لم يعد الاهتمام بفرق الفئات العمرية أمراً عادياً بالنسبة الى أندية النخبة في كرة القدم اللبنانية، حيث لمست هذه الاندية في الاعوام القريبة الماضية مدى فوائد الاهتمام بقطاع الناشئين، الذي تحوّل رافداً مهماً للفريق الاول وانعكس نتائج طيّبة على الصعيد المحلي، ثم في فترة لاحقة مع تحوّل عددٍ كبير من هؤلاء اللاعبين لتمثيل لبنان على الساحة الدولية.
ورغم المشكلات المادية للأندية اللبنانية، فإن قسماً كبيراً منها لم يسقط مسألة الاستثمار في قطاع الناشئين، ففي عملية حسابية بسيطة يظهر أن المردود الناتج من صرف مبلغٍ معيّن في فرق الفئات العمرية يعود بفوائد أكبر من ذاك المصروف على اللاعب الاجنبي الذي بإمكانه خدمة الفريق لفترة محدودة، بينما يبقى اللاعب المحلي لفترة غير قصيرة مع ناديه الأم، وأحياناً منذ صعوده الى الفريق الاول حتى سن الاعتزال.
ويمكن أخذ نادي العهد كعيّنة عن النجاح في العمل على صعيد فرق الفئات العمرية، إذ إن العهد لطالما نافس على الألقاب في الفئات المختلفة طوال الاعوام الاخيرة، وهو توّج مجهوده بإحراز لقب بطولة الشباب بفريقٍ يضم وجوهاً واعدة للمستقبل، مثل علي شهاب وقاسم شمخة وغيرهما، يتوقع أن يسيرون على درب من سبقهم الى اللمعان مع الفريق الاول على غرار حسن معتوق وحسن شعيتو وهيثم فاعور، وحديثاً مهدي فحص ومهدي عطوي وحسين حيدر وحسين فاعور وحسين الزين ومصطفى بيضون.
واللافت أن لاعبي العهد الصغار تمكنوا من إثبات حضورهم بعد الضربة التي تلقّاها الفريق في الموسم الماضي وتمثلت في إيقاف عددٍ كبير من لاعبيه على خلفية فضيحة التلاعب بنتائج المباريات لمصلحة مكاتب المراهنات. وها هم يطعّمون الفريق الاول هذا الموسم، لا بل إن بعضهم بدأ يأخذ مكاناً أساسياً في المباريات، أمثال مهدي فحص وحسين فاعور.
ويعيد المدرب المساعد في العهد غلام غادر (مدرب منتخب لبنان للناشئين) هذه المسألة الى الاهتمام الكبير الذي توليه إدارة العهد لفرق الفئات العمرية، مشدداً: «لكن الاهم هو معرفة الوقت الصحيح للدفع باللاعب الشاب الى الفريق الاول، فهناك مرحلتان: الاولى تتمثل في دمجه مع اللاعبين النخبة لاكتساب الخبرة والاحتكاك، ثم إشراكه تدريجاً في المباريات».
ويشرف المدرب باسم مرمر على الفئات العمرية في العهد ومعه الحارس السابق بلال هاشم ومحمد سلوم، حيث يقوم هؤلاء الثلاثة بالدور الاساسي مع فرق النادي. الا ان نقطة مهمة على هذا الصعيد يفترض التركيز عليها وهي تخصيص جهاز فني كامل من مدرب ومساعد مدرب ومدرب حراس لكل فريق بهدف توفير الجهود وتصويبها نحو ناحية معيّنة بهدف التطوير السريع.
ومسألة التطوير تشغل حالياً نادياً آخر اعتاد الاهتمام بقطاع الناشئين هو الانصار، الذي يستعد لإعادة هيكلة هذا القطاع بهدف الاستفادة أكثر منه، لذا فان القيّمين في صدد اعداد مشروعٍ تطويري لعرضه على الادارة في الفترة المقبلة.
وكان واضحاً ان الانصار يهدف الى بناء فريقٍ للمستقبل يكون محوره اللاعبين الناشئين، وهو لهذه الغاية بدأ يستفيد من المواهب التي خرّجها من فرق الفئات العمرية حيث قدّم هذا الموسم محمد السباعي الملقّب بـ«وارطان» وقبله أنس ابو صالح وغيرهما، وهؤلاء الى جانب وسام صالح (جاء من الشباب العربي) وعلي عمر عثمان وجعفر عيسى وحسن حمود وجهاد المصري ومحمد عسكر وعباس عوض، يفترض ان يشكّلوا ضمانة للمستقبل على صعيد توفير اللاعبين المحليين اصحاب النوعية الجيّدة.
كذلك، لا يمكن إغفال مدى استفادة النجمة من لاعبيه الصاعدين القادمين من فرق الفئات العمرية، وخصوصاً فريق الشباب الذي يشرف عليه مدافع الانصار السابق بلال زغلول، حيث يبرز حسن العنان حالياً لاعباً اساسياً في خط الوسط الى جانب «أبناء النادي» عباس عطوي ومحمد شمص وخالد تكه جي، علماً بأن النجمة اعتاد الاستفادة من فرقه الرديفة منذ الماضي البعيد، حيث خرّج فريق المدرب عبد الحميد كركي مثلاً لاعبين مهمين أواخر التسعينيات أمثال خالد حمية ويحيى هاشم والراحل حسين دقماق وغيرهم.
أما اليوم، فيتوقع ان يأخذ عدد من الناشئين دوراً أيضاً، وخصوصاً في حال واصل المدير الفني الالماني ثيو بوكير عمله لفترة طويلة مع النادي، وهو المعروف عنه أنه يهوى نقل اللاعبين الصغار الى الاضواء بسرعةٍ قياسية.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem