ليس من حسن حظ بيب غوارديولا، أن يواجه فريق ماوريتسيو ساري في الوقت الذي استعاد فيه النادي اللندني جزءاً كبيراً من عافيته ومستواه. فالمباراة الأخيرة للـ«بلوز» أكّدت أن الحلقة المفقودة في تشكيلة المدرب الإيطالي، هي المهاجم، وها هو قد وجد الآن، بل وأثبت نفسه أمام بورنموث. ما لا يختلف عليه اثنان، هو أن غونزالو هيغوايين من بين أفضل مهاجمي العالم في الوقت الراهن، خصوصاً، أن هذا المركز بات مطلوباً ونادراً. إذا نظر المتابعون إلى كميّة المهاجمين، وتحديداً «الرقم 9»، رأس الحربة الذي ينهي الهجمات، ويسجل أكبر عدد ممكن من الأهداف، فهناك عدد قليل من المهاجمين في الكرة الأوروبية (روبرت ليفاندوفسكي في البايرن، أغويرو في السيتي، كافاني في باريس وكريم بنزيما في الريال). هذا يعني أن تشيلسي ربح مهاجماً، في الوقت الذي «ينقرض» فيه هذا المركز (باستثناء بعض المهاجمين الصاعدين الذين من الممكن أن يكون لهم شأن كبير في المستقبل ككريستوف بياتك في ميلان). نتيجة مباراة تشيلسي أمام فريق متواضع كهادرسفيلد، والتي انتهت بخماسيّة زرقاء، أعادت جزءاً من الثقة التي افتقدها أبناء ساري في المباراة ما قبل الأخيرة، والتي خسر فيها رفاق المتألق البلجيكي إيدن هازار برباعية نظيفة. إلّا أن كل هذه العوامل الإيجابية، قد يتنهي بها المطاف بخسارة قاسية أمام «سيتي بيب»، الفريق الذي بدوره عاد ليسير على السكة الصحيحة، ويتصدّر ترتيب الدوري بفارق الأهداف (مع وجود مباراة ناقصة لليفربول)، بعد أن كان الفارق قد اتسع لسبع نقاط في فترة سابقة.
تشكيلة بيب غوارديولا تعج بالنجوم وبعضهم يجلس على مقاعد البدلاء

السيتي، فريق هجومي، يعرف كيف يسجّل الأهداف، لكن بيب، تخلّى عن ثقافته الهجومية في مباراة الذهاب، حيث اتّبع خطة شبه دفاعية، حدّت من خطورة هجوم فريق ساري. الأخير، ورغم تغيير بيب لأفكاره، تمكّن من الفوز في اللقاء وبهدفين نظيفين، ما أدّى إلى تأمّل مشجعي «البلوز» في أن ساري هو المدرب المنتظر منذ زمن كونتي ومورينينو. إلّا أن الرياح لم تجرِ بما تشتهيه جماهير تشيلسي، حيث أن «البلوز» يقبع اليوم في المركز الرابع وبعيد بفارق 12 نقطة عن ليفربول ومانشستر سيتي. خمس وعشرون مباراة خاضها النادي اللندني حتى الآن في الدوري (15 انتصاراً، 5 تعادلات و5 هزائم)، أرقام عاديّة لمدرّب جاء خليفة للمدرب الإيطالي أنطونيو كونتي، المدرب الذي أعاد لقب الـ«بريميرليغ» إلى خزائن النادي في 2017. إلّا أن ما يمكن أن يلقى الضوء عليه، هو أن ساري، لم ينفق مبالغ كبيرة على اللاعبين، بل إنه اقتنع بالتشكيلة التي لديه، مع إضافة كل من جورجينيو نجم نابولي السابق، وكيبا أريازابالاغا لاعب أتلتيك بلباو الإسباني السابق. في فترة الانتقالات الشتوية. لم يكن أمام ساري سوى التخلي عن ألفارو مورارتا، المهاجم الذي صبر عليه كثيراً، لكنه لم يستعِد مستواه، ما دفع بإدراة النادي إلى التعاقد مع هيغوايين. بالنسبة لبيب، إدراة نادي «البلو مون» قد أعطته ضوءاً أخضر، فكل لاعب يطلبه «الفيلسوف» يحصل عليه. السيتي، فريق مرعب، نظراً للأسماء الكبيرة الموجودة، ففي كل مركز، هناك لاعبان يستحقان اللعب في المركز الأساسي، وهذه ربما إحدى مشاكل الفريق في الوقت عينه. كثرة النجوم، سلاح ذو حدّين، يصبح كل لاعب يريد أن يلمع أكثر من اللاعب الآخر الذي ينافسه، وهذا ما حدث مع ليروا سانيه في بداية الموسم. خسر سانيه كثيراً من ثقته في بيب وفي الفريق، بسبب جلوسه على مقاعد البدلاء في أكثر من مناسبة، لكنه سرعان ما أصبح من جديد من نجوم الدوري، وأرقامه تتحدث عنه. ما تعرّض له الصغير الألماني، يمر به الآن النجم الجزائري رياض محرز، الذي لم يشارك سوى في مباراة آرسنال منذ بداية 2019. حالة صبعة يمر بها أفضل لاعب في الدوري الإنكليزي في 2016، إلّا أنه ربما، سيعود بيب من جديد ويشركه في الوقت والمكان المناسبين.
الأمر عينه بين سيرجيو أغويرو وغابرييل خيسوس، بين ستيرلينغ وسانيه، بين رياض وبيرناردو سيلفا، بين الأخير وكيفن دي بروين. أسماء كثيرة وأسماء مميزة تعجّ بها تشكيلة غوارديولا، الذي نجح الموسم الماضي في خلق الانسجام والتناغم بين هؤلاء النجوم، وتحقيق لقب الدوري التاريخي، وبأرقام قياسية. صحيح أن مدرب برشلونة وبايرن ميونيخ السابق، يتطلّب كثيراً من إدارة الفريق الذي يدربه، إلّا أن ما يحسب لبيب، هو قدرته على تطوير اللاعبين وخلق التفاهم فيما بينهم.
مباراة الأحد على ملعب الاتحاد في حال تخطّاها بيب، سيتقدّم خطوة ليحقق لقب الدوري للسنة الثانية توالياً، إلّا أن ما يمكن توقّعه، هو أن الجمهور سيشاهد مباراة (18:00 بتوقيت بيروت) صعبة بالنسبة للمدربَين، اللذين يعرفان بعضهما البعض جيداً، وأي خسارة ستنعكس سلباً على غرف الملابس، التي سيبدأ يغزوها الشك، قبل أي شيء آخر.