مارينا غرانوفسكايا امرأة روسيّة حائزة الجنسية الكندية. ترعرعت في روسيا على أنغام الموسيقى، حيث درستها وتخصّصت في عزف البيانو. دخلت جامعة موسكو الحكوميّة وذلك بعد ستّة أشهر من انهيار الاتّحاد السّوفياتي، وتخرّجت من كلية اللغات الأجنبية بدرجة امتياز عام 1997. وبعد تخرّجها، تركت الشغف والرقص. عملت في شركات النفط والحديد التابعة لأبراموفيتش، وسرعان ما أثبتت كفاءتها وذكاءها، ما لفت أعين الميلياردير الرّوسي. تميّزت بقوّة الإقناع وسرعة البديهة في اتّخاذ القرارات الصّائبة، الأمر الذي أكسب مارينا ثقة أبراموفيتش الّذي لم يتردّد في جعلها يده اليمنى.في 2003 قرّر رومان الاستثمار في نادٍ لكرة القدم، اشترى نادي تشيلسي. رأى فيه الميلياردير الرّوسي أرضاً خصبة للربح، إذ إنّ النادي الإنكليزي يتميز بموقعه الجغرافي الرائع إضافةً إلى امتلاكه شعبيّة كبيرة في لندن، ما جعله يمتلك عناصر النّجاح كافّة. يقال إنّ رومان فضّل الاستقرار في لندن حينها هرباً من الدولة الروسيّة، حيث وُجّهت للروسي اتهامات كثيرة وفي طليعتها احتمال مشاركته مع المافيا الروسية في الاستيلاء على غنائم الدولة السوفياتية، إلى جانب مشاركته في سرقة كمّيات ضخمة من النّفط، ليتحول من يتيم فقير إلى أغنى ملياردير روسي. ويجمع الخبراء والمحللون على أنّ عملية الخصخصة التي تمّت في روسيا كانت بمثابة أضخم عملية سرقة في التاريخ، والتي سقطت خلالها قطاعات الدولة الأساسية من نفط وغاز وألمنيوم في يد الأوليغارشيين الروس.
بعد ستّ سنوات من العمل في روسيا، اصطحب رومان معه مارينا إلى لندن، حيث حظيت الحسناء الروسيّة بصلاحيات أكبر من السابق، إذ تسلّمت زمام التّعاقدات في النادي وكانت لها الكلمة الأولى والأخيرة في ذلك. امرأة تشيلسي الحديديّة كان لها الدور الأكبر في نجاح تشيلسي في العقدين الأخيرين، حيث حسمت العديد من الصفقات من العيارات الثّقيلة. هي من أحضرت هازارد، كانتي، دييغو كوستا، فابريغاس وغيرهم. وقد قال الأخير إنّ اقتناعه بالقدوم إلى تشيلسي استغرق ثلاث دقائق فقط، وذلك بعد مكالمة هاتفيّة مع مارينا. وكانت مارينا السبب الرئيسي في عرقلة صفقة ويليان الذي كان يجري الفحص الطبي في توتنهام، قبل أن يقوم نادي تشيلسي بخطفه في اللحظات الأخيرة باتّصال من «العميلة الروسية»، إضافةً إلى إقناع المدرب البرتغالي جوزيه مورينهو بالعودة مرة أخرى إلى أسوار ستامفورد بريدج، بعد أن خرج في المرّة الأولى بطريقة غير لائقة.
استغرقت مارينا ثلاث دقائق لإقناع فابريغاس بالقدوم إلى تشيلسي


وبرز دور مارينا أكثر بعد رحيل رون غورلي المدير التنفيذي السابق، إذ خلفته في مهامه بعد أن أمضى عشر سنوات في خدمة رومان ابراموفيتش، لتصبح مارينا على رأس إدارة نادي تشيلسي. تجلت عبقرية الروسية العام الماضي حين أبرمت عقد رعاية مع شركة نايكي، أمّنت من خلاله مبلغ 60 مليون يورو سنويّاً حتّى عام 2032. وكانت قيمة العقد هي الأعلى في «البريمييرليغ» بعد العقد المبرم مع نادي مانشستر يونايتد. وفي 2012، أرادت مارينا أن تحسّن العائدات المالية للنادي، فارتأت أنّ شراء لاعبين موهوبين شباب، ثم بيعهم بعد تألقهم سيدرّ على خزينة النادي عائدات مالية عالية، وهو ما تحقّق. فشكّلت سياسة بيع اللاعبين الشباب ميزانية ثانية للنادي درّت عليه كلّ سنة بحدود العشرة ملايين يورو. ومن اللاعبين الشباب الذين اشتراهم تشيلسي ثم باعهم بعد إعارتهم: كيفن دي بروين، روميلو لوكاكو، محمد صلاح، ريان بيرتريند وغيرهم.
من القرارات الكبيرة الّتي قامت بها مارينا أيضاً، إبرام علاقة قوية مع نادي فيتيس الهولندي، وذلك عبر اتّفاق شفهي يقضي بإرسال شباب أكاديمية تشيلسي والصفقات الشابة إلى نادي فيتيس لتنمية مواهبهم، ثم بيعهم بسعرٍ عالٍ في السّوق. أصبح نادي فيتيس بالتالي يُعرف في الوسط الكروي أنه نادي تشيلسي الرّديف. تحمل مارينا خلف جمالها امرأة صلبة وصارمة في قراراتها، أظهرتها في حادثة مع أسطورة الفريق جون تيري، حين قامت المديرة التنفيذية للنادي بتخيير القائد السابق بين تمديد عقده لسنة أو الرحيل بصمت. قرار ينمّ عن الجرأة والحزم تجاه شخص كان لا يُمسّ في فريق تشيلسي.
مارينا اليوم هي كلّ شيء تقريباً في النادي. هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة بغياب رومان أبراموفيتش. إنجازات هذه المرأة جعلها تحوز لقب أقوى امرأة في عالم كرة القدم حسب صحيفة تّيليغراف، ونجاح تشيلسي يعود إلى حدّ كبير لوجود «الامرأة الحديديّة» وراء أسوار النّادي.



الحنين إلى ايفا كارانيرو


«تحن» الدكة الفنية لنادي تشيلسي إلى الطبيبة إيفا كارنيرو. الطبيبة كانت تحظى كل مباراة بدقائق من عدسة الكاميرا، إذ بات ظهورها على الشاشة مطلباً لكلّ المشاهدين «الذكوريين»! فاقت مهاراتها الطبية ولكن الجميع اهتم بجمالها. الطبيبة الأربعينية جعلت من الطاقم الطبي لنادي تشيلسي أحد أفضل الطواقم في العالم، إذ حظي الطاقم بإشادة من الاتحاد الإنكليزي لما قدمه أطبّاؤه من مجهودات جبارة. إلا أنّ كفاءة الطبيبة ومهاراتها لم يشفعا لها عند جوزيه مورينهو، الذي كان السبب الرئيسي خلف طردها من النادي. نعود بالزمن إلى المباراة الافتتاحية لـ«البريمييرليغ» عام 2015، حين انفجر المدرب البرتغالي غضباً في وجه طبيبة النادي بعد أن دخلت أرضية ملعب ستامفورد بريدج في وقت لم يحبّذه المدرب. دخول كارنيرو كان بداعي تقديم الإسعافات الضرورية للاعب المصاب إيدين هازارد، الذي بدا وكأنّه يعاني من إصابة قويّة، إلّا أن المدرب اعتبر أنّ دخول الطبيبة سيضيّع الوقت على تشيلسي الذي كان يعاني بعد طرد حارسه البلجيكي تيبو كورتوا. وبتحليل لغة الشفاه، تبين توجيه مورينهو ألفاظاً بذيئة باللغة البرتغالية تجاه والدة الطبيبة، ثم قام بمهاجمتها في المؤتمر الصحافي عقب نهاية المباراة ووصف تصرفها بالساذج، تبعه بعد ذلك طردها من دكّة البدلاء ومن الحصص التدريبية للفريق. لم تسكت الروسية عن سلوك مورينهو، فرفعت دعوى عليه تتهمه فيها بالذكورية والعنف المعنوي، وطلبت منه اعتذاراً شفويّاً يردّ لها اعتبارها، الأمر الذي لم يلبِّه جوزيه. القضية لم تغلق إلى الآن، إذ إنّه لم يتم الوصول إلى أي تسوية وديّة مع النادي أو المدرب السابق. لا تزال القضيّة تدور في أروقة المحاكم، إلا أن الطبيبة اعتزلت الملاعب، وعادت إلى مسقط رأسها في جبل طارق حيث أنشأت عيادة خاصة لها، لتكمل مسيرتها المهنيّة بعيداً عن الملاعب.