ضجيج التخلي عن طارق جرايا بدأ يخفت في محيط ملعب النجمة، حيث يطغى الكلام حالياً عن الخليفة المرتقب للمدرب التونسي، وسط ضبابية في القرار الأخير بهذا الشأن، والذي يُنتظر أن يكون في وقتٍ قريب، إذ إن النادي «النبيذي» يسابق الوقت لتعيين مدرب يمكنه تسلّم الفريق قبل الموقعة المرتقبة مع الأهلي المصري في 13 آب المقبل ضمن دور الـ 32 لبطولة الأندية العربية. مروحة الخيارات ليست واسعة حتى الآن، إذ ترددت في أروقة النجمة ثلاثة أسماء هي للنجمين السابقين موسى حجيج ورضا عنتر، والمدرب الصربي المعروف برانكو سميليانيتش. لكن من يعرف سياق اتخاذ القرارات في النجمة، وسط الانقسام الإداري الحاصل منذ فترة ليست بقصيرة، يعلم تماماً أن اسماً غير الأسماء المذكورة قد يتولى السفينة النجماوية، وخصوصاً في ظل تضارب الآراء حول هذا الاسم أو ذاك، ومعارضة تعيين هذا المدرب أو الآخر. وفي وقتٍ رأى فيه كثيرون أن اسهم سميليانيتش قد تكون الأعلى لتولي المهمة بعدما ضجّ اسمه المعروف في الشارع الكروي، عاد اسم حجيج للتداول رغم توقّع الكثيرين استحالة عودته الى ناديه الأم. لكن مع وجود رأي فني منطقي الى حدٍّ ما بأن أي مدربٍ أجنبي سيحضر الآن، لن يكون قادراً على قيادة النجمة أمام الأهلي وصناعة الفارق لعدم معرفته بهوية الفريق ولاعبيه، إضافةً الى تكبيده النادي مبلغاً كبيراً في فترةٍ مالية صعبة تمرّ بها كل الأندية، تتراجع أسهم الصربي حالياً، علماً بأن المفاوضات بين وكيله والنادي متوقّفة بسبب وجود رئيس النادي أسعد صقال خارج البلاد، طالباً في اتصالٍ أخير مع الوكيل التريث حتى عودته.وهذه النقطة أيضاً قد تكون مؤشراً إلى كسب الوقت، ريثما يجد الرئيس حلّاً لعودة حجيج، الذي كان منفتحاً على العودة منذ اللحظة التي تواصل فيها صقال معه، حيث كان جليّاً بأن الأخير يفضّله على جرايا، وهو الذي عاد وطرح اسمه عقب الاستغناء عن خدمات التونسي من دون أن يتمكن من حسم تعيينه لوجود «فيتو» عليه من بعض أركان النادي. لكن كلمة المستحيل قد تسقط بالضربة القاضية مع تسارع الأحداث و«حشر» الجمهور لإدارة النجمة في الزاوية من خلال المطالبة الكبيرة بتعيين مدربٍ لتفادي وقوع الكارثة في البطولة العربية إذا ما دخلها الفريق من دون مديرٍ فني، ولو أن المدرب الحالي المؤقت حسين حمدان أثبت حضوره الجيّد في المباراة الأخيرة أمام الصفاء، في افتتاح مشوار كأس النخبة. وما يحصل الآن يترك مجالاً للتفاؤل بالنسبة الى المنادين باسم حجيج وتصويره بشكل «المخلّص» القادر على إخراج كل الجو السلبي، الذي بدا أنه قَسَم الجمهور بين مؤيدٍ لقرار الإدارة بالاستغناء عن جرايا وبين معارضٍ له.
هناك محاولة جديّة لتقريب وجهات النظر وفتح صفحة جديدة


وعلمت «الأخبار» من مصدرٍ مقرّب من حجيج ومن الطرف المعارض لتعيينه في المنصب أن هناك محاولة جديّة لتقريب وجهات النظر وفتح صفحة جديدة بين الطرفين. والخطوات الإيجابية بدأت مع محاولة ترتيب لقاء بين موسى وأمين سرّ نادي النجمة سعد الدين عيتاني، الذي لا يزال يحمل ملاحظاته وعتبه منذ الولاية الأولى لـ«المايسترو» مدرباً. الأول لم يعارض الفكرة، وهو أمر ليس مستغرباً، إذ إن الكابتن موسى أبدى في مجالس خاصة عدة حزنه الشديد لما مرّ به النادي منذ الموسم الماضي، وأكد دائماً أنه لم يغلق الباب حول عودته إليه حتى قبل أن ينهي مفاوضاته لتجديد عقده مع طرابلس، من دون أن يحصل هذا الأمر. ويشعر حجيج بأنه كغيره من النجماويين المتعلّقين بالنادي والذين يحملون همومه اليومية في بالهم، يجد نفسه مسؤولاً للمساعدة وتقديم ما ينعكس إيجاباً على الفريق.
