مشاهدة الكرة في لندن أمرٌ لا يقلّ أهمية عن ارتشاف شاي الساعة الخامسة، بل الانتظام بالمشاهدة يفوق وتيرة انتظام عقارب الساعة الشهيرة. شغفٌ وحماس جعلا من لندن عاصمة لكرة القدم على مر التاريخ. هنا تتوزّع الأندية على امتداد العاصمة، وتختلف جودتها وطقوسها تبعاً للعراقة والغنى. في الشّمال يقبع نادي آرسنال أحد كبار المدينة الذي نزح عام 1903 مقبلاً من الجنوب، وذلك بعد عشر سنوات من تاريخ تأسيسه.

يتميّز النّادي بموقعه المميّز إذ يصل بين المناطق السكنية الرّاقية مثل كانونبري وبرانسبيري، والمناطق المختلطة مثل هايبري، إضافةً إلى المناطق الشعبيّة مثل فنزبيري بارك وستوك نيونغتون، ما جعل القاعدة الجماهيريّة للنادي قاعدةً منوعة تتشكل من أطياف المجتمع وطبقاته كافة. وقد لُقب نادي الشمال بـ«المدفعجيّة» تبعاً للموقع الذي أنشئ فيه النادي، إذ إنّ آرسنال تأسّس على يد عمّال في السكة الحديدية في مقاطعة ولوويتش، التي اشتهرت بكونها أكثر مناطق المقاطعات تصنيعاً للأسلحة والذخائر. تربط النادي والجماهير علاقة «عاطفية» ظهر أوجّها عند بناء ملعب الإمارات، بعدما قرّر النادي هدم ملعب الهايبري التّاريخي لقلّة سعته. تذوّق المشجّعون الويل أثناء تشييده، وذلك بعد أن عانى «أحمر لندن» من ضائقة اقتصاديّة أدخلت النّادي في مرحلة جفاف غابت عنها البطولات قرابة الـ9 سنوات. وقتٌ كبير بالنّسبة إلى نادٍ تعوّد الوجود على منصات التتويج. بعد فترة من «القحط»، جاء الفرج على أيدي شركة طيران الإمارات، إذ دفعت الشركة العربية 100 مليون يورو مقابل الحصول على أحقيّة اسم الملعب، فكان لها ما أرادت وسمّي الملعب «ملعب الإمارات». رافق نجاح النّادي في حقبات مختلفة ولادة عداوات كرويّة. فآرسنال يعدّ أكثر نادي يملك عداوات مع الجيران اللندنية، إذ تظهر أشكال الكره واللعب العنيف في «الديربيات» التي تجمعه بويستهام وتشيلسي، وتبلغ العداوة والكراهيّة أوجها عندما يواجه الفريق نادي توتنهام في ديربي يُعد من الأشرس في إنكلترا.
اشترى رجل الأعمال الإنكليزي غوس ميرز عام 1904 ملعب ستامفورد بريدج بهدف الاستثمار


يملك النّاديان تاريخاً حافلاً بالمشاكل، فبدأت الكراهيّة عام 1919 بعد أن استطاع آرسنال الصّعود إلى الدّرجة الممتازة عقب نهاية الحرب العالميّة الأولى، وذلك بفضل قوّة علاقات مالكه السّير هنري نوريس. وقد قرّر اتحاد كرة القدم آنذاك زيادة عدد فرق الدرجة الأولى إلى 22 نادياً، بعد أن كان عدد الفرق 20 فقط. وبعد الإبقاء على تشيلسي في دوري الأضواء، رغم أنّه كان صاحب المركز الـ 19، لم يوافق اتحاد كرة القدم على بقاء توتنهام هوتسبير صاحب المركز الأخير الـ 20 في دوري الدرجة الأولى. ويجب بالتالي صعود ثلاثة فرق جديدة من الدرجة الثانية حتّى يصل عدد الفرق في دوري الدرجة الأولى إلى 22 فريقاً. وقع الاختيار حينها على بطل دوري الدرجة الثانية ديربي كاونتي ووصيفه برِستن نورث إند، في حين جاء اختيار الفريق الثالث، مفاجئاً للجميع، إذ تمّ اختيار آرسنال صاحب المرتبة السادسة، بدل كل من الثالث نادي بارنسلي والرابع ولفرهامبتن والخامس برمينغهام سيتي. اندلعت الحرب الكرويّة بعد أن غيّر نادي آرسنال اتجاه المدفع في شعاره إلى اليمين بعد أن كان اتجاهه إلى الشّمال، إذ إنّ ملعب «وايت هارت لين» الخاص بنادي السبيرز توتنهام يقع على يمين مقر الآرسنال، أي باتجاه المدفع. بدوره، يبعد نادي توتنهام، الذي أسّس عام 1882، مسافة أربع أميال عن ملعب الإمارات. ويضم قاعدة جماهيريّة كبيرة تحتوي على عدد كبير من اليهود الإنكليز المندمجين في المجتمع البريطاني. كما يمثل الديك شعار النادي الأساسي مرتبطاً بـ«السبيرز» على مر تاريخهم الممتد لأكثر من 100 عام، وقد تمت الاستعانة بالديك كشعار النادي عام 1901 تيمّناً بشغف هنري بيرسي بقتال الديوك. وقد عرف بيرسي بشجاعته حيث قاد ثورة ضد هنري الرابع، لذلك تم استخدام هذا الشعار كدليل على الشّجاعة والإيمان بالمبادئ والتضحية من أجلها. وفى عام 1909، قام لاعب اسمه وليام جيمس بجلب سبيكة من البرونز عليها ديك يقف على كرة بطريقة ثابتة. ومنذ التاريخ ذاك بات هذا الشعار مرتبطاً بنادي توتنهام، علماً بأنه تم وضعه على قمصان اللاعبين للمرة الأولى في نهائي كأس الاتحاد الإنكليزي عام 1921.
في المقابل، يقع نادي تشيلسي في جنوب غرب العاصمة الذي تأسس عام 1905. وقد اشترى رجل الأعمال الإنكليزي غوس ميرز عام 1904 ملعب ستامفورد بريدج بهدف الاستثمار فيه، فعرضه مباشرة على نادي فولهام للإيجار، إلا أنّ النّادي اللّندني رفض العرض، ما دفع ميرز للتفكير بإنشاء نادٍ لكرة القدم خاص بالملعب. وردت في بال المالك العديد من الأسماء، فأراد أن يسمّي النادي بالاسم الحالي للملعب «ستامفورد بريدج»، أو نادي لندن أو نادي كينسينغتون. وفي مساء يوم 10 مارس 1905، تم إنشاء نادي تشيلسي الإنكليزي وذلك بعد اجتماع أقيم في غرفة علويّة من حانة رايزينغ صن بين المديرين المؤسسين المليونير غوس ميرز وشقيقه جوزيف، إضافةً إلى صهريهما هنري بوير ليصبح في ما بعد واحداً من أنجح الأندية في إنكلترا. ويقع النّادي غرب لندن عند المدخل الرئيسي لطريق فولهام، أما ملعبه فهو ستامفورد بريدج، وقد سمّي بذلك كنايةً عن معركة يوركشر الملحميّة بين إنكلترا والنّروج في إطار غزوات الفايكنغ، والّتي أنهت عهد قرنين ونصف من غزوات الفايكنغ. ويعدّ تشيلسي من أنجح الأندية الإنكليزية خاصّة في العقدين الأخيرين. في عام 2003 قام الميلياردير الرّوسي رومان أبراموفيتش بشراء نادي تشيلسي ليجعل النّادي بأمواله منافساً دائماً على الألقاب. إلّا أنّ «فخر لندن»، كما يحبّ أن يناديه مشجّعوه، لم يعرف هذا النّجاح الكبير من قبل. فرغم أنّ النّادي حقّق لقب الدوري مرة قبل الـ2004 إضافة إلى بعض الألقاب، إلا أنّ النادي كان يمرّ بمواسم متخبّطة وأوضاع ماليّة متقلبة خاصّة عام 1981 بعد استقالة رئيس النّادي وقتها براين ميرس منهياً فترة 76 عاماً من سيطرة آل ميرس. هذا الأمر ولّد ديوناً كثيرة على النادي في ظلّ عدم وجود مموّل حقيقي آنذاك. لم يهن على ميرس رؤية فريقه السّابق ينهار، فباع النّادي إلى الميلياردير كين بيتس مقابل 1 باوند، وهو كان أقل مبلغ يمكن اعتماده من قبل وزارة الإسكان البريطانية حينها لاستعادة ملكيّة «ستامفورد بريدج» إلى النّادي بعد أن كان تحت إمرة مطوّري الملكيّة، الّذين كانوا يهدفون إلى تحويل الملعب لمجمّع سكني أو سوق تجارية. ضخّ المالك الجديد الكثير من الأموال وجعله يدخل في مصاف الأربعة الكبار، ما مهّد الأمر للمالك الروسي اللّاحق بالاستثمار، وذلك بعد أن وجد أرضاً خصبة صالحة لحصد المجد والأموال.


على الجانب الآخر، يقع الجار فولهام، النّادي الأقلّ شهرة. فرغم أنّ النّادي يعدّ أعرق نادٍ في لندن عن عمر 139 عاماً، لكنه لم يستطع فرض نفسه بين كبار إنكلترا، إذ لم يستطع عجوز لندن تحقيق لقب قيّم. وهو يعتبر أحد أقلّ الأندية كرهاً في لندن إذ إنّ جماهيره تتصّف بالودية. يقبع عريقٌ آخر في الشّرق ويعدّ من قدامى الفرق اللندنية. ويستهام يونايتد أو فريق «المطارق» كما يحبّ أن يسمّيه مشجّعوه. هو نادٍ إنكليزي أنشئ على يد شركة حديد، وشكّل موظّفو هذه الشركة لاعبي الفريق. تنقل النّادي بين عدّة ملاعب فبدأوا في ذا مموريال غراوند ثمّ انتقلوا إلى ملعبهم السّابق في أبتون بارك الذي كان يسمى «القلعة»، قبل أن ينتقلوا إلى الملعب الأولمبي الذي يقع في مدينة ستراتفورت في إحدى ضواحي العاصمة. الجدير بالذكر أنه مع كل انتقال من ملعب إلى آخر، انتقل تقليد طالما قام به عشاق النادي، وهو نفث الفقاعات قبل بداية كلّ مباراة. القصّة تعود لأبعاد تاريخية، حيث أنّ لفريق ويست هام نشيدين أساسيين هما «up Hammers » و«Come on you irons». ويعود هذان النّشيدان إلى وقت كان النادي يُسمّى «Thames iron workers»، وهو الاسم الذي اتخذوه من الشركة التي تكوّن من عمالها الفريق الأول للنادي الذي أُنشئ في 1895. لكن إلى جانب هاتين الأغنيتين لويست هام، هناك أغنية أشهر وهي «I'm Forever Blowing Bubbles» أي «سأنفث الفقاعات» والتي كُتبت وأبصرت النور في 1919 في الولايات المتّحدة الأميركية، ومن ثم اتخذتها جماهير «الهامرز» نشيداً لهم. وبين الأندية اللندنية العريقة، يقع نادي كريستال بالاس في منطقة نوروود الجنوبية من العاصمة البريطانيّة. ورغم أنّه تأسّس في نفس وقت تأسيس فريق تشيلسي، إلا أنّه لم يعرف نجاحات تضعه على قائمة كبار فرق لندن، الأمر الذي جعله يصنّف كأقل الأندية اللندنية نجاحاً. وقد أُسّس النادي عبر عمّال معمل زجاج، واكتسبوا لقبهم من هناك، ليُعرف أنصار النادي من حينها بـ«الزجاجيين». ويدين النّادي بشكل كبير لنادي أستون فيلا الإنكليزي، إذ يعتبر الأخير النادي المؤسس لهيكلة نادي كريستال بالاس، الذي أعطى لاعبي كريستال بالاس اللون الخاص بالزي والذي استمر معهم إلى الآن. ورغم تاريخ النادي الصغير، إلا أنه استطاع إظهار بعض الأسماء التي كان لها وقعها في الوسط الكروي. ويمثّل ايان رايت أكبر هذه الأسماء، إذ كان نادي «الزجاجيين» الشّعلة التي بدأ منها أسطورة إنكلترا، لتحرق بعدها الجميع برفقة آرسنال. هبط النّادي أربع مرات في مشواره، بينها حادثة شهيرة حين حقّق النّادي المرتبة التاسعة عشرة من أصل 22 ناديً، إلا أنّ الاتحاد الإنكليزي قرّر آنذاك هبوط 4 أندية بدلاً من 3 ليكون النادي ضحية ذلك القرار المفاجئ ويهبط إلى دوري الدرجة الثانية.
كل هؤلاء تجمعهم معركة واحدة، على الأبواب: معركة الدوري الإنكليزي. لكن، تجمعهم معارك كثيرة، أبرزها معركة المجتمع والاستقطاب، ضمن الدائرة الرأسمالية، التي ما انفكت تنهش العالم.


إيوبي يمدد عقده


أعلن نادي آرسنال الإنكليزي لكرة القدم أنّ لاعبه الدولي النيجيري أليكس إيوبي مدد عقده لفترة طويلة الأمد. ولم يحدد النادي اللندني مدة العقد الجديد الذي سيربطه بإيوبي البالغ 22 عاماً، ولكن التقارير الصحافية أشارت إلى أنه يمتد حتى عام 2023. وقال إيوبي، الذي كان عقده الحالي ينتهي في الصيف المقبل، تعليقاً على تمديده: «كان حلم طفولتي أن ألعب لآرسنال. أن أحصل على تمديد للعقد هو شعور رائع وآمل أن أجعل عائلة آرسنال فخورة بي، على غرار كل أفراد عائلتي». وسجل لاعب خط الوسط بقميص فريقه الحالي ثلاثة أهداف في 26 مباراة خاضها في الدوري الإنكليزي الممتاز الموسم الماضي تحت إشراف المدرب السابق للنادي الفرنسي أرسين فينغر. والتحق إيوبي بالفريق الأول لآرسنال عام 2015 بعدما كان وصل إلى «المدفعجية» في سن التاسعة، وخاض معه 98 مباراة في مختلف المسابقات وسجل
9 أهداف.


كورتوا إلى إسبانيا


أعلن وكيل أعمال الحارس البلجيكي لفريق تشيلسي الإنكليزي تيبو كورتوا رغبة الأخير في العودة إلى إسبانيا لأسباب عائلية، بعد تقارير تحدثت عن انتقال محتمل للحارس إلى فريق ريال مدريد. ومن المقرر أن يلتحق الحارس البلجيكي بتمارين ناديه الإنكليزي في الأيام القليلة المقبلة، بعد نيله جائزة أفضل حارس مرمى في مونديال روسيا. وقال وكيل أعماله كريستوف هنروتاي، إنّ كورتوا يريد الانتقال إلى العاصمة الإسبانية ليكون قريباً من طفليه، علماً أنّ عقده مع تشيلسي يمتد سنة إضافية. وقال هنروتاي لصحيفة «ذا صن» البريطانية: «قرأت كثيراً أن نادي تشيلسي ترك حرية القرار لتيبو لجهة الاستمرار في صفوف الفريق من عدمه، وقد توصل اللاعب إلى قرار أنه من الأفضل له الانتقال إلى مدريد. بالنسبة إليه إنه قرار كبير، لأنه يريد أن يكون قريباً من عائلته، وهناك عرض بإمكان تشلسي أن يقبله».


لامبارد يفتقد الملاعب


«افتقدتُ للمستطيل الأخضر». بهذه الكلمات شرح أسطورة تشيلسي فرانك لامبارد قرار تخليه عن مهامه كمستشار رياضي لقنوات التلفزيون البريطانية من أجل تدريب فريق دربي كاونتي في الدرجة الثانية (تشامبيونشيب) الإنكليزية لكرة القدم. وشرح لامبارد (40 عاماً) الأسباب الحقيقية خلف قراره قائلاً: «عمل المستشار هادئ، على الرغم من الضغوطات التي تحيط به، لأنك تريد أن تقوم بعملك على أفضل وجه». وسيخوض لاعب الوسط الدولي السابق أول تجربة له في عالم التدريب بعدما تم تعيينه في منصبه الجديد من قبل نادي دربي كاونتي في 31 آيار/ مايو الماضي بعقد لمدة ثلاثة مواسم. وتابع لامبارد، الذي وضع عام 2017 حدّاً لمسيرته في الملاعب بعد 21 عاماً إثر تجربة أخيرة في الولايات المتحدة الأميركية بألوان فريق نيويورك سيتي، قائلاً: «عندما تلعب على أعلى المستويات مثلي خلال فترة طويلة، تفتقد لذلك (العودة). افتقدتُ للمستطيل الأخضر كثيراً». وأردف قائلاً: «لا يمكنني التمتع بالراحة عندما حصلت على فرصة العودة إلى الملاعب».