لم تكن جلسة اللجنة التنفيذية للاتحاد اللبناني لكرة القدم عادية يوم الاثنين. بدأ الأمر في الثانية ظهراً. حضر تسعة أعضاء من اللجنة التنفيذية إلى جانب الأمين العام جهاد الشحف مع غياب العضوين مازن قبيسي وأحمد قمر الدين. بنودٌ كثيرة كانت على جدول الأعمال، أحدها يتعلّق بمنتخب لبنان لكرة القدم وبعثته التي ستغادر إلى الأردن لخوض مبارتين وديتين مع المنتخب الأردني في 6 أيلول ومع المنتخب العماني في التاسع منه، تحضيراً لنهائيات كأس آسيا التي ستقام في كانون الثاني 2019 في الإمارات. البند الثاني عشر من تعميم الاتحاد تضمن أسماء البعثة التي يرأسها الشحف وورد فيها اسم يوسف محمد «دودو» كمساعد للمدرب وعدم وجود اسم المدرب محمد الدقة والمسؤول الإعلامي للمنتخب وديع عبد النور.أمرٌ بدا لافتاً، خصوصاً أن الدقة هو المدرب المساعد الثاني في المنتخب بعد المدرب الصربي ميليتش كورسيتش (ميما) الذي هو مساعد المدرب الرئيسي للمدير الفني ميودراغ رادولوفيتش، و«دودو» هو المستشار الفني للمنتخب، إضافة الى غياب مسؤول إعلامي عن البعثة والذي يعتبر صلة الوصل الوحيدة للإعلام للبناني مع المنتخب الذي يلعب خارج أرضه. أسماء بعثة وغيابات، تشير إلى أن جلسة الاثنين شهدت نقاشات وقرارات ستكون لها ارتدادات في توقيت «ملتبس». ما حصل هو أن اللجنة التنفيذية قررت يوم الاثنين «الاستغناء عن خدمات «دودو» والدقة وعدم إرسال عبد النور مع البعثة إلى الأردن لتخفيف النفقات».

لكن اسم «دودو» ورد في البند 12 كمدرب مساعد، فما القصة؟
خطأ مطبعي؟ أم محاولة لمعالجة الموضوع. إقالة «دودو» ليست حدثاً عادياً. ولكن تسمية «دودو» مساعداً للمدرب، كما وردت في البيان الاتحادي «العجيب»، بدت «ملتبسة» هي الأخرى. نحن أمام احتمال رئيسي: «ضياع» من قام بصياغة التعميم وكتابته! وهذه كلها... افتراضات!
في التفاصيل، يبدو أن قرار اللجنة التنفيذية بإقالة «دودو» والدقة وعدم إرسال عبد النور مع البعثة له مسار طويل، يتعلّق بكل شخص على نحوٍ منفصل. الأسباب الظاهرة أو التي طرحت على طاولة اللجنة التنفيذية كانت كالتالي:
الدقة لم يعد يستطيع البقاء كمدرب مساعد لرادلوفيتش وهو يدرّب فريق البرج الذي يلعب في الدرجة الثانية. فهذا لا يليق بصورة المنتخب بأن يكون المدرب المساعد مدرباً لفريق درجة ثانية. يوسف محمد «لم يتصرف بطريقة لائقة كمستشار فني لمنتخب لبنان في إحدى المرات حين اعتدى على موظف اتحادي على باب ملعب المدينة الرياضية ولكمه نتيجة خلاف مع موظف لجنة الملاعب على أمرٍ يتعلّق بالدخول إلى الملعب». عبد النور سيغيب عن البعثة إلى الأردن نظراً لكون المباراتان وديتان ولا تفرض القوانين وجود مسؤول إعلامي، وبالتالي يمكن تخفيض التكاليف. هذا في الظاهر. لكن في الباطن، هناك همس، وقيل وقال، في أروقة الاتحاد، حيث أن التباين في وجهات النظر، لم يفسد في مسألة «إبعاد» الدقة قضية!

ما خفي أعظم؟
بعد خروج منتخب لبنان من تصفيات كأس العالم 2018 وانتقاله إلى مرحلة تصفيات كأس آسيا 2019، استلم عضو اللجنة التنفيذية مازن قبيسي رئاسة لجنة المنتخبات وجرى تشكيل الجهاز الفني المساعد لرادولوفيتش الذي لم يكن بدوره متأكداً بعد من تجديد عقده من قبل الاتحاد في أيار عام 2017. كان قبيسي يرغب بتغيير الصربي لكن كان ينتظر نتيجة مباراته الأولى في المجموعة مع هونغ كونغ في بيروت. فاز لبنان وبقي رادولوفيتش. حينها تقرر ضم الدقة و«دودو» إلى الجهاز الفني ضمن عملية «ربط» للشخصين نتيجة عدم قبول بعض الأعضاء بدودو وبعض الأعضاء الآخرين بالدقة. حينها دخل الاثنان سوياً كمتطوعين، والمصطلح الأخير بالغ الأهمية ذلك أن علاقة الدقة بالمنتخب على هذا الصعيد بدت ملتبسة من لحظة دخوله إلى المنتخب حتى لحظة خروجه وهو لم يتقاض أموالاً على اعتبار أن طرح اسمه في البداية كان كمتطوع شأنه شأن «دودو». هكذا، عانى الدقة طويلاً لتحصيل أمواله التي يؤكّد أنها من حقه، خصوصاً أنه رضي براتب متوسط في الصفاء وتخفيض راتبه في «هوبس» كمشرف على الفئات العمرية إلى النصف، معتمداً على راتب الاتحاد الذي وُعد فيه مراراً وتكراراً لكن «خارج طاولة الاتحاد».
دخل الدقة و«دودو» معاً إلى المنتخب في تسوية بين أعضاء الاتحاد

يقول المعترضون إن اعتراضاتهم كانت على «سلوك» الدقة في حياته الشخصية. ولكن الاعتراضات الجدية، هي لأن دخوله كان «بالقوة»، ولولا ربط دخوله بدخول «دودو»، لما كان دخل إلى الجهاز الفني للمنتخب، كما يقول المعترضون، الذين لعبوا دوراً حاسماً، على ما يبدو، الآن، في إبعاده. لكن، يحسب للدقة، أنه كان له دورٌ إيجابي في فترة عمله مع رادولوفيتش حيث شكّل مع الأخير ثنائياً أفاد المنتخب اللبناني بشكل كبير ويبقى وجوده عنصراً مساعداً في هذه الفترة الحساسة قبل نهائيات كأس آسيا. قد يكون المدرب اللبناني دفع في مكان ما ثمن صلته العائلية بأحد النافذين في اللعبة. البعض ربط بين عدم بقاء الدقة مع الصفاء هذا الموسم وعدم قبوله بعرض لتدريب الصفاء مجدداً بدلاً من فاليريو كسبب لخروجه من المنتخب. آخرون اعتبروا أن كلامه «عن وجود مراهنات في كرة القدم اللبنانية أثار استياء المسؤولين». ولكن، يبقى السؤال مطروحاً، ومحقاً: هل توجد مراهنات؟ نحن في لبنان. في سياقٍ منفصل، «الأخبار» علمت من مصادر صفاوية رفيعة أن الدقة لم يكن في حسابات الصفاء للموسم الحالي ولا توجد نية للتعاقد معه مجدداً. أما موضوع المراهنات، فالجميع (يفترض أن) يرحّب بكشف أي معطيات. وفي الجهة المقابلة، لا يختلف اثنان على أن ما قام به «دودو» حين انفعل، كان تصرفاً لا يليق بلاعبٍ بحجمه. ولكن أشياء مثل هذه تحدث في كل العالم. «دودو» حاد الطباع، وهو كذلك منذ كان لاعباً، لكنه حريص على المنتخب، كما يقول عارفوه. كما أن علاقته باللاعبين ممتازة وهو صديق لعدد كبير منهم خارج الملعب كحسن شعيتو «موني» وهيثم فاعور، وأحمد جلول وغيرهم من اللاعبين. وبالتالي عدم وجوده مع المنتخب بهذه الطريقة، لا يبدو أمراً نافعاً. ولكن كما دخل الدقة و«ودود» معاً، في «إخراج» على الطريقة اللبنانية، كان لا بد من خروجهما معاً، تمهيداً لحلول بالطريقة نفسها، في مرحلة لاحقة.

وديع عبد النور
بدوره، سيغيب وديع عبد النور عن بعثة الأردن. يبدو مستغرباً عدم قدرة الاتحاد اللبناني على إرسال مسؤول إعلامي مع المنتخب، لكن ما هو مستغرب، في الأساس، هو هذه الآلية، حيث أن «الإعلامي» لوقتٍ طويل، كان «إعلامياً» واحداً، وأن طريقة تعيينه أو وجوده، لم تكن «شفافة»، فمن حق جميع الوسائل الإعلامية المشاركة في تغطية نشاطات المنتخب الوطني ومتابعتها عن قرب. أما في القضية الحالية، فهل هناك ما هو أبعد من بعثة الأردن وصولاً إلى وجود عبد النور في شكل كلي في المنتخب؟ بطبيعة الحال، الاتحاد لن يلجأ إلى الشفافية، وإلى التعاون مع الإعلام في شأن تغطية نشاطات المنتخب. علينا أن نكون واقعيين! هناك أسباب أخرى طبعاً! في أية حال، ستكشف الأيام المقبلة إذا ما كانت القصة محصورة ببعثة الأردن أم سيتم طرح اسم بديل لعبد النور كمنسق إعلامي.


وبما أننا في لبنان، وبما أن هذا هو الاتحاد اللبناني لكرة القدم، فيحق لنا الافتراض، أن القرار قد لا يبقى على حاله. معطيات «الأخبار» تشير إلى ذلك. وإن كان القرار قد أخذ بالإجماع، فإنه كما اتضح حتى الآن نتيجة «تصفية حسابات» داخل الاتحاد نفسه، وبين أعضائه أنفسهم، الذين اتخذوا القرار... بالإجماع، على طريقة «من دِهنو قَلّيلو»!


رادولوفيتش لا يعلم!
حتى صباح أمس الأربعاء وبعد مرور 48 ساعة على قرار الاتحاد، لم يكن المدير الفني لمنتخب لبنان المونتينيغري ميودراغ رادلوفيتش يعلم بأن إثنين من مساعديه أصبحا خارج المنتخب. راودولوفيتش أوحى بأنه علم بالخبر من اتصال «الأخبار». أمرٌ يبدو مستغرباً أن يتم اتخاذ قرار بهذا الحجم بإقالة مدرب مساعد ومستشار فني من دون أن يُؤخذ برأي المدير الفني. رادولوفيتش لم يعلّق على الموضوع بانتظار معرفة تفاصيله، لكن لا شك في أن كل عنصر يساعد في عمل المنتخب قبل الاستحقاق الآسيوي.