بعد التألّق الكبير لثلاثي برشلونة الهجومي المكون من ليونيل ميسي، لويس سواريز ونيمار دا سيلفا، كثر التركيز الإعلامي على أبرز الثلاثيات الهجومية في العالم. برزت بعدها ثلاثية الـ«BBC» الخاصة بريال مدريد، ثم ثلاثي باريس سان جيرمان الفرنسي وصولاً إلى ثلاثي ليفربول الحالي، الذي قاد النادي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي. تزامنت هذه الموجة، مع ظهور ثلاثية هجومية أخرى خطفت الانتباه على الأراضي الألمانية، تشكلت من الصربي لوكا يوفيتش، والكرواتي أنتي ريبيتش، والفرنسي سيباستيان هالر، الذين أصبحوا اليوم أولويّةً لكبار الفرق الأوروبية.
بدأ نجم يوفيتش يسطع بسن الـ21، بعدما أصبح أول لاعب صربي في تاريخ الدوري الألماني يسجل خمسة أهداف في مباراة واحدة. كان ذلك أمام فورتونا دوسلدورف في افتتاح منافسات الأسبوع الثامن من البوندسليغا. مع توالي المباريات، أثبت المهاجم الصربي أن ما فعله ليس صدفةً، إذ استمر أداؤه في نسقٍ متصاعد ليخطف أنظار برشلونة وبايرن ميونخ. تسجيل الشاب الصربي لغالبية أهداف النادي هذا الموسم، لم يكن ليحدث لولا وجود مموله الرئيسي هالر، الذي ساهم حتى الآن بـ24 هدفاً في مختلف المسابقات، جاء 5 منهم في الدوري الأوروبي، في حين يستكمل ريبيتش أداءه اللافت الذي يمتد منذ الموسم الماضي، حين قاد المنتخب الكرواتي إلى نهائي كأس العالم، كما كان بطل موقعة نهائي كأس ألمانيا، عندما ساهم بشكلٍ رئيسي في تتويج إينتراخت باللقب على حساب بايرن ميونخ.
تأهل نادي إينتراخت فرانكفورت إلى دور الـ16 من الدوري الأوروبي للمرة الأولى منذ موسم 1994-1995
بفضل الثلاثي الهجومي، أحرز النادي الألماني 23 هدفاً في الدوري الأوروبي هذا العام، كأكثر فريق تسجيلاً في المسابقة، كما يحظى الثلاثي بـ44 هدفاً فيما بينهم في كافة المسابقات هذا الموسم.
بالنظر إلى بطولة الدوري الأوروبي كبطولة تعيش في ظل دوري أبطال أوروبا، تعمد الجماهير عادةً إلى تجاهل مباريات الـ«يوروبا ليغ» حتى المراحل المتقدمة. في إينتراخت الأمر مختلف. رغم أهمية الثلاثي الهجومي في مسار الفريق أوروبياً، لعبت الجماهير دوراً بارزاً في تحقيق هذا الإنجاز نظراً لوجودها بكثرة في المباريات، والتي ملأت 47000 مقعد في المباراة الأخيرة أمام شاختار، مقارنةً بنصف العدد تقريباً لجماهير ليفركوزن في مواجهتها لنادي كراسنودار.
لطالما شكلت الجماهير علامةً فارقة في النادي، إذ كانت شاهدةً على تاريخٍ عريقٍ انتهى في تسعينات القرن الماضي، بعدما كان منافساً جديّاً على الألقاب بفعل كوكبة النجوم التي ضمها آنذاك، على غرار أندرياس مولر وجاي جاي أوكاشا. تراجع الفريق بعدها تدريجياً حتى ابتعد عن المنافسة في أغلب فترات الألفية الجديدة.
سبق لفرانكفورت أن حقق لقب الدوري الألماني عام 1959، كما حقق لقب كأس ألمانيا أعوام (1974 ـ 75 ـ 81 ـ 88 ـ 2017). علاوةً على ذلك، حقق إينتراخت لقب كأس الاتحاد الأوروبي (يوروبا ليغ حالياً) عام 1980. في منتصف القرن الماضي، كان لفرانكفورت وزنٌ في الكرة الأوروبية، إذ تمكن عام 1960 من الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، غير أنه خسر أمام ريال مدريد بقيادة ألفريدو دي ستيفانو.
عام 2016، ساهم المشروع الجديد للنادي بقيادة المدرب السابق نيكو كوفاتش، والمدير الرياضي فريدي بوبيك، في إعادة الفريق إلى الواجهة من جديد، وذلك بعد أن حققا اللقب الأول للنادي منذ عام 1988. ساهم بوبيك في بناء الأساس الصحيح للنادي الذي تمثل في حسن إدارة الأمور المالية، إذ صرف المدير الرياضي الجديد 3.8 مليون يورو فقط في اللاعبين الجدد، في حين كسب النادي 12.5 مليون يورو في الصيف الذي تلاه. صيف 2017، استثمر بوبيك الأرباح في سوق انتقالات يعد الأنشط للنادي الألماني تاريخياً، إذ استثمر مبلغ 18.5 مليون يورو لاستقطاب 17 لاعباً جديداً، بينهم لاعبون عادوا من الإعارة، وكان أبرز المنتدبين الجدد لوكا يوفيتش، هداف الفريق الأول هذا الموسم. في ظل جودة اللاعبين، والتمتع بقاعدة جماهيرية ضخمة، سيتوجب على فرانكفورت الوصول إلى مقعد مؤهل لدوري أبطال أوروبا إذا ما أراد استعادة وزنه بين كبار الأندية الألمانية، إذ يقف المال عقبةً وحيدة أمام مشروع النادي الحالي، الذي سيتأمن من الفيفا في حال المشاركة بدوري الأبطال.
بعد تراجع فريق بايرن ميونخ مع مدربه الجديد نيكو كوفاتش، إضافةً إلى عدم استمرار نسق بوروسيا دورتموند كما كان الحال عليه في بداية الموسم، قد يشكل إينتراخت فرانكفورت أمل ألمانيا الوحيد هذا الموسم على الصعيد الأوروبي إذا تمكن من الفوز في اليوروبا ليغ، غير أن ذلك لن يكون سهلاً نظراً إلى سجل إنتر اللافت أمام الألمان، المتمثل بفوزه في 24 مباراة وتعادله في 9 من 49 مباراة لعبها أمامهم.