُض سيرجيو أغويرو مهاجم مانشستر سيتي (29 عاماً) لإصابة كانت فرصة خيسوس لتعزيز مكانته الأساسية في المنتخب. شارك خيسوس في معظم مباريات التصفيات كأساسي مع منتخب بلاده. مع المنتخب أرقام خيسوس تبشر خيراً، وتظهر أن مركز رأس الحربة بأمان، إذ لعب عام 2016 ست مباريات سجل فيها خمسة أهداف، وفي عام 2017 لعب 7 وسجل 3.

روبيرتو فيرمينو جيّد في كل المباريات


يمكن اعتبار فيرمينو اللاعب «المظلوم» إعلامياً. الأرقام تظهر وتأكد أن فيرمينو ثاني أفضل اللاعبين البرازيليين فعاليةً في الأندية الأوروبية بعد نيمار هذا الموسم. ويمكن اعتبار الموسم الحالي الأفضل له في مسيرته الكروية. خاض فيرمينو 37 مباراة في الدوري سجل فيها 15 هدافاً وصنع 7، أما في دوري الأبطال فسجل عشرة أهداف في 12 مباراة وصنع سبعة.