لطالما انفرد الدوري الإنكليزي الممتاز بإقامة مباريات كرة قدم في فترة الأعياد تحت ما يسمى بالـ«Boxing day». في حين تتوقف كافة الدوريات لإعطاء راحة للاعبين، يزدحم جدول البريميرليغ بالعديد من المباريات في الأسبوع الأخير من السنة. نهجٌ اتبعته كرة القدم الإيطالية أخيراً بعد أن لمست نجاح الفكرة في إنكلترا. سميت هذه الجولة بالبوكسينغ داي تيمّناً بطقوس الأعياد في هذه الفترة، حيث يقوم الأفراد بإهداء بعضهم هدايا في علبٍ قبل بداية العام الجديد. كما يرتبط الاسم بالأعمال الخيرية، حيث كانت تقوم الكنائس في إنكلترا بتقديم علب هدايا للفقراء في فترات الأعياد. القصة طويلة.يحمل التقليد الكثير من الذكريات. لعلّ أبرزها ما حدث في 1914، حيث قام الجنود الإنكليز والألمان بوقف القتال خلال الحرب العالمية الأولى ولعب مباراة كرة قدم ودية. بعد مرور 100 عام على الحادثة، قام الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، بإقامة مباراة تكريمية بين جنود من بريطانيا وألمانيا عام 2014، تحت مسمى لعبة الهدنة. على رغم شكوى أغلب اللاعبين اليوم من عدم حصولهم على عطلة الأعياد في إنكلترا، كان الوضع أسوأ فور بداية التقليد، حيث كان اللاعبون يشاركون بمباريات في يوم الميلاد نفسه. أقيمت أول مباراة كرة قدم بيوم عيد الميلاد في 1889، حيث تغلب نادي بريستون نورث إند على أستون فيلا بنتيجة 3-2. واكتسبت الفكرة شعبية كبيرة في إنكلترا بعد الحرب العالمية الأولى. على رغم تهافت الجماهير على الملاعب، لاقت الفكرة الكثير من الانتقادات نظراً لعدم إمضاء لاعبي كرة القدم الوقت الكافي مع عائلاتهم يوم العيد، غير أن في خمسينيات القرن الماضي، تغيرت المواقف إثر ممارسة كرة القدم في يوم عيد الميلاد، وذلك بعد تراجع أنظمة النقل. أزماتٌ مالية ساهمت في تضاؤل الحشود ليشهد موسم 1955 آخر مباراة أجريت في يوم عيد الميلاد.
تبدو فكرة إلغاء البوكسنغ داي بعيدة المنال (أرشيف)

بعيداً عن الجانب الترفيهي الذي تعود به مباريات البوكسينغ داي على المشجعين، تهدف هذه المباريات لتحقيق عائدات مالية ضخمة للأندية الإنكليزية والبلاد على حدّ سواء، وذلك عندما تلعب 10 مباريات في يوم واحد في إنكلترا، في وقت يتم إغلاق معظم الدوريات الأخرى في جميع أنحاء العالم. أمرٌ سلّط أعين محبي اللعبة على الدوري الإنكليزي الممتاز. ساهم هذا التقليد في شكلٍ مباشر في تعزيز دور البريمرليغ عندما يتعلق الأمر بالتفاوض على صفقات حقوق البث التلفزيوني، ما ساهم في ارتفاع عائدات الفرق الإنكليزية في شكلٍ مبالغ فيه، حيث فاقت عائدات الفرق الصاعدة حديثاً للدوري الممتاز، عائدات الفريق المتوج بدوري أبطال أوروبا.
تجارياً، يشكّل التقليد المتبع منفعةً ماديةً وترويجيةً للبلاد كافة، حيث يعطي البوكسينغ داي حافز إضافي إلى السياح لزيارة إنكلترا، ما ينعكس إيجابياً على حركة البيع والشراء. وعلى رغم نجاح الفكرة على الصعيد المحلي نظراً لما تعود به على أندية الدوري من عائدات، يقف هذا التقليد عائقاً بين الأندية المحلية والتألق الأوروبي. يعاني الكثير من اللاعبين الأجانب في التأقلم مع هذا التقليد، نظراً لاضطرارهم اللعب في فترة الأعياد بدل حظيهم بعطلة استراحة تحضيراً للنصف الثاني من الدوري. بفعل ضغط المباريات المتتالية بفترة زمنية وجيزة من دون الحصول على راحة، يعاني اللاعبون من الإرهاق، ما ينعكس على أدائهم في البطولات الأوروبية التي تأتي بعد البوكسينغ داي بشهرٍ تقريباً.
أمرٌ عانى منه أغلب مدربي الدوري الإنكليزي الذين أرجعوا سبب خروجهم المبكر من دوري أبطال أوروبا إلى الإرهاق بسبب البوكسينغ داي. تلعب صناعة كرة القدم في إنكلترا دوراً مهمّاً في اقتصاد بريطانيا، نظراً لكونها اللعبة الأشهر في البلاد. على رغم رغبة الاتحاد الإنكليزي في إعادة مجد إنكلترا على الصعيد الأوروبي، تبدو فكرة إلغاء البوكسنغ داي بعيدة المنال، نظراً للتغييرات الجذرية التي قد تترتب عقب
إلغائه.
تلعب صناعة كرة القدم في إنكلترا دوراً مهمّاً في اقتصاد بريطانيا


الحصول على إجازة أعياد الميلاد من شأنه تقليص عدد الأندية في الدوري، إلغاء كأس الرابطة الإنكليزية إضافةً إلى إلغاء قاعدة إعادة مباريات التعادل في كأس الاتحاد الإنكليزي.
أمرٌ سينهي مصادر مالية كبيرة للاتحاد والأندية. في إطار ذلك، ارتأى الاتحاد الإنكليزي وضع حلّ وسط يعود بالمنفعة على الطرفين، يتمثل بلعب مباريات البوكسينغ داي في موعدها حفاظاً على التقاليد، ومحاولة إعطاء اللاعبين عطلة للأعياد بعد ذلك.
في هذه الأجواء، سيستقبل متصدّر الترتيب العام ليفربول نادي نيوكاسل سعياً للحفاظ على الصدارة، ويحل الوصيف مانشستر سيتي ضيفاً ثقيلاً على ليستر سيتي لتجاوز خيبة الجولة الماضية، وسيحاول كلّ من توتنهام، تشيلسي، أرسنال الفوز في مبارياتهم لعزيز أماكنهم بين الأربعة الكبار وذلك عندما يواجهون توالياً أندية بورنموث، واتفورد وبرايتون، في حين يسعى مانشستر يونايتد لإكمال صحوته تحت مدربه الجديد سولسكاير عندما يستقبل نادي هادرسفيلد على ملعب أولد ترافورد.