«هنا الأشخاص متشائمون. عندما تقلّ انتصارات فريقهم، يشعرون بالبرودة. إذا كانوا لا يثقون بنا ولم يعودوا يعتبروننا الأفضل، فليبقوا في منازلهم». هذه الكلمات قالها البرازيلي داني ألفيش، متوجّهاً بها الى جمهور فريقه برشلونة بعد المباراة التي فاز بها الأخير، بصعوبة ومن دون إقناع، على ضيفه ريال سوسييداد 2-0، في ذهاب نصف نهائي كأس إسبانيا. نعم، صدّقوا أن هذا ما قاله ألفيش لجماهير «البلاوغرانا».
صدّقوا أن هذا أصبح واقع الحال في ملعب «كامب نو» الأكبر في أوروبا. تغيّر «كامب نو»، وكذا برشلونة. لا يمكن المتابع، مطلق متابع إن كان من أنصار «البرسا» أو من خصومه، إلا أن يشعر بتغير الأجواء والأمزجة في المدينة الكاتالونية. الجمود فعل فعله في برشلونة، كل برشلونة: من اللاعبين، الى المدرب «الاكتشاف» الأرجنتيني تاتا مارتينو، الى جمهور «كامب نو»، أكثر مما خلّفته الأجواء الباردة في مثل هذا الوقت على المدينة. لا مجال للمقارنة على الإطلاق بين «كامب نو» ورجاله في المواسم الماضية، وهذا الموسم. صحيح أن نتائج «البرسا» غير كارثية حتى الآن (الآتي يقلق كثيرين)، وهو تصدر مجموعته في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا ويحتل المركز الثاني في «الليغا» بفارق 3 نقاط عن أتلتيكو مدريد، بعدما كانت الصدارة في قبضته طيلة الموسم، وهو قريب من بلوغ نهائي مسابقة الكأس المحلية، إلا أن برشلونة الحالي ليس برشلونة الذي عهدناه: برشلونة الحياة، برشلونة الفرح، برشلونة الفن والمتعة. فأين برشلونة الذي كان يلهب «كامب نو»؟ أين برشلونة الذي كان يلتهم خصومه بالخمسة والستة؟ أين برشلونة الذي كان يسحر الأرض من أقصاها الى أقصاها؟
برشلونة الحالي يبدو كمجموعة من اللاعبين تلعب لمجرد اللعب، أو بالأحرى تؤدي وظيفتها. حتى فوز برشلونة لم يعد له طعم ولا نكهة.
ما السبب؟ هل هو ناجم عن مدرب لم يقدم الإضافة على الإطلاق للفريق ولم يطوّر، بادئ ذي بدئ، خطة «التيكا تاكا» التي يعكف حالياً مبتدعها جوسيب غوارديولا على تطويرها في بايرن ميونيخ الألماني، فيما «تيكي تاكا» تاتا مارتينو أصبحت مكشوفة للجميع ومحفوظة حتى من أضعف الفرق. أضف الى افتقاد برشلونة هوية محددة تحت قيادته حتى الآن، وعدم تحسينه خط دفاع الفريق، رغم الوعود التي أطلقها في بداية الموسم، هذا دون التطرق الى انعدام الكاريزماتية نهائياً لدى هذا الأرجنتيني؟
ما السبب؟ هل هو ناجم عن لاعبين فقدوا الحافز في تحقيق الفوز، وقلّ عطاء كثيرين منهم على نحو مخيف، وفي مقدمهم شافي هرنانديز، وأصبح ضرورياً «تطيير رؤوس» في برشلونة؟
ما السبب؟ هل هو نتيجة الإصابات المتلاحقة التي طالت تحديداً الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار، والتي لم توفر المجال أمام هذين النجمين للعب أكثر معاً ولتدعيم ركائز الثنائية بينهما؟
ما السبب؟ هل هو ناجم عن إدارة لم يكن همّها إلا صفقة نيمار (رغم أهمية هذا النجم)، ولم تلتفت الى النواقص العديدة في دفاع الفريق ووسطه؟
ما يبدو واضحاً أن كل هذه الأسباب تبدو، منطقياً، الأكثر تأثيراً لما آلت إليه الحال في برشلونة هذا الموسم. باختصار، الجميع، من دون استثناء، يتحملون مسؤولية تراجع سحر «البرسا» ومتعته قبل نتائجه. باختصار أيضاً: برشلونة مارتينو لم يدخل القلب!




الحقّ على مدريد

يكفي في الوقت الحالي التأكد من واقع الحال في برشلونة مقارنته بما هو عليه في مدريد، حيث تعيش العاصمة الإسبانية أجواء مختلفة مع تطور مستوى قطبَي المدينة ريال وأتلتيكو، وتحديداً الثاني، والقتالية في الأداء والرغبة في الفوز التي يتّسم بها لاعبو الفريقين، أضف إلى أجواء الحماسة الدائمة في ملعبيهما.