من هنا، كانت الليونة التي ظهرت عليه، وهو الذي بدا ناضجاً ذهنياً وفنياً موسماً بعد آخر إثر تراكم الخبرات لديه مدرباً، حيث كان منفتحاً على كل الأندية، وعلى رأسها النادي الأحبّ الى قلبه. وهذه الوضعية قابلتها ليونة نسبية من جانب عيتاني، المعروف بأنه المعارض الأول لتعيين حجيج مدرباً. أمين السرّ القوي لم يعطِ جواباً قاطعاً بقبوله الجلوس إلى طاولة واحدة مع «رمز النجمة»، لكنه لم يغلق الباب على الفكرة التي يعمل عليها الوسيط المقرّب من الرجلين، وهي قد تصبح واقعاً من دون أي شرطٍ منهما، سوى طلب عيتاني وجود نائب الرئيس صلاح عسيران في أي اجتماع يحصل. إذاً "عملية «نزع الألغام» هذه هي خطوة ممتازة بالنسبة الى أولئك الحالمين بعودة الكابتن السابق لقيادة الدفة الفنية، اذ برأيهم هو الوحيد القادر على إيقاف ما سماه نجماوي عتيق «حفلة الجنون» الحاصلة حالياً، والتي قد توصل برأيه النادي الى مواجهة مشاكل عدة، مشيراً بالدليل الى أنه بعد المباراة الأولى للفريق عشية انطلاق الموسم الجديد، تمّ إبعاد الجمهور (القرار غير المحق بالضرورة) وتغريم النادي، وهو مؤشر على خطورة لا يمكن لأحد التعامل معها سوى من يملك ارتباطاً عاطفياً مع الجمهور مثل حجيج، وخصوصاً أن المشاكل الحاصلة حالياً على الصعيد الشعبي هي ارتدادات مشكلة المدرب وما تبعها من تهييج لمشجعين اصطفوا خلف رأي يضرّ النادي ولا يفيده. وفي ما يقوله المصدر النجماوي شيء من الصحة، إذ إن حجيج لعب أمام الآلاف من مشجعي النجمة، وهو كسب احترامهم مذ كان لاعباً، وتالياً مدرباً، لذا كان طرح صقال لاسمه على هذه الخلفية، كونه سيقوم بدور مزدوج، الأول فنياً، والثاني بسيكولوجياً، وذلك لتهدئة الوضع الآخذ بالاضطراب، وما الليونة التي أبداها عيتاني إلا جرعة إيجابية إضافية في هذا الإطار، إذ إن الكل يشعرون اليوم بحجم المسؤولية المنوطة بهم، وهم الذين يديرون نادياً قيل دائماً إنه بحجم وطن.



الصراع الإداري مستمر
أكدت مصادر إدارية في نادي النجمة أن التجاذبات التي بدأت خلال الموسم الماضي داخل النادي لا تزال مستمرة، وخاصة بين أشخاص مؤيدين لبقاء الرئيس الحالي أسعد الصقال، وأطراف تؤيد خروجه من النادي. وفي السياق، أكدت المصادر لـ«الأخبار» أن فكرة ابتعاد الصقال عن النجمة طُرحت على رئيس الحكومة سعد الحريري، لكنها رفضت لعدم وجود شخصيّة بيروتية أخرى قادرة اليوم على ترؤس النادي، وأن فكرة تسليم الرئاسة لشخص من خارج بيروت غير واردة إطلاقاً. ويبدو أن التباين في وجهات النظر حول إدارة النادي مستمر بين الرئيس أسعد الصقال من جهة، ونائب الرئيس صلاح عسيران وأمين السر سعد الدين عيتاني من جهة أخرى. وفي ما يتعلّق بتحضيرات النجمة لانطلاق الموسم الجديد، أكّدت مصادر أن بعض الأطراف داخل إدارة النجمة لم تكن ترغب في رفع العقوبة عن المدرب التونسي طارق جرايا ليكمل الموسم مع النجمة، ومنهم من تواصل مع الاتحاد للتأكيد على وجهة النظر هذه، وهو ما دفع باتجاه عدم رفع العقوبة عنه. وتحدثت المصادر عن أن الخلافات داخل النجمة وصلت إلى اللاعبين الذين ينقسمون بحسب انقسام الإدارة، وهذا ما من شأنه أن ينعكس سلباً على النادي خلال الموسم المقبل، وخلال مشاركته في بطولة الأندية العربية، حيث سيلتقي الأهلي المصري. وعلى ضوء هذه التطورات، فإن من المتوقع أن يقترب موسى حجيج ــــ تحديداً ــــ من تسلم قيادة الجهاز الفني للنادي.