مخطئ من يعتقد أن مباراة الأنصار والنجمة لا تحمل أي أهمية هذه المرّة، إذ إن مجموعة من الاعتبارات لا بدّ من التوقف عندها، وهي تعكس فعلاً أن «الدربي» يحمل هذه المرة مجموعة من التحديات بالنسبة الى الفريقين اللذين، رغم أنهما تراجعا أمام سطوة العهد في الدوري اللبناني، لا يزالان يعتبران مواجهتهما هي اللقاء الاهم في البطولة.هما اصلاً كانا قد اطلقا المعركة من جديد وبشكلٍ لم تعرفه المواسم القريبة الماضية، وتحديداً منذ ذاك الفوز الكبير للانصار (5-1) في ذهاب الموسم الماضي، ليعود بعدها النجمة ويردّ التحية بنتيجة كبيرة ايضاً عندما فاز (4-2) في ذهاب الموسم الحالي.
وعند هذه النتيجة يمكن بدء الحديث للكلام عن أهمية المباراة، اذ ان الانصار لم يهضم ابداً تلك الخسارة التي لحقت به، ورأى انه لم يستحقها، لانه كان الطرف الافضل في غالبية فترات اللقاء. النقطة الاهم هي ان «الزعيم الأخضر» مقتنع بأنه لا يستحق ان يكون خلف النجمة على لائحة الترتيب العام، حيث تفصل نقطة واحدة بينهما حالياً. واقتناع الأنصار هذا ينطلق من خلال الاداء القوي الذي قدّمه في الكثير من المباريات، ولو أنه فرّط بالنقاط في مباريات اخرى كان يفترض ان تكون في متناوله، على غرار المباراتين مع طرابلس، حيث عجز عن الفوز على سفير الشمال.
وهذا الاقتناع الانصاري يتعزز ايضاً وسط الاداء المتذبذب للنجمة وغير المقنع في مراحل كثيرة، وهو ما جعل «النبيذي» يبتعد بفارق 9 نقاط عن العهد المتصدر، ويقف على بُعد نقطة من الانصار، فأصبحت وصافته في خطر. والوصافة هي من العناوين المهمة الاخرى بالنسبة الى لقاء اليوم، ليس بسبب الصراع الطبيعي على زعامة بيروت بين الطرفين، بل لانها ستؤمّن لصاحبها التمثيل في كأس العرب للاندية الابطال، وهي مسألة مهمة للنجمة الخائب آسيوياً سلفاً، واكثر من مهمة للانصار الساعي للعودة الى الساحة الخارجية.
وعند الساحة الخارجية، يمكن التوقف لاستنتاج اهمية اخرى لهذه المباراة، لكن وفق بُعد آخر يرتبط بالمسابقة الرديفة، أي كأس لبنان، حيث سيلتقيان في ربع النهائي، وهما يعتبران هذه المباراة الحجر الأساس لتعويض ما فاتهما في الدوري، وإحراز لقب الكأس، وبالتالي حجز بطاقة تمثيل في كأس الاتحاد الآسيوي. ومما لا شك فيه ان النتيجة الايجابية لأيٍّ منهما في مباراة اليوم ستعطيه تفوّقاً معنوياً قبل الموقعة المرتقبة الاخرى.

من الأفضل فنياً؟
انطلاقاً من الحديث عن مواجهة الكأس، يمكن الكلام عن الافضلية الفنية لهذا الفريق على الآخر، إذ إنه بالنسبة الى المدربين الاردني عبدالله ابو زمع وموسى حجيج، وبغض النظر عن الوجوه الحاضرة او تلك الغائبة، فان اللقاء يشكل «بروفة» حقيقية بالنسبة اليهما من اجل الوصول الى الحسابات النهائية للمعركة الاخيرة بينهما لهذا الموسم.
من هنا تبرز آراء كثيرة في هذا الخصوص، لكن الرأي المشترك يقول إن اجواء النجمة الحالية بالتأكيد ليست افضل من تلك الموجودة في الانصار، وهي مسألة قد لا تساعد «النبيذي» الى حدٍّ كبير، فهو برأي قسمٍ كبير من المتابعين عليه ان يكون محظوظاً، وأن يكون لاعبوه في يومهم لكي يتفوّقوا على الانصار. الأخير، يرى البعض أنه قد لا يحمل أي افضلية قبل الدخول الى الملعب، كونه يرزح تحت ضغط المطالبات بأمورٍ عديدة، تبدأ من مطلبٍ كلاسيكي يتمثل في الفوز على النجمة، وتمرّ بمسألة سعيه لإنزال غريمه التقليدي عن المركز الثاني، وتصل الى مطلبٍ رئيسي وهو ان عليه ان يثبت أن ما قدّمه في المباريات الاخيرة امام خصومٍ اضعف، حيث استعرض «عضلاته الهجومية»، لم يكن بسبب ضعف هؤلاء الخصوم بل بسبب قوته.
تسقط الفوارق الفنية في مباراة «الدربي» وتختفي الافضلية المسبقة لفريقٍ على آخر


لكن يبقى كل شيء منوطاً بسيناريو المباراة وكيفية سيرها لمصلحة هذا الفريق او الآخر في وقتٍ مبكر، اضافةً الى اجوائها، وهي نقطة مفصلية، وخصوصاً مع توقّع احتشاد عددٍ كبير من المشجعين خلف القطبين.
ويوافق نجم النجمة السابق جمال الحاج على هذا الكلام في حديثٍ مع «الأخبار»، إذ يقول: «اهمية المباراة حاضرة بالتأكيد، اذ يكفي عنوان «الدربي» لنتوقع مواجهة نارية كما جرت العادة». ويتابع: «يمكنني القول ان الفارق الفني كبير بين الطرفين ويصبّ لمصلحة الانصار، انطلاقاً من كل الاجواء التي تحيط بهما، لكن عند صفارة البداية الكثير من الامور يمكن أن تتغيّر، وعلى الانصار ان يثبت نفسه في امتحانٍ صعب. من هنا يبدو الضغط اكبر عليه لانه مجبر على الظهور بالمستوى الذي قدّمه في المباريات الاخيