كما الحال مع المنتخب الألماني الذي فقد الكثير ممّا كان عليه. يمكن ربط معاناة «المانشافت» بالمستوى السيئ الذي يقدّمه بايرن ميونيخ في المواسم الماضية. الأمر عينه في برشلونة والمنتخب الإسباني، فمنذ رحيل الثنائي المميز تشافي هيرنانديز وأندريس إنييتسا عن برشلونة، تراجعت الكرة الإسبانيّة. اليوم، يرتبط النجاح الذي يعيشه المنتخب الهولندي، بالأداء المميز والصحوة التي يعيشها نادي أياكس، الأمر عينه بالنسبة لمتصدّر الدوري الهولندي بي أس في آيندهوفين. خروج الأخير من دور المجموعات، ليس دليلاً على ضعفه، فقد كان في مجموعة تتضمن كلاً من إنتر ميلانو وتوتنهام وبرشلونة. ها هو المنتخب الهولندي، يستفيد من بريق الفرق الهولندية، والعنوان الأبرز: المواهب الشابة!
أوقعت قرعة دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا الفريق الهولندي الشاب أياكس أمستردام في مواجهة ريال مدريد الإسباني.
ممفيس ديباي

مسيرة الفريق الذي يطبّق نظرية الرّاحل الكبير يوهان كرويف في «التشامبيونزليغ»، تجعل المتابعين يتوقفون عندها. لم يتوقّع أحد بأن يقدّم أياكس هذا الأداء وهذه الشخصيّة المميّزة في البطولة. حيث أن بايرن ميونيخ لم يستطع تحقيق الفوز عليه ولو أن المباراة كانت في آليانز آرينا. أسماء عدّة يعتمد عليها المدرب إيرك تن هاغ، والتي تعتبر العلامة الفارقة في منظومة الفريق الهولندي، صانع الألعاب المغربي حكيم زيّاش، صانع الألعاب الآخر الصربي دوشان تاديتش، لاعب خط الوسط المميّز الهولندي فرنكي دي يونغ، إضافة إلى الصغير الفائز بجائزة أفضل لاعب شاب في 2018 «golden boy» المدافع ماتياس دي ليخت. أسماء صغيرة وشابّة، يعتمد عليها أياكس. فريق يعطي الفرص للشباب على حساب لاعبي الخبرة، فلطالما أخرج هذا الفريق الكثير من الأسماء التي لمعت في الملاعب الأوروبية في السنوات الماضية (آخر هؤلاء نجل لاعب برشلونة السابق باتريك كليوفرت، ونجم روما الحالي جاستن كلويرفت).
تعطي الأندية الهولندية فرصة كبيرة للاعبين صغار السن على حساب لاعبي الخبرة


لكن، هل الارتفاع في مستوى الفريق الأكبر في هولندا، أياكس، ينعكس وبطريقة إيجابية على المنتخب الهولندي ككل؟ الجواب سيكون ببساطة، نعم. يكفي أنّ «الأشقرين» دي ليخت ودي يونغ يلعبان وبصورة أساسيّة مع منتخب «الطواحين» في المباريات الأخيرة. هذان الاسمان، تتصارع اليوم أكبر الفرق الأوروبية على ضمهما، برشلونة، باريس سان جرمان، مانشستر سيتي، بايرن ميونيخ وغيرها من الأندية. قيمة هذين اللاعبين عالية جداً، نظراً إلى صغر سنّهما، وللجودة والقيمة الكبيرة التي يتمتّعان بهما رغم أنهما لم يبلغا الـ22 من العمر. يمتاز فرنكي دي يونغ بدقّة التمرير، والثقة العالية التي يلعب بها، وتمريراته التي يُخرج بها الكرة من مناطق فريقه إلى الخطوط الأمامية. لاعب يتمتّع بعقلية النجوم الكبار، ويمكنه تحمّل الضغوطات التي من الممكن أن تفرض عليه في منطقة جزاء فريقه. الأمر عينه بالنسبة لدي ليخت، مدافع عصري، يقدم أداء مميزاً مع فريقه ومنتخب بلاده هولندا، يُعد من الأعمدة الأساسية إلى جانب أفضل مدافع في العالم برأي الكثيرين، مدافع ليفربول الإنكليزي فيرجيل فان دايك. ثنائيّة فان دايك ودي ليخت، من النادر أن توجد في منتخبات أخرى، باستثناء المنتخب الإيطالي الذي لطالما اشتهر بقوّة دفاعه. إلّا أن هذين اللاعبين، يتمتّعان بقوّة جسمانيّة إضافة إلى الحضور الذهني، والتي تعتبر الحلقة الأهم التي يجب أن يعتمد عليها المدافع. ولعلّ أهم خطين من بين الخطوط الثلاثة في لعبة كرة القدم، هما خط الدفاع وخط الوسط. وفي المنتخب الهولندي يتوفّر لاعبان (دي يونغ ودي ليخت) من طينة اللاعبين الكبار وقد كان لهما تأثير كبير على أداء المنتخب مؤخراً. فقد تصدّر منتخب «الأراضي المنخفضة» المشهد في البطولة الأوروبية الجديدة للمنتخبات تحت عنوان «دوري الأمم الأوروبية».

جورجينيو فينالدوم

ليس لفريق أياكس لوحده الفضل في ما يحدث من تطورات على مستوى المنتخب الهولندي، فهنالك أيضاً، لاعبون خرجوا من مدرسة فريق هولندي آخر، يقدمّون أنفسهم بصورة مميزة مع المنتخب. لطالما سمعت الجماهير عن المنافسة الهولندية المحليّة بين كل من أياكس أمستردام، وفريق بي أس في آيندهوفين. ما بين هذين الفريقين لوحدهما 46 لقب دوري هولندي «eredivisie» (25 لقباً لأياكس كأكثر من توّج باللقب، و21 لقباً لآيندهوفين). لفريق المدرب واللاعب السابق الهولندي مارك فان بومل، أسماء لامعة في المنتخب الهولندي الحالي، خرجت من مدرسة هذا الفريق. لعلّ أبرز هذه الأسماء، هداف ليون الفرنسي ولاعب مانشستر يونايتد السابق ممفيس ديباي. الأخير، والذي يُعد من أبناء بي أس في آيندهوفين، لعب دوراً كبيراً ومؤثراً في تأهل المنتخب الهولندي إلى الدور نصف النهائي من بطولة دوري الأمم الأوروبية. كان ديباي هو من يحمل على عاتقه عبء الشق الهجومي في المنتخب، كما كان أحد أكثر اللاعبين الذي يأخذون حرّيتهم في أرضيّة الملعب (اللامركزية في الأداء والتحركات).
ماتياس دي ليخت

لديباي، زميل سابق كان يتشارك معه غرف الملابس في بي أس في آيندهوفين، وهو أحد الركائز الذي يعتمد عليها المدرب الألماني يورغن كلوب في ليفربول اليوم، جورجينيو فينالدوم، لاعب خط الوسط المقاتل. يتمتّع بلياقة بدنية عالية. بدأ فينالدوم مسيرته الكروية مع فريق هولندي آخر، فريق فاينورد روتردام، لكن سرعان ما انتقل إلى آيندهوفين ليستقر معه لمدّة خمس سنوات. ها هما اليوم، كل من فينالدوم وديباي، يشكلان نقاط قوّة مهمّة في المنتخب الهولندي، ويعتبران، جنباً إلى جنب من أكثر اللاعبين تأثيراً في أداء الطواحين. خرج من الفريق الهولندي بي أس في على مرّ التاريخ الكثير من اللاعبين المميزين، هولنديين كانوا أو من جنسيات أخرى، ولعلّ أبرز اللاعبين، الظاهرة البرازيلية رونالدو. هذا في ما يخص اللاعبين الذين خرجوا من متصدّر الدوري الهولندي حالياً، أمّا بالنسبة لمن ينشطون اليوم في آيندهوفين، فلا يمكن التغاضي عن إحدى أبرز المواهب الهولنديّة التي لم تأخذ حقّها، وهو الشاب الهولندي ستيفين بورجفاين، صاحب الـ21 عاماً، يقدّم مع فريقه الحالي موسماً جيداً قياساً لصغر سنّه. وهو من بين اللاعبين الأساسيين في تشكيلة المدرب رونالد كومان في المنتخب. الغريب في الأمر، هو أن هذا الشاب، يبتعد كل البعد عن الأحاديث التي تتعلّق بالانتقالات والمواهب الصاعدة. ربّما لوجود المكسيكي ايرفينغ لوزانو، والذي بدوره يعد اكتشافاً «آيندهوفياً» كبيراً في الموسم الماضي، كونه يتمتّع بنضج كروي مميّز، قد غطّى على موهبة بورجفاين.