احتاج لايبزغ في الجولة الأخيرة من اليوروباليغ، لفوزٍ أمام روزنبورغ النرويجي ليتأهّل إلى دور الـ16، كما احتاج أيضاً إلى فوز نادي ريد بول سالزبورغ النمساوي على سيلتيك الاسكتلندي. تمكّن نادي ريد بول من تقديم خدمة كبيرة للنادي الألماني، وذلك بفوزه (2-1) على وصيف المجموعة. غير أنّ لايبزغ رفض الهدية، وخرج رسمياً من البطولة بعد أن مني بهدفٍ في الدقيقة 85، لتنتهي المباراة بنتيجة (1-1). تعادلٌ على أرضه أمام فريقٍ لم يحقّق أي نقطة في المباريات الخمس السابقة من البطولة، وضعت علامات استفهام كثيرة حول الفريق، الذي كان وصيفاً في الدوري الألماني عام 2016.الخدمة التي سعى نادي ريد بول سالزبورغ لتقديمها إلى نادي أر بي لايبزغ، تخطّت الجانب الرياضي لتتمحور حول شقّ العائدات الماليّة، حيث يرتبط الناديان بشركة ريد بول المصنّعة لمشروبات الطاقة. عانى الناديان من الارتباط بالشركة المؤسّسة أخيراً، حيث طرحت عام 2016 إمكانية منع أحدهما من المشاركة في البطولات الأوروبيّة تبعاً لقوانين الفيفا. يحظر الاتحاد الأوروبي الأندية ذات الروابط الوثيقة من اللّعب في أوروبا في نفس الموسم، حيث يمنع أي ناديين يتبعان لمالك واحد من التنافس في المسابقات الأوروبيّة بنسخةٍ واحدة، تجنّباً للتلاعب بالنتائج. في الحالات التي يحدث فيها ذلك، تُعطى الأولويّة للفريق المتوّج بلقب الدوري المحلي، وبما أنّ لايبزغ احتلّ المركز الثاني في الدوري الألماني موسم 2017 مقابل تتويج سالزبورغ بالدوري النمساوي، كان لايبزغ قريباً من عدم مشاركته في دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي. اشترت شركة ريد بول نادي سالزبورغ عام 2005، وقامت بإعادة تسميته باسم ريد بول سالزبورغ. قامت الشركة بعد ذلك بإعادة هيكلته ولعب دور الراعي فقط، دون امتلاك حصة كبيرة من النادي، ما جعل هيئة الرقابة الماليّة في اليويفا تسمح بمشاركة الناديين أوروبيّاً، نظراً لعدم خرقهما المادة 5 بشأن نزاهة المنافسة.
حاول رئيس نادي لايبزغ الالتفاف على قوانين كرة القدم في ألمانيا لتحقيق أرباح ماليّة


تأسس نادي لايبزغ عام 2009 بدعم من شركة ريد بول. خلال سبع سنوات، صعد النادي من الدرجات الدنيا، لينجح عام 2016 في احتلال المركز الثاني في أول موسم له في البوندسليغا. أثار بروز النادي بين كبار الأندية الألمانيّة كراهية أغلب جماهير الدوري الألماني، حيث رأوا في لايبزغ نادياً ظهر بقوّة المال، وهو ما لا يتوافق مع ثقافة الكرة الألمانيّة. أراد ديتريش ماتيشيتز مؤسس شركة ريد بول إعادة تسمية الفريق ليصبح ريد بول لايبزغ، وذلك سيراً على خطى أنديته السابقة كفريق نيويورك ريد بولز وريد بول سالزبورغ. غير أنّ قانون «50 + 1» الذي يحمي الكرة الألمانية ويحافظ على ثقافتها، حال دون تحقيق ذلك، بفعل وجود مادة ضمن هذا القانون تفيد بأنه لا يسمح للفرق الألمانيّة بأن تغير اسمها تبعاً للشركة الراعية. للتحايل على القانون، قام ماتيشيتز بتغيير اسم الفريق إلى Rasen Ballsport» Leipzig»، مختصراً الاسم بـ«RB LEIPZIG»، بغية الترويج للمنتج ريد بول. أثار القانون «50 + 1» إزعاج المؤسّس بعدما لمس صعوبة الاستثمار في الدوري الألماني. يحظى الملاك في الدول الأخرى بحريةٍ شبه مطلقة تعود بالمنفعة المادية عليهم. الوضع مختلف في ألمانيا، حيث يحظى المشجّعون بنسبة كبيرة من ملكيّة النادي تخوّلهم التأثير على قرارات الإدارة. يصبح المشجعون أعضاء بنسبة 51% بعد دفعهم رسوماً تقدّر بـ100 يورو سنويّاً لكل مشجّع. عضويّة من شأنها الحفاظ على أسعار البطاقات والتحكّم بأسعار الصفقات، نظراً لاهتمام المشجعين بالجانب الترفيهي للعبة، غير أنّ مالك نادي لايبزغ، تمكّن مرة أخرى من الاحتيال على القانون، حيث حدّد رسم العضويّة السنوي بـ800 يورو. مبلغٌ ضخم قلّص عدد أعضاء النادي لأقل من 20، في حين تمتلك بعض الفرق الألمانية أكثر من مئة ألف عضو.
تمثّل مشروع النادي بوضع ميزانيّة ضخمة تعود على المالك بالألقاب والعائدات الماليّة. أسماءٌ ترعرعت سويّاً منذ بداية التأسيس، كان لها الكثير من الأهمية في سبيل تحقيق الحلم. تألّق العديد من اللاعبين في موسم لايبزغ الأول في الدوري الألماني. أسماءٌ كتيمو فيرنر، ستيفن إيلسانكر، إيميل فورسبيرغ ونابي كيتا، جعلت كبار الأندية تتصارع على ضمّهم، وذلك بعد أن قادوا فريقهم لاعتلاء صدارة البوندسليغا بعد مرور 13 جولة برصيد 33 نقطة، ليتمكنوا في نهاية المطاف من تحقيق مركز الوصافة. انخفض مستوى الفريق بعد ذلك تدريجيّاً في الموسمين الماضيين نتيجة عدم تدعيم الصفوف، خاصة بعد انتقال لاعب المحور نابي كيتا إلى ليفربول.
بين الحلم والواقعية، سقط فريق لايبزغ. بالرغم من وجوده للمرة الثالثة على التوالي بين فرق الطليعة، لا يزال الفريق بعيداً عن تحقيق الألقاب المحلية والأوروبيّة. السياسة التي اتبعها النادي بتنمية المواهب الشابة للمنافسة على الألقاب باءت بالفشل، حيث طغى نقص الخبرة على عاملَي المال والمواهب. يفتقد لايبزغ عنصر الخبرة. أندية عملاقة كبايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند تمكّنت من تحقيق الألقاب نظراً لتوافر العوامل الثلاث ضمن صفوفها. بالرغم من دهاء إدارة لايبزغ، غير أنها لم تجِد منفذاً يخوّلها إبرام صفقاتٍ بسعرٍ ضخم، لنقل الفريق من مرحلة المنافسة على المقاعد الأوروبيّة إلى مرحلة المنافسة على اللقب. منّت الإدارة نفسها بالسير على خطى أندية مانشستر سيتي، تشيلسي وباريس سان جرمان، غير أنّ التحكّم بأسعار الصفقات مرتبط بعضوية باقي الفرق، التي تمثّلت قوتها بجعل كورنتين توليسو أغلى صفقة في تاريخ الدوري الألماني، وذلك مقابل 40 مليون يورو فقط.
لتحقيق الألقاب، يتوجّب على إدارة لايبزيغ تحسين كشّافيها والعمل على بعض التغييرات الإداريّة، سيراً على خطى بروسيا دورتموند، النادي الذي يتصدّر الدوري الألماني بفارق 9 نقاط عن أقرب منافسيه، رغم قلّة بذخه في سوق الانتقالات الأخير.