قبل خمس سنوات، تكسّرت أحلام اللبنانيين بتأهّل منتخب بلادهم لأوّل مرة إلى بطولة كأس آسيا 2015 عبر التصفيات. هدفٌ واحدٌ وقف حائلاً بين المنتخب الذي كان يحتاج حينها إلى الفوز بفارق أربعة أهداف على تايلند، وبين البطولة الآسيوية. سجّل اللاعبون الأهداف الأربعة، وتلقّت شباكهم هدفاً واحداً، ليضع رضا عنتر المنتخب في البطولة بهدفٍ خامس، قبل أن يطمع المدرب الايطالي جيوسيبي جيانيني بتسجيل المزيد وحسم الأمور، ليسجّل التايلنديون هدفاً ثانياً، قضى على الأحلام اللبنانية. مرّت السنوات وتأهّل لبنان إلى كأس آسيا 2019، ليجد نفسه أمام تاريخٍ يُكرّر نفسه. أربعةُ أهدافٍ للعبور إلى دور الـ16، والخصم هذه المرة كوريا الشمالية. سُجّلت الأهداف الأربعة، لكن لبنان خرج، ليس لهدفٍ واحدٍ دخل مرماه، بل بفارق بطاقةٍ صفراء! عبارة «ليس مقدّراً لنا أن نفرح» التي يُردّدها الجمهور مع كل موقفٍ كهذا، لا تبدو ملائمةً لاستخدامها اليوم. خرج المنتخب من دور المجموعات لأنه لم يكن مؤهلاً للعبور إلى الدور الثاني. لم يكن جاهزاً. وجد نفسه قبل انطلاق البطولة بأيّام يتمرّن على ملعب نادي النجمة، لأن لا ملعب له. انتظر الدعم السياسي «المعنوي» حتى الساعات الأخيرة من استعداده للسفر إلى الإمارات. اكتفى بمباراةٍ وديّةٍ واحدةٍ في معسكره البحريني الأخير، في حين كانت باقي المنتخبات تلعب مباراتين وثلاث، وعاد إلى لبنان بدلاً من الاتجاه مباشرةً إلى أرض البطولة. منتخبٌ كانت أسماء لاعبيه تقع من على القمصان أثناء المباريات.ظُلم المنتخب في مباراته الأولى أمام قطر تحكيميّاً، هذا صحيح. وأهدر اللاعبون فرصاً، ربما لم تَسنح لهم خلال المباريات السبع التي سبقت اللقاء مع كوريا، حين لم يسجّلوا أي هدف. لكنّهم لم يكونوا جاهزين، حتّى بدنياً، بعد استراحةٍ لخمسة أيام. الجمهور أيضاً لم يكن مستعداً لما هو مُقبل في دور الـ16. الكل كان متخوّفاً من إيران، فالمنتخب الذي لم يُسدّد سوى مرة واحدة على المرمى في مواجهتي قطر والسعودية، كيف له أن يُجاري المرشّح الأوّل للفوز باللقب، والذي كشّر عن أنيابه منذ اليوم الأول في البطولة؟
يعود اللاعبون اليوم إلى أنديتهم بعد مشاركةٍ نجحوا خلالها في تحقيق فوزهم الأوّل في البطولة الآسيويّة. هلال الحلوي (2) وجورج فيليكس ملكي وحسن معتوق سجّلوا أهداف لبنان الأربعة في مرمى كوريا الشمالية. الأخير عادل رقم الهدّاف التاريخي للمنتخب رضا عنتر بتسجيله الهدف الشخصي الرقم 20. إلى جانب الأهداف الأربعة، سدّد اللاعبون سبع مرّات على المرمى، لكن تسديداتهم توقّفت عند حاجز الحارس والمدافعين. 12 تسديدة أخرى جاورت المرمى وعلته. سيطر المنتخب اللبناني بالطول والعرض على المباراة، ولاحت أمامهم فرصٌ لو سُجّل نصفها لخرج بنتيجةٍ هي الأكبر في البطولة الآسيوية. أضاع اللاعبون كمّاً من الفرص، وانتظر مدربهم المونتنيغري ميودراغ رادولوفيتش حتى الدقيقة 77 ليُشرك لاعباً ثانياً بعد ربيع عطايا، بمهمات دفاعية، هو عدنان حيدر، قبل أن يزّج بحسن شعيتو «موني» بعده بثلاث دقائق. الكوريون كانت لهم فرصٌ أيضاً تصدّى لها الحارس مهدي خليل، بعدما تسبّب في دخول الهدف الكوري في شباكه.
خرج المنتخب من دور المجموعات لأنه لم يكن مؤهلاً للعبور إلى الدور الثاني


بطاقةٌ صفراء واحدةٌ نالها روبير ألكسندر ملكي خلال اللقاء، كانت هي الأخرى سبباً في عدم التأهّل على حساب فيتنام، بعدما تعادل المنتخبان بفارق الأهداف وعددها، ووصل عدد البطاقات التي شُهرت للاعبي المنتخب الوطني إلى ست مقابل خمس بطاقات للفيتناميين (لو تعادلت البطاقات لكان تم اللجوء إلى القرعة). وعلى ذكر البطاقات، واحدةٌ منها كانت ظالمة بحقّ حسن معتوق في اللقاء الأوّل، حين احتسب الحكم ركلة حرة غير صحيحة سُجلّ منها الهدف القطري الأوّل. وبطاقةٌ ثانيةٌ رُفعت لهلال الحلوة في المباراة الثانية بسبب الاحتجاج. لكن هذه الحسابات هي وحدها دليلٌ كافٍ على أن المنتخب لم يكن يستحق التأهّل. هذه الصحوة أمام كوريا الشمالية جاءت متأخّرة، وكمُّ الفرص الكثيرة التي سَنحت للاعبين في هذه المواجهة، كان يُمكن أن يحصل على بعضٍ منها في أوّل مباراتين، لولا التحفّظ الدفاعي المبالغ فيه. لا يُمكن التوقّف أمام فوزٍ لم يؤهّل إلى الدور المقبل بسبب هدفٍ أو بطاقة، من دون ذكر أن المنتخب لم ينجح في التسجيل في سبع مبارياتٍ متتالية.
فارق الإمكانيّات الكبير بين منتخباتٍ وأخرى لا يُمكن أن يُحسب على لبنان فقط. فكيف للمنتخب الأردني أن يتصدّر مجموعته التي تضم حامل اللقب المنتخب الأسترالي ومعه المنتخب السوري؟ ويتأهّل المنتخب الفيتنامي من مجموعة العراق وايران؟ إلّا بسبب جُرأته في الهجوم. ويتأهّل المنتخب العماني من مجموعة تضم اليابان وأوزبكستان، حتّى لو كان تأهّلهم عن أحد أفضل المنتخبات التي احتلت المركز الثالث.
انتهى مشوار المنتخب الآسيوي، وربما أفضل ما رافقه إلى جانب تحقيق الانتصار الأول، هو الفوز بخدمات الشقيقين جورج فيليكس وروبير ألكسندر ملكي، اللذين كانا نجمين فوق العادة. كثيرةٌ هي الأمور التي يُمكن التوقف عندها، لكن الأهم، هو إدراك أن المنتخب هو صورة لكرة القدم اللبنانية بشكل عام. تفوّق المحترفون على نظرائهم المحليين، ليس لأنهم أفضل هكذا بالصدفة، بل لأن ظروف عملهم والعقلية الاحترافية تضعهم في المقدّمة.
بعد شهرين تنطلق تصفيات كأس آسيا دون 23 عاماً. المنتخب من دون مدرب، ولم يستعد للاستحقاق الآسيوي بعد. مرةً جديدةً سيواجه المنتخب السعودي، الذي كان اتحاده يُعِدُّ منتخبه قبل مشاركة المنتخب الأول في كأس آسيا وخلالها، كحال الإمارات، التي تُشارك في المجموعة عينها برفقة المالديف. منتخبٌ يأمل شبابه «المتروكون» أن يحققوا الإنجاز، لكن بين الواقع والحلم، فجوة...

عُمان تعود من بعيد واليابان تتصدّر
قاد محمد المسلمي منتخب بلاده عُمان للتأهل إلى الدور الإقصائي، للمرة الأولى في تاريخه بتسجيله هدفاً قاتلاً في مرمى تركمانستان (3-1)، على استاد محمد بن زايد في أبو ظبي، ضمن منافسات الجولة الثالثة والأخيرة من منافسات المجموعة السادسة لكأس آسيا 2019 لكرة القدم. وتقدمت عمان عبر ركلة حرة من أحمد مبارك «كانو» في الدقيقة (20) وعادل التميرات أنادوردييف لتركمانستان (41)، لكن الغساني سجل الهدف الثاني لعُمان (84) والمسلمي الثالث (90+3) والذي أهدى منتخب بلاده المركز الثالث في المجموعة السادسة، والتأهل ضمن أفضل أربعة منتخبات تحصل على المركز الثالث. وعبرت عُمان دور المجموعات للمرة الأولى بعد خروجها باكراً في مشاركاتها الثلاث السابقة في نسخ 2004 و2007 و2015. وقدم منتخب السلطنة عرضين جيدين أمام أوزبكستان واليابان في الجولتين السابقتين، رغم خسارته في الأولى (1-2) بعد هدف متأخر من الدور شومورودوف في الدقيقة (86)، وفي الثانية أمام اليابان بهدف من ركلة جزاء مثيرة للجدل. وكاد «الأحمر» يواجه سوء الحظ نفسه في مباراة تركمانستان، رغم سيطرته المطلقة واستحواذه الكبير على الكرة والذي وصل إلى 67%، كما أنه سدد 26 كرة هجوميّة حسب موقع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
في المباراة الثانية، حسمت اليابان بتشكيلة احتياطيّة الصدارة بعد فوزها على أوزبكستان (2-1)، رافعةً رصيدها إلى 9 نقاط. وسجل لليابان يوشينوري موتو (42) وتسوكاسا شيوتاني (58) ولأوزبكستان إلدور شومورودوف (40)، هو الرابع له في البطولة. ولم تصبّ نتائج هذه المجموعة في مصلحة منتخب فلسطين، ثالث المجموعة الثانية بنقطتين، إذ تأكد خروجه من الدور الأول.
ونجحت اليابان في تجنب إنهاء دور المجموعات في المركز الثاني، وهو الذي لم تعرفه منذ نسخة 1992. وكانت آخر مرة أحرزت فيها اليابان صاحبة الرقم القياسي في عدد الألقاب القارية (4) مركزاً دون الأول في دور المجموعات في نسخة 1988، حين حلت أخيرة في مجموعتها في أوّل مشاركة لها في المسابقة. وحافظت اليابان بعد ذلك على حضورها في صدارة مجموعتها في مشاركاتها السبع المتتالية منذ 1992 حتى 2015.
وفي المجموعة الخامسة، فازت قطر على المنتخب السعودي بهدفين دون رد، سجلهما المعز علي في الدقيقتين 46، و80، كما أضاع القائد حسن الهيدوس ركلة جزاء في الدقيقة 42 من عمر الشوط الأوّل. وبذلك يكون المعز علي قد رفع رصيده من الأهداف إلى 7 أهداف في البطولة.