أول ما يتبادر إلى ذهن كثيرين لدى سماع اسم نادي الشباب الغازية هو: الصعود والهبوط. أمرٌ لازم مسيرة النادي الكروية في السنوات الماضية. لا يكاد يصعد الفريق إلى مصاف أندية الدرجة الأولى حتى يعود ويسقط مجدداً بعد فترة قصيرة. قد يكون ضعف الإمكانيّات المادية سبباً، لكن في الوقت عينه هناك فراغ إداري كبير. ارتبط اسم النادي في السنوات الماضية بشخص أمين السر علي حسون. لا تكاد تسمع باسم آخر حين تتحدث عن نادي الغازية، كيف لا والنادي لا يوجد له رئيس فعلي. على الورق هناك الدكتور حسن غدار. هو آخر الرؤساء الذي تعاقبوا على سدة الرئاسة في النادي. في وزارة الشباب والرياضة ولدى الاتحاد اللبناني لكرة القدم هو ما زال رئيساً. توقيعه موجود على جميع مراسلات النادي بحكم القانون الذي يفرض توقيع الرئيس وأمين السر، لكن منذ ثلاث سنوات طلب غدار إعفاءه من مهامه، بعد أن قدّم الكثير. تعب الدكتور حسن من تحمّل أعباء النادي وحيداً، فيما لم يبادر أحد إلى المساعدة في الدعم المالي.نسأل عن الأسماء فيبرز اسم رئيس البلدية محمد سميح غدّار والى جانبه أحمد خليفة ومحمد الدنش. يؤكد البعض أنه في حال كان هناك رغبة وإرادة فعليّة بالدعم، فإن ميزانيّة الشباب الغازيّة يمكن أن تعادل موازنة العهد أو النجمة أو الأنصار، ورغم ذلك لن تتجاوز موازنة هذا الموسم الثلاثمئة ألف دولار كما يفيد أمين السر علي حسون لـ«الأخبار».
حالياً يرأس البلدية محمد سميح غدار وبعد عام ستنتقل الرئاسة الى أحمد خليفة الذي هو نائب الرئيس حالياً، وفق اتفاق حصل سابقاً بتقاسم الرئاسة بين العائلتين. ويتساءل البعض، ما دام الطرفان قادرين على الاتفاق على إدارة أمور البلدة فلماذا لا يستطيعان الاتفاق على إدارة أمور النادي بطريقة أبعد من تقديم راتب شهري متواضع للخزينة؟
تضم بلدة الغازية العديد من العائلات لكن تبقى عائلتا غدار وخليفة هما الأكبر. تنافس تقليدي بين العائلتين يبدو أن النادي يدفع ثمنه. هناك أيضاً آل حسون والدنش وكاعين وفرحات وحجازي وغيرها، لكن تبقى عائلتا غدار وخليفة الأكبر حيث يشكلان ثلث عدد الناخبين في البلدة الساحلية. هذا التنافس العائلي وضع النادي والمسؤولين عنه في موقف حرج. قد يكون أسهل عليهم وضع النادي في حضن إحدى العائلتين وحينها يمكن الحصول على كل ما يريدون، لكن ليس هذا ما يهدف إليه المسؤولون في النادي وتحديداً أمين السر كما يقول. فبقاء النادي على مسافة واحدة من جميع أبناء البلدة يعتبر أولوية حتى ولو كان الثمن موازنة متواضعة وطموحاً محدوداً وهو البقاء في الدرجة الأولى.
سيكون طموح النادي البقاء في الدرجة الأولى بموازنة لن تتجاوز الـ300 ألف دولار


يبدأ حسون بنقد الذات قبل توجيه النقد للآخرين، «قد تكون إمكانياتي وطاقتي المحدودة منعتني من تحويل النادي إلى مؤسسة قادرة على الإستمرار بغض النظر عن من يكون رئيساً. فأنا لست متفرغاً بل أعمل كمتطوع انطلاقاً من حبي لبلدتي ولكرة القدم» يقول حسون.
مركزية القرار في النادي المحصورة بيد حسون وقد تكون سبباً في عدم حماسة المتمولين الى الاندفاع أكثر نحو نادي البلدة. أمرٌ يجيب عنه حسون سريعاً «أنا مستعد للتنحي وتسليم النادي لأي شخصية تأتي وتنهض بأعبائه المادية. وكلامي من القلب وليس للمناورة. أنا جاهز لدعم ومساعدة أي شخص يرغب بترؤس نادي الشباب الغازية، وحين يكون هناك رئيس قوي يقوم بتقديم الأموال كما يجب، حينها تصبح الكلمة العليا له، ويتحوّل أمين السر إلى عمله الإداري».
يتحدث حسون بواقعية عن وضع النادي المادي، معترفاً بأن موازنة تتراوح بين 250 و300 ألف دولار تعتبر ضئيلة لنادٍ في الدرجة الأولى، «لكن أنا لا أستطيع إجبار الناس على الدفع» يقول حسون.
رغم ذلك فإن موازنة النادي يتم تأمينها من أبناء البلدة حيث يدفع بعض الأشخاص مبلغاً شهرياً يتراوح بين 500 و2000 دولار، وهي مبالغ متواضعة بالنسبة إلى ناد منافس في الدرجة الأولى. يعمل حسون على حصر مصاريفه الشهرية بحيث تقوم الـ12 ألف دولار من ضمنها ألفا دولار من البلدية شهرياً (قدّمت البلدية مبلغ 30 مليون ليرة للنادي في عام 2018) بأعباء النادي. «ليس لدي رواتب عالية، فهي تتراوح بين 500 و800 دولار كحدٍّ أقصى. أقوم في بداية كل موسم بتأمين دفعات للاعبين حتى لا تكون الالتزامات الشهرية عالية»، يقول أمين السر. تبدو المبالغ التي يقدمها المتمولون ضئيلة جداً نسبة لقدرتهم المادية. يكشف حسون عن فكرة وردت سابقاً بتقديم كشف بما يتم تقديمه من قبل كل شخص على صفحة النادي على فايسبوك لكن عاد وتراجع عن الفكرة منعاً من إحراج الأشخاص ومخافة أن لا يصدقه الناس.
هناك أفكار كثيرة لدى المسؤولين عن النادي، لكن الحساسية بين العائلات تحول دون تنفيذها، «قدمنا مشروعاً لإدارة مسبح الغازية الشعبي قادر على تأمين مبلغ 150 ألف دولار سنوياً، ما يرفع من موازنة النادي، لكن المشروع بقي في الأدراج. تجربتنا بتحويل ملعب النادي الذي كان أشبه بمرمح خيل إلى ملعب، مقبول جداً على تقديم مشروع المسبح الشعبي»، يقول حسون.
لا يخفي أمين سر النادي أن للرئيس نبيه بري دوراً أساسياً في إقامة الملعب «لكن نحن نخجل أن نتوجه الى الرئيس في كل مرة نحتاج فيها الى شيء. نحاول حل مشكلاتنا ضمن بلدتنا وعبر فاعلياتها قبل التوجه الى الآخرين».
طموح النادي هذا الموسم هو البقاء في الدرجة الأولى. يقوده ابن النادي والغازية المدرب فؤاد ليلا الذي نجح بإعادته إلى دوري الأضواء. مهمة البقاء احتاجت تدعيمات محلية وأجنبية فكان التعاقد مع الحارس محمد سنتينا من الراسينغ، وعلي بيطار من الإصلاح البرج الشمالي بعد أن تميّز اللاعب في الموسم الماضي حيث خاض 19 مباراة. كما تعاقد النادي مع لاعب الإصلاح والنبي شيت سابقاً حسين نصر الله، ولاعب الراسينغ حمزة سلامة، وقاسم ليلا من الصفاء وقاسم منّاع من الشباب العربي. كذلك استعار لاعب النجمة خليل بدر، وضم لاعب العهد علي خرّوبي الذي هو قائد منتخب لبنان للشباب في كرة القدم. أجنبياً، حافظ النادي على مهاجمه المميز العاجي جان كيكي الذي كان هداف الفريق في كأس التحدي مع تسجيله أربعة أهداف. لكن حتى هذه اللحظة لم يحسم هوية لاعبَي الدفاع وخط الوسط.



جمهور الغازيّة أنصاري!
تحضر جماهير نادي الشباب الغازيّة بأعداد كبيرة مباريات النادي خاصّة على ملعب كفرجوز. لكن حب الجمهور ليس محصوراً بالنادي، فالبلدة تعتبر معقلاً لجمهور الأنصار مع حضور نجماوي كبير. تشجيع الشباب الغازية يأتي بالانتماء، أما هوى عدد كبير من الجمهور فهو أنصاريٌ. لعلاقة الغازية بالأنصار قصة قديمة بدأت عام 1970 حين انتقل اللاعب السابق والمدرب الحالي فؤاد ليلا من الشباب الغازية الذي تأسس عام 1961 الى نادي الأنصار. يتحدث أمين سر النادي علي حسون عن تلك الفترة قائلاً: «انتقل ليلا إلى الأنصار ونقل معه الضيعة. بعد ذلك انتقلت أنا من الغازية عام 1986ولعبت مع الأنصار ستة مواسم من 1986 وحتى عام 1992 حين انتقلت الى الإخاء حيث لعبت لثمانية مواسم شهدت انضمامي الى منتخب لبنان»، يتذكّر حسون تلك الفترة الذهبية. قدمت الغازية العديد من النجوم أبرزهم لاعب الأنصار السابق أحمد فرحات الذي لعب في الفترة الذهبية للأنصار في التسعينيات، وكذلك مالك حسون والحارس سليمان حرب وكذلك علي حسون وكل هؤلاء لعبوا للأنصار انطلاقاً من العلاقة المميزة بين البلدة والنادي. حتى أن أحمد الدنش تبوأ منصب نائب الرئيس في نادي الأنصار لفترة من الزمن قبل أن يترأس حالياً الاتحاد اللبناني للميني فوتبول. لاعبون آخرون برزوا كالحارس علي ليلا وقاسم وأدهم غدار وحارس هومنتمن السابق أحمد خليفة وعماد غدار.