من الملاعب الى المكاتب. هذا هي حال المنافسة في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، حيث أخذ المديرون التنفيذيون الأمور على عاتقهم منذ بداية السنة الجديدة، في الوقت الذي أصبح فيه إيقاع العمل أسرع مع بقاء 48 ساعة على إقفال باب الانتقالات.
والسرعة في التحرك عبر استعمال جميع الوسائل المتاحة، ناتجة من سببٍ لم نشهده في الموسم الماضي على الأقل، وهو اتساع دائرة المنافسة بين فرق الطليعة، إذ تبدو حظوظ مانشستر سيتي وتشلسي وأرسنال وليفربول متساوية بالنسبة الى حظوظ التتويج باللقب.
وانطلاقاً من هذه النقطة، وجد اقتناع غير معلن عند هذه الأندية بأن العمل بجهد في المكاتب يوازي حالياً، ولفترةٍ قصيرة جداً، ذاك العمل الكبير على الصعيد الفني في ملاعب التمارين والمباريات.
إذاً، توصل القيّمون على الأندية الى خلاصة بأن عناصر بسيطة قد ترجّح أحدهم على الآخر في الأشهر المقبلة أو في الأمتار الأخيرة من السباق. وتبدو مسألة تعزيز التشكيلة أبرز العناصر على هذا الصعيد، إذ إن صاحب الصفقات الأفضل في سوق الانتقالات الشتوية سيحسم اللقب بنسبة كبيرة بالنظر الى تقارب المستوى الفني بين فرق المقدمة.
من هنا، يمكن اعتبار قيمة اللاعب النجم المتوافر في سوق الانتقالات الشتوية أكبر من قيمته في السوق الصيفية مثلاً. ولهذا السبب على سبيل المثال، لم يوفّر مانشستر يونايتد أي جنيه استرليني في صفقة تعاقده مع الإسباني خوان ماتا من تشلسي بالنظر الى أنه يدرك أن هذا اللاعب قادر على رفعه في موسم مضطرب، وقد بدا هذا الأمر جليّاً في مباراته الأولى مع «الشياطين الحمر».
اليوم، تنظر فرق المقدمة بإمعان الى المرحلة المقبلة، مقتنعة بأن تأثير ما ستقدم عليه في سوق الانتقالات قبل إقفالها قد يكون حاسماً، على غرار ما كان عليه الأمر عام 1992 عندما ترك النجم الفرنسي إيريك كانتونا فريقه ليدز يونايتد وانتقل الى مانشستر يونايتد ليغيّر المعادلة ويقود ناديه الجديد الى أول لقب له في بطولة الدوري منذ عام 1967.
والخطوة نفسها يريد الإقدام عليها أرسنال الطامح الى استعادة العرش في «البريميير ليغ»، إذ بات مدربه الفرنسي أرسين فينغر يعرف جيداً أنه بالقدر الذي ينفق فيه الأموال فإنه يحصل على النتائج، وذلك بعدما لمس هذا الأمر عند ضمّه النجم الألماني مسعود أوزيل من ريال مدريد الإسباني في الصيف الماضي. لذا لا يمانع «البروفسور» أن يصل الى مبلغ 45 مليون يورو التي تحرر الألماني الآخر جوليان دراكسلر من عقده مع شالكه، وذلك لتحويله الى «ماكينة» هجومية على صورة مهاجمه السابق الهولندي روبن فان بيرسي، الذي وصل الى «المدفعجية» كلاعبٍ في مركز الجناح، قبل أن ينقله فينغر الى رأس الحربة ليصبح سلاحاً فتاكاً.
وبالتأكيد، فإن أرسنال بحاجة الى لاعب بمواصفات دراكسلر لسببين، الأول هو عدم وجود بديل للفرنسي أوليفييه جيرو كمهاجم صرف، وثانياً الإصابة التي تعرض لها الويلزي أرون رامسي، والتي ستبعده لفترةٍ لا بأس بها عن الملاعب، ما يترك فراغاً لا يستهان به في تشكيلة «الغانرز».
بدوره، كان القطب اللندني الآخر تشلسي قد سبق أرسنال وسجّل حضوراً لافتاً في سوق الانتقالات من باب حرص مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو على خوض النصف الثاني من الموسم بتشكيلة من دون عيوب، حيث تعاقد مع الصربي نيمانيا ماتيتش من بنفيكا البرتغالي والمصري محمد صلاح من بازل السويسري. ولا تزال عيون جمهور «البلوز» شاخصة على خط الهجوم الذي يعتبره «مو» نقطة ضعف، رغم وجود الهدافين الإسباني فرناندو توريس والكاميروني صامويل إيتو، لذا فإنه قد يستخدم المبلغ الذي حصل عليه جراء بيع ماتا لضم مهاجمٍ جديد يفضل هو أن يكون البرازيلي _ الإسباني دييغو كوستا، رغم صعوبة استقطابه حالياً.
وبالتأكيد، لا يبدو مانشستر سيتي تاركاً الساحة للفريقين اللندنيين، إذ سبق له أن لمس مدربه التشيلياني مانويل بيلليغريني حاجة لتعزيز خط الدفاع، وهو ربما يتحرك بهذا الاتجاه من دون ضجيج لإيجاد الشريك المناسب للبلجيكي فنسان كومباني بدلاً من جوليان لوسكوت والأرجنتيني مارتن ديميكيليس. وقد يكون الهدف القديم أي الفرنسي إيلياكيم مانغالا المدافع المنشود لإنهاء مشكلة لا شك في أنها ستكون مفصلية بالنسبة الى سيتي، الذي يرى في ترميم دفاعه عاملاً حاسماً لاستعادة اللقب الذي فقده في ختام الموسم الماضي.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem