لا يُعقل ما يفعله الإسباني ألفارو نيغريدو مع مانشستر سيتي الإنكليزي. صحيح أن الفريق برمّته يعيش، من دون مبالغة، أفضل فترة في تاريخه، وما نتائجه في كل المسابقات وقوته الهجومية المرعبة، حيث سجل 106 أهداف حتى الآن، سوى تأكيد على الموسم الخيالي لـ«السيتيزينس» في هذا الموسم، غير أن النجاح الذي يسطّره «الماتادور» الإسباني يبدو لافتاً للأنظار، ذلك أنه يخوض، ببساطة، موسمه الأول في الـ«بريميير ليغ».
فأن يتأقلم نيغريدو بهذه السرعة مع بطولة كالدوري الإنكليزي وهو القادم من أسلوب مختلف كلياً في الدوري الإسباني، فهذا، لا شك، لافت. أن يسجل نيغريدو حتى الآن 23 هدفاً في 33 مباراة مع سيتي في مختلف المسابقات؛ بينها 8 في آخر 6 مباريات، فهذا، أيضاً، لافت. أن ينجح نيغريدو في تكوين ثنائي مع النجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو وعند إصابة الأخير وابتعاده أن يكرر النجاح الى جانب المهاجم البوسني إيدين دزيكو، فهذا، أيضاً وأيضاً، لافت.
في حقيقة الأمر، ما قدمه حتى الآن نيغريدو يبدو مفاجئاً لجميع النقاد. صحيح أن الإسباني عوّدنا على أرقامه التهديفية العالية إن مع ألميريا وخصوصاً مع إشبيلية في بلاده، وهو بالمناسبة أحد أكثر اللاعبين الذين تعرضوا للظلم إعلامياً في «الليغا»، حيث التركيز هناك بالكامل على برشلونة وريال مدريد وبدرجة أقل على جار الأخير أتلتيكو، إلا أن التألق على هذا النحو مع فريق كسيتي في بطولة كالدوري الإنكليزي يثبت، بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذا المهاجم من طينة الكبار. فأن تسجل أمام دفاعات الإنكليز الصلبة، وكذا في دوري أبطال أوروبا أمام دفاع بايرن ميونيخ الألماني، فهذا يعني أنك مهاجم غير عادي.
ما هو مدهش في نيغريدو، من خلال ما قدمه لنا حتى الآن، أنه لا يعتمد على قوته الجسدية (طوله 1,86 سم ووزنه 85 كلغ) فحسب، وهي التي لا شك تميزه من خلال الكرات الهوائية البارع فيها والقدرة على الاحتفاظ بالكرة أمام المدافعين والقوة التي تسمح له بكسب الالتحامات معهم، بل إنه يجيد كذلك التخلص بذكاء من الرقابة الدفاعية إن بمراوغة فنية ماهرة أو بالقدرة الفائقة على الوجود في المكان المناسب وترجمة الأهداف بكل الطرق عبر حاسته التهديفية العالية، أضف الى تعاونه الواضح مع زملائه ومساهمته في صناعة الأهداف لهم، ما يوضح أنه «هداف بالفطرة».
ولا يخفى أن كأس العالم في الصيف المقبل قد أسهمت في ظهور نيغريدو بهذه الكيفية، وخصوصاً أنه يعلم أنها قد تكون فرصته الأخيرة للمشاركة في هذا الحدث العالمي وهو في الـ 28 من عمره، لذا فإن مواصلته النسج على منوال التألق ستجعل منه «الورقة الرابحة» لمدرب «لا فوريا روخا»، فيسنتي دل بوسكي، في هجوم الأخير تماماً كدييغو كوستا.
ألفارو نيغريدو نجم اكتشفه كثيرون الآن بعدما أنصفه الدوري الإنكليزي مقارنة بالتعتيم الإعلامي عليه في بلاده. نجم، لا شك، يشعر مسؤولو ريال مدريد بالندم الكبير على التفريط به، حيث يجدر التذكير بأنه لعب للفريق الثاني للملكي بين 2005 و2007 من دون أن يأخذ فرصته مع الفريق الأول ويتم بيعه، ذلك أنه كان قادر على إفادة نادي العاصمة الإسبانية، التي ولد فيها، كثيراً، وحتى أكثر من كل الأسماء التي لعبت، ولا تزال، في هجوم ريال مدريد.




شيرر الجديد

ذهب نجم الدوري الإنكليزي السابق، الويلزي روبي سافاج، الى اعتبار نيغريدو بأنه «ألان شيرر الجديد». هذا الوصف يكفي وحده ليختصر مدى المقدرات التي تختزنها الموهبة التهديفية لهذا الإسباني، وأن يشبَّه بهداف كشيرر فهذا غير قليل بتاتاً.