اُسدل الستار على مرحلة الذهاب من بطولة لبنان الـ59 للدرجة الأولى بكرة القدم. حامل اللقب العهد في الصدارة التي يتنافس عليها النجمة والأنصار، فيما يبدو أن ملاحقيهم فقدوا الأمل في الوصول إلى الوصافة حتّى، لكنّهم يأملون بالتقدّم لحاقاً بالمركز المؤهل إلى بطولة كأس العرب. الصراع الحقيقي في أسفل الترتيب، إذ لا يفصل بين البقاع الرياضي الأخير والشباب الغازيّة الخامس سوى خمس نقاط، كما تتعادل أربعة فرق بعدد النقاط عينها. على عكس المتوقّع، استطاع الغازية الصاعد إلى الدرجة الأولى أن يحتلّ مركزاً متقدّماً متفوقاً على فرقٍ أبكرت بالتحضير كالصفاء والسلام زغرتا، اللذين تفوّق عليهما طرابلس بفارق الأهداف ولو أنه لم ينجح بتخطّيهما في المباريات.عناوين عدّة تُلخّص مرحلة الذهاب في البطولة. لا تغيير على الصعيدين الإداري والتسويقي للعبة، مكانك راوح. فنيّاً، الضعف الهجومي لدى الفرق كان العنوان الأبرز، وطريقة اختيار الأجهزة الفنيّة والإدارات للأجانب لم تتغيّر، فعوّض بعضهم الإخفاق الكبير لدى الأغلبية. بارقة الأمل الوحيدة كانت في ظهور مواهب شابّةِ جديدة.


ضُعفٌ هجوميٌّ مُقلق
156 هدفاً سُجّلت في مرحلة الذهاب في الموسم الجاري. رقمٌ هو الأضعف منذ عشرة مواسم، تحديداً منذ 2008-2009، حين لُعب الدوري بـ11 فريقاً، وسُجّل حينها 143 هدفاً في المباريات الستين الأولى. مهاجم الأنصار السنغالي الحاج مالك تال، سجّل أهدافاً (13) أكثر من ثمانية فرق، متعادلاً مع فريق شباب الساحل، ولم يتفوّق عليه سوى النجمة والعهد. هذا وحده دليلٌ على الضعف الهجومي وندرة المهاجمين المحليين والأجانب. وعلى الصعيد النتائج، انتهت ثماني مبارياتٍ بالتعادل السلبي، كما لم يُسجّل أكثر من هدفين في 35 لقاء.
قلّة تسجيل الأهداف تعود إلى تراجع مستوى اللاعبين بالدرجة الأولى، ففي حين ساهم لاعب النجمة حسن معتوق بتسجيل معظم أهداف فريقه، في ذهاب الموسم الماضي الذي غاب عن مباراةٍ واحدةٍ خلاله، لم يسجّل سوى هدفين في المباريات التسع التي خاضها هذا الموسم. حاله كحال أحمد زريق، الذي لم يبصم على أي هدف، مثل زميله ربيع عطايا، وعمر الكردي من الصفاء وغيرهم من اللاعبين.
156 هدفاً سُجّلت في مرحلة الذهاب وهو الرقم الأضعف منذ عشرة مواسم


في بعض الفرق، لعب المحليون دور المهاجمين الأجانب، ففي طرابلس اكتفى الغاني أندو ويسلون بتسجيل هدفٍ وصناعة آخر، فيما سجل زملاؤه خمسة أهدافٍ أخرى. وفي الراسينغ سجّل النيجيري إيمانويل أونييكا هدفين فقط، كالسنغاليين إيمانويل بيلو مهاجم البقاع الرياضي وعبد العزيز نداي مهاجم شباب الساحل. مُشكلةٌ انعكست بدورها على المنتخب الوطني الذي يُشارك في بطولة كأس آسيا في كانون الثاني المقبل، إذ لم يستدعِ المدرب المونتنيغري ميودراغ رادولوفيتش أي مهاجمٍ صريحٍ من الدوري المحلّي، ولاعباه الجديدان حسين منذر وهادي مرتضى يشغلان مركز الوسط وحراسة المرمى.

17 مدرباً لـ12 فريقاً
على عكس المواسم الماضِية، لم تتغيّر الوجوه في الأجهزة الفنيّة للفرق بفعل إقالة المدربين، بل هم من سبقوا قرار إدارات الأندية. مدرب الصفاء، الروماني تيتا فاليريو كان أوّل المستقلين بعد خمس مباريات وحلّ بدلاً منه إميل رستم. بعدها قدّم مدرب الشباب الغازية الشباب الغازية فؤاد ليلا استقالته وعيّنت الإدارة حسن حسون على رأس الجهاز الفني. الفنزويلي إنريكي غارسيا ترك البقاع الرياضي واتّجه للتدريب في الدوري الفنزويلي الممتاز، ليتسلم مساعده جان ضو مركزه. وبعد عشر مباريات استقال مدرب السلام زغرتا، التونسي طارق ثابت، ولحق به الصربي بوريس بونياك في النجمة، ليأتيَ دور غسان خواجة في الفريق الشمالي وموسى حجيج في «النبيذي». هكذا، لم يبقَ في البطولة سوى مدربَين أجنبيين فقط، هما الأردني عبد الله أبو زمع في الأنصار والعراقي عبد الوهاب أبو الهيل في الإخاء. هذه المرّة، لم يكن هناك «فشّة خلق» بالمدرّبين، الذين سبقوا قرار الإقالة، إذ لم ينجحوا بمهامهم، باستثناء مدرب النجمة. وحققت فرق السلام والغازية والصفاء نتائج أفضل بعد التغيير في الجهاز الفني، فيما يبدو أن إدارة البقاع ستُقدِم على التغيير الثاني بعد الخسارة في جميع المباريات مع المدرب ضو. ويعيش النادي اليوم فترة حساسة حيث تم التلويح بإمكانية الانسحاب نتيجة الوضع المالي الصعب.


حضورٌ جماهيريٌّ مخيّب
على صعيد الحضور الجماهيري في الملاعب، لا يُمكن استخدام الأرقام، إذ لا يحتسب القيّمون على الموضوع عدد البطاقات المباعة في كل مباراة، فيكون القياس نظرياً. المباريات التي شهدت حضوراً جماهيرياً كبيراً، هي تلك التي كانت فرق النجمة والأنصار والعهد طرفاً فيها بطبيعة الحال. لقاء العهد والنجمة على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية لم يُحشد خلاله جمهورٌ كبير، غالباً بسبب توقيت إقامة المباراة، فكانت الأرقام متقاربةً مع المباراة الافتتاحية للبطولة بين الأنصار والنجمة. كما المواسم الماضية، غابت الجماهير الراسينغاوية والصفاوية عن المدرجات إلّا مِن بعض عشرات المشجعين، كما لم كان لافتاً تراجع الحضور الجماهيري في ملعب السلام زغرتا خاصةً في ظل النتائج السيئة التي كان يحققها الفريق. الأمر الإيجابي كان في مشاركة «الألتراس» للموسم الثاني لدى النجمة والأنصار ولأوّل مرّة على المدرج العهداوي.

لا جديد في قضيّة التحكيم
اعتمدت لجنة الحكّام في مرحلة الذهاب هذا الموسم على الحكّام المحليين. مِن بين الوجوه التي أخذت فرصتها في الدرجة الأولى، الحكمان ماهر العلي ومحمد عيسى. الجولات الأولى لم تشهد اعتراضات تُذكر من قبل إدارات الأندية، باستثناء البيان الأول للأنصار بعد الخسارة أمام النجمة في افتتاح البطولة، حتّى عادت مشكلة التحكيم إلى الواجهة، وصعّد الأنصار من اعتراضاته وصولاً إلى التظاهر أمام مقرّ اتحاد اللعبة. بعض القرارات الخاطئة كانت مؤثّرة على صعيد النتائج، من بينها هدف فوز الراسينغ على الشباب الغازيّة، وهدف فوز العهد على الإخاء، وعدم احتساب ركلة جزاء للبقاع أمام النجمة، واحتساب هدف غير صحيح لطرابلس على الإخاء، وحالات مباراة طرابلس والأنصار.

195 بطاقة ملوّنة
أشهر حكّام الدوري 187 بطاقةً صفراء و8 بطاقاتٍ حمراء في مرحلة الذهاب. الأرقام تبدو إيجابيةً إذا ما اعتبرنا أنّها لم تصل إلى نصف عدد البطاقات التي رُفعت طوال الموسم الماضي (459). النجمة والتضامن صور والشباب الغازية نالوا الحصّة الأكبر ببطاقتين حمراء لكل فريق، فيما طُرد لاعبٌ واحدٌ من شباب الساحل، السلام زغرتا، الإخاء الأهلي عاليه والبقاع الرياضي. فريق شباب الساحل كان الأقل نيلاً للإنذارات (11)، فيما أُشهرت البطاقة الصفراء 21 مرّة للاعبي السلام. وعلى صعيد اللاعبين، وحده لاعب الأخير الظهير أحمد المصري نال أكثر من ثلاثة إنذارات (5).