لا تزال مواجهة بايرن ميونيخ الألماني وبنفيكا البرتغالي في دوري أبطال أوروبا عام 1996 حاضرة في أذهان البافاريين. حينها لم يتواجه الفريقان على اللقب بل في دور الـ 16. كان عامذاك النجم السابق يورغن كلينسمان مع بايرن. في مباراة الذهاب على ملعب «أولمبيا شتاديون» السابق للبافاري سجل المهاجم الفذّ رباعية الفوز. لم يكتف كلينسمان بذلك بل في مباراة الإياب في البرتغال سجل هدفين من بين ثلاثية الفوز. في الحقيقة، فإن بنفيكا لا يمكن أن ينسى كلينسمان. لا يمكن أن ينسى لاعباً سجل في شباكه 6 أهداف في مباراتين. ذلك أصبح الماضي، لكنه ماضٍ لا بد من التذكير به باعتبار أن ما حقّقه كلينسمان لا يتكرّر دائماً. هكذا فإن تلك المواجهة قبل 22 عاماً تحضر إلى الذاكرة عند الحديث عن تجدّد المواجهة بين الفريقين في البطولة ذاتها لكن في دورها الأول اليوم. بايرن لا يزال بايرن. كبير ألمانيا. وبنفيكا لا يزال بنفيكا. واحد من بين الثلاثة الكبار في البرتغال إلى جانب بورتو وسبورتنغ لشبونة. وبالحديث عن بورتو فإن البافاري يتذكّره أكثر من بنفيكا عندما خسر أمامه نهائي دوري الأبطال بمسمّاها القديم كأس الأندية الأوروبية البطلة عام 1987 في فيينا في المباراة التي سجّل فيها أسطورة الجزائر رابح ماجر هدفه الشهير بالكعب والذي أصبح «ماركة مسجّلة» له.ذلك أيضاً أصبح من الماضي. الآن، في أيلول 2018، يتواجه بايرن وبنفيكا على ملعب «استاديو دا لوز». الأول، كالعادة، في صدارة «البوندسليغا»، والثاني أيضاً في صدارة ترتيب دوري بلاده، وكالعادة في منافسة مع بورتو وسبورتنغ لشبونة. لكن هذا لا يمنع من أن الفوارق الحالية والتاريخية تبدو كبيرة بين الفريقين الألماني والبرتغالي. على الأرجح سيكتفي بنفيكا بمنافسة أياكس أمستردام الهولندي وربما آيك أثينا اليوناني على البطاقة الثانية المؤهلة إلى دور الـ 16 فيما يُتوقّع، في حال عدم حصول مفاجآت، أن يحسم بايرن البطاقة الأولى والصدارة. إذاً فإن الأنظار تتّجه، بطبيعة الحال، إلى بايرن في هذه المباراة. البافاري يخوض مباراته الأولى في البطولة التي أحرز لقبها 5 مرات. هو واحد من كبار أوروبا وبالتالي فإنه يحظى بجانب من الاهتمام خصوصاً مع صافرة الانطلاق.
الفوارق الحالية والتاريخية تبدو كبيرة بين الفريقين الألماني والبرتغالي


صحيح أن بايرن حقق بداية مميزة في الدوري الألماني بتصدّره بـ 9 نقاط من 3 مباريات مسجلاً 9 أهداف بواقع 3 أهداف في كل مباراة، إلا أن هذا لا يعني الكثير للبافاريين، إذ ليس بجديد على هؤلاء صدارة «البوندسليغا» ولقبها في النهاية. قد تعني هذه البداية المدرب نيكو كوفاتش في انطلاقته مع الفريق، لكن ما يهمّ البافاريين هو اللقب الأوروبي. «التشامبيونز ليغ» لا غير ذلك. في الحقيقة، فقد تعرّض بايرن لخيبات كثيرة منذ تتويجه باللقب الأخير عام 2013 على حساب بوروسيا دورتموند. مذذاك الإنجاز بإحراز الثلاثية بقيادة المدرب القدير يوب هاينكس توالى على تدريب البافاري كل من الإسباني جوسيب غوارديولا والإيطالي كارلو أنشيلوتي وفي العام الأخير هاينكس مجدداً، لكن في كل مرة كان يخسر بايرن في الأمتار الأخيرة. يخسر أمام الإسبان تحديداً.
حصل التغيير هذا الصيف. حُكي عن أسماء كثيرة قد تتولى المهمة الثقيلة بتدريب فريق كبايرن من بينها توماس توخيل والإسباني لويس إنريكه ليرسو الخيار في النهاية على كوفاتش. رهان نظر إليه البعض في مقاطعة بافاريا بخشية ذلك أن الكرواتي ليس اسماً كبيراً كباقي نجوم التدريب في أوروبا. صحيح أنه قاد أينتراخت فرانكفورت للقب الكأس على حساب بايرن بالذات ودرّب منتخب كرواتيا وأوصله إلى مونديال البرازيل 2014، إلا أن الأمور تختلف كثيراً في فريق مثل بايرن. لكن ثمة في البافاري من كان ينظر إلى كوفاتش من ناحية اعتباره لاعباً سابقاً في بايرن، وهذه نقطة يوليها البافاريون أهمية كبيرة، فضلاً عن كونه مدرباً شاباً ومتحمّساً وقد أظهر عن كفاءة في أسلوبه التدريبي مع فرانكفورت.
بالفعل فإن كوفاتش يبدو حتى الآن على قدر المسؤولية التي تحمّلها. هو قبل كل شيء يعلم بايرن ميونيخ جيداً وملمّاً بكل شؤونه وعلى علاقة جيدة بمسؤوليه. فضلاً عن ذلك، فإن معظم اللاعبين، حتى الآن، يقرّون بكفاءته التدريبية وجديّته وعدم تهاونه في التدريبات القاسية. كما لفتت الأنظار شخصيته القوية وثقته بنفسه من خلال فرضه قراراته على نجوم الفريق تحديداً وهذا ما بدا واضحاً في المباراة أمام شتوتغارت عندما استبدل الثنائي الهولندي أريين روبن والفرنسي فرانك ريبيري ليخرجا ممتعضَين لكنهما في النهاية تقبّلا الواقع الجديد واعتماد المدرب الكرواتي على مبداً المداورة وإعطاء الفرصة أكثر للشباب، فضلاً عن ذلك فإن كوفاتش لم يكن متطلّباً في سوق الانتقالات بل اكتفى بقدوم الشاب الموهوب ليون غوريتسكا وعودة الشاب الآخر سيرج غنابري، معتبراً أن باستطاعته إصابة النجاحات مع التشكيلة الحالية وهذا ما بدا واضحاً على سبيل المثال من خلال إعادته توماس مولر للبروز وقد سجل الأخير الهدف الأول لفريقه في الموسم الجديد ثم أضاف هدفاً ثانياً.
رغم الأفضلية «على الورق» لبايرن أمام بنفيكا، فإن البافاريين يريدون الاطمئنان على فريقهم مع مدربه الجديد من خلال المسابقة الأبرز أي دوري الأبطال، وهذا ما سيحظى باهتمامهم اليوم. إذاً، بايرن يواجه بنفيكا في «استاديو دا لوز» اليوم. يورغن كلينسمان لم يعد هنا. الأكيد أن التاريخ لن يتكرّر. لن يسجّل لاعب آخر من بايرن 6 أهداف.