لا أحد يشكّ بموهبة إيدين هازارد الفريدة. اللّاعب الّذي يستمتع بأدائه جماهير الخصم قبل جماهير تشيلسي. لاعب «مميز» بإمكانيّات كبيرة حدّها المدرّبون السّابقون بفكرهم «الدفاعي»، بعد أن أثقلو «صانع الألعاب» بأغلال الدّفاع، ليحرّره المدرّب الجديد ماوريسيو ساري، جاعلاً إيّاه يعيش أحد أفضل مواسم حياته حتّى الآن. كان صيفاً حافلاً لهازار. فبعد موسمٍ متخبّطٍ لتشيلسي مع كونتي، كثرت الأقاويل عن خروج نجمهم الأوّل خارج أسوار البريدج. كان الرّيال الوجهة الأقرب، نظراً إلى حاجته إلى نجمٍ شابّ يعوّض رحيل أسطورته كريستيانو رونالدو. فضّل هازارد التّروّي، وعدم اتّخاذ أي قرار يشتّت انتباهه عن كأس العالم. قدّم هازار بطولة «طيبة». قاد من خلال أدائه الرّائع منتخب بلاده للمركز الثّالث، خلف كلّ من كرواتيا، وفرنسا الّتي أخرجته في النّصف نهائي. أثناء البطولة تعرّض المدرّب أنطونيو كونتي للإقالة وخلفه مدرّب نابولي الإيطالي ماوريسيو ساري. وفور انتهاء كأس العالم أقنع ساري هازار بالبقاء، واعداً إيّاه ببناء منظومة هجوميّة تتناسب مع أسلوب اللّاعب.بعد خمس جولات من الدّوري الإنكليزي، تمكّن تشيلسي بقيادة مدرّبه الجديد من تحقيق العلامة الكاملة، أداءً ونتيجة، حيث قام المدرّب الإيطالي، بتغيير طريقة اللّعب، محرّراً بعض اللّاعبين من واجباتهم الدّفاعيّة، ليظهروا إمكانيّاتهم الهجومية كافّة، تماشياً مع أفكاره وخطته. هازار كان أكثر اللّاعبين الّذين شملهم «العفو الإيطالي»، إذ كنّا نشاهد اللّاعب مطالباً دائماً بالرّجوع للدّفاع مع كلّ هجمة يتعرّض النّادي، ما يحدّ من إمكانيّاته الهجوميّة بفعل نفاد الطّاقة لديه، إضافةً لحصره على الجهة اليسرى بفعل الأدوار الموكّلة له بلعب دور الجناح التّقليدي. تغيّر الأمر مع ساري، حيث نرى قدر الرّاحة الّتي يتمتّع بها اللّاعب الآن، والّتي تترجم عبر أدائه الكبير وأرقامه اللافتة، إذ بعد 5 جولات فقط من بداية الدّوري، يتصدّر هازار قائمة هدّافي الدّوري الإنكليزي الممتاز بخمسة أهداف إضافةً لصناعته هدفين، فيما سجّل في موسم مورينهو الأخير رفقة البلوز 2015/2016 أربعة أهداف فقط. إعطاء اللّاعب الصّلاحيّة الكاملة بالملعب، جعلته أكثر راحة وحرّيّة، ما جعلنا نراه ينتشر في أماكن الملعب كافّة. وتغيير أسلوب اللّعب من الدّفاع إلى الهجوم، خدمت اللّاعب بشكل كبير، الّذي طالما انتقد الأسلوب المفرط في الدّفاع لمدرّبيه السّابقين.
بعد 5 جولات يتصدر هازار ترتيب الهدافين بـ5 أهداف

وتمثّل التّطوّر الكبير الذي شهده اللّاعب في النّاحية الهجوميّة، في المباراة الأخيرة الّتي جمعت تشيلسي بضيفه كارديف سيتي، بعدما تمكّن رجل المباراة إيدين هازارد من تسجيل الهاتريك الثّاني له في مسيرته مع تشيلسي، في أداءٍ استثنائي لجوهرة تشيلسي البلجيكيّة.
وقد علّق ساري على أداء هازار الرّائع في المؤتمر الصّحافي عقب المباراة، بتصريحات سخر بها من الثّنائي كونتي، المدير الفني السّابق للبلوز وجوزيه مورينيو مدرّب مانشستر يونايتد قائلًا: «الآن بإمكان هازارد أن يوفّر الكثير من طاقته لأنه يلعب بالقرب من المرمى بدلاً من الجري لمسافات طويلة 50 أو 60 متراً بكل هجمة»، وذلك فى إشارة إلى مطالبات الثّنائي الدّائمة، برجوع هازار للدّفاع وقتها، ثمّ شدّد المدير الفنّي قائلاً: «لقد أخبرت هازار بآخر يومين، عليك أن تقضي وقتاً أطول في آخر 25 متراً بدلاً من العودة إلى الخلف كثيراً، مثل هؤلاء يجب أن تحرّرهم، لاعب مثل هازار يجب أن يسجّل 40 هدفاً كلّ موسم، إنّه أفضل لاعب في أوروبا حالياً». شدد ساري على نقطة مهمة: لتسجيل هذا الكمّ الهائل من الأهداف، لا يتحقّق إلّا إذا قام اللّاعب بتوفير المزيد من طاقته بدلاً من لمس الكرة 5 أو 6 مرّات بنصف ملعب فريقه، وأنّه بإمكانه أن يتحسّن أكثر فى هذة النّقطة مع الوقت.
كان للعناصر الجديدة الّتي جاءت للفريق، الأثر الأكبر في ظهور هازار بهذا الشّكل، حيث ساهم كلّ من كوفازيتش و جورجينهو، بزيادة «السّحر» في وسط الفريق، وذلك عبر كسب الاستحواذ في منتصف الملعب، كما نمّ أداء جيرو في مباراة الأمس، عن مدى التّفاهم الكبير بين اللّاعبين، حيث قام بصناعة هدفين لهازار. أداءٌ كبير من اللّاعب الفرنسي جعل هازار عقب انتهاء المباراة يعرب عن مدى سعادته بوجود جيرو في الخطّ الأمامي للفريق، واصفاً إيّاه بالأفضل في العالم من حيث تمركزه في الصّندوق. بعد الشّائعات الكثيرة حول مستقبل اللّاعب في الصّيف الماضي، ها هو هازار يشكّل القوّة الضّاربة لتشيلسي تحت إمرة ساري، أسلوبٌ ونتائج وأداء رائع من نجمه الأوّل، جعلت من تشيلسي مرشّحاً أوّلاً للفوز باللّقب رفقة كلّ من مانشستر سيتي وليفربول، في موسمٍ تحوّلي للنّادي قد يشهد تتويجه باللّقب الثّالث خلال الخمسة مواسم السّابقة. وقد يصير هازار بعد هذا الموسم، أفضل لاعب في العالم، لم لا؟



جيرو «يمحو» موراتا


بعد مشاركته أساسيّاً في المباريات الأربع الأولى في الدّوري، استبعد ماوريسيو ساري ألفارو موراتا من التّشكيلة الأساسيّة في مباراة الفريق الأخيرة ضدّ كارديف سيتي. جاء القرار بعد أن التمس ساري ضعف موراتا أمام الخصوم الّذين يلعبون بأسلوب دفاعي مكثّف، حيث لم يتمكّن المهاجم الإسباني من التّسجيل، إلّا في مباراة واحدة هذا الموسم، جاء الهدف أمام أرسنال في المباراة الّتي شهدت فوز تشيلسي 3-2. وقد تمكّن جيرو في التّسعين دقيقة الّتي لعبها أمام كارديف، أن يقدّم مستوى جيداً، حيث اعتمد الفريق عليه كمحطّة هوائيّة لإسقاط الكرات العالية للقادمين من الخلف، كما كان مصدر إزعاج كبير لمدافعي الخصم، حيث استخدم قوّته الجسديّة الهائلة لمنع المدافعين من بناء الهجمة من الخلف. وبنظرته الثاقبة، تمكّن بطل كأس العالم الأخير من صناعة هدفين لنجم المباراة إيدين هازار، وكان قريباً جدّاً من تسجيل هدفه الأوّل في الموسم في أكثر من مناسبة. في ظلّ المستوى الرّائع الّذي قدّمه اللّاعب، وقلّة الثّقة والمردود لدى موراتا، قد نشاهد جيرو يبدأ أساسيّاً في المباراة المقبلة المرتقبة بين متصدّر الدّوري ومتذيّله، في الدّيربي اللّندني الّذي سيجمع تشيلسي بويستهام يونايتد على ملعب الأخير.