بعدما عجز برشلونة عن التسجيل على الأراضي الفرنسية، أبقى ليون على حظوظه في التأهل إلى دور الثمانية من دوري أبطال أوروبا، وذلك عندما يحل ضيفاً على الكامب نو في مباراة الإياب (22:00 بتوقيت بيروت).برشلونة الـ«بعبع»، تراجع أخيراً. ثلاث سنوات عجاف عاشها المارد الكاتالوني على المستوى الأوروبي. انتكاسةٌ قد تتكرر للعام الرابع توالياً، تبعاً لمسار أبرز المرشحين هذا الموسم. بالأمس القريب، سقط لاعبو ريال مدريد في فخ الثقة الزائدة، وخسروا فرصة الاحتفاظ بلقبهم، بعد السقوط أمام أياكس أمستردام. أظهر راموس بنيله البطاقة الصفراء المتعمدة للتغيّب عن لقاء الإياب، مدى ثقته بتأهل فريقه، غير أنه كان للأهداف الأربعة التي تلقتها شباك تيبو كورتوا رأيٌ آخر. درسٌ قاسٍ تلقاه الريال، وهو ما قد يكرره النادي الفرنسي اليوم ، نظراً إلى المواهب المميّزة في صفوفه.
شكل وجود ليونيل ميسي في برشلونة عيداً وطنياً لإقليم كاتالونيا، ولأن صاحب العيد يحصل دائماً على القطعة الأكبر من الحلوى، يعنى ميسي بالدور الأكبر في الفريق. هكذا هو الحال في كل الفرق، حيث يحظى لاعبٌ من الفريق ببقعة ضوء خاصة تميزه عن زملائه. وإن تغنت برشلونة بوجود لاعب استثنائي بين صفوفها، لن يجد الفريق الفرنسي صعوبةً في التفاخر لوجود صاحب الرقم 18. في برشلونة هناك ميسي، في ليون هناك نبيل فقير.
الهوّة كبيرة بين الأرجنتيني والفرنسي على الصعيد المهاري، حاله كحال جميع لاعبي العالم اليوم. رغم ذلك، يتمتع اللاعب نبيل فقير بإمكانياتٍ فنية هائلة جعلت منه مركز الثقل في الفريق الفرنسي، ليشغل دوراً مشابهاً لذاك الذي يلعبه ميسي في برشلونة. افتقد ليون نجمه في موقعة الذهاب، بعد إصابته قبيل المباراة حينها. مع عودة فقير، سيكون الحديث ممكناً عن كفتين متوازيتين في المباراة المرتقبة. يعتمد ذلك بالدرجة الأولى على أسلوب لعب المدرب، الذي سيكتفي بهدفٍ واحدٍ للتأهل.
يحتل ليون المركز الثالث في الدوري الفرنسي، بعيداً بـ21 نقطة عن المتصدر باريس سان جيرمان، وأكثر من مليار يورو صرفت في أسواق الانتقالات الأخيرة. رغم ذلك، لا يعكس مركز ليون المتأخر إمكانيات لاعبيه، التي توازي إلى حدٍّ كبير إمكانيات برشلونة. ترافق سطوع وهج الفريق الكاتالوني في مطلع العقد الحالي مع تراجع النادي الفرنسي، الذي تأثر بشكلٍ واضح بالطفرة في نادي العاصمة باريس سان جيرمان، والتي أنهت سطوةً مطلقة لنادي ليون على الدوري الفرنسي. السيطرة المطلقة للباريسيين اليوم، سبق لليون أن عاشها في مطلع الألفية الحالية، حيث احتكر بطولة الدوري الفرنسي طيلة سبع نسخ، في الأعوام الممتدة بين 2001 و 2008. يعتبر ليون من الأندية التي تسعى للاستثمار باللاعبين، حاله كحال أغلب الأندية التي لا تحظى بإدارةٍ غنية. في الحقبة الذهبية، اعتمدت إدارة النادي على اكتشاف المواهب، تطويرها ثم بيعها بأسعارٍ مرتفعة بعد الاستفادة منها. أسماءٌ كجونينيو، كريم بنزيما، سامويل أومتيتي، هوغو لوريس، ميراليم بيانتش وغيرهم، ترعرعوا بين أسوار ملعب أولمبيك ليون قبل أن يرحلوا إلى فرق الدوريات الأوروبية الكبيرة. سياسةٌ لا يزال يعتمدها النادي الفرنسي حتى اليوم، من دون التمكن من المنافسة على الألقاب المحليّة، بفعل ما أنتجته الأموال القطرية في باريس.
سنةٌ جديدة يمتلك فيها ليون منظومة شابة متماسكة بأقل الإمكانات المادية، إذ تضم المجموعة الحالية عدداً من اللاعبين الذين لا يقلون أهمية عن فقير من الناحية الفنية. شكلت بيئة ليون المكان الملائم لاحتواء مواهب البريميرليغ المهمشة. أسماءٌ كممفيس ديباي وبيرتراند تراوري لمعت مع الفريق الفرنسي، إلى جانب المهاجم الفرنسي الشاب موسى ديمبيلي. يعود السبب وراء تألق الخط الأمامي للفريق إلى متانة خط الوسط بشكلٍ أساسي، الذي يضم تانغي ندومبيلي وحسام عوار، أحد أبرز المواهب الشابة التي لا يهتم بها الإعلام في العالم. مع كثرة الطلب على مواهب ليون، سيتجه النادي إلى بيع بعض لاعبيه الواعدين بأسعارٍ مرتفعة جدّاً، وهو ما أكده أخيراً رئيس النادي جون ميكيل أولاس، للمحافظة على صافي إيرادات النادي الفرنسي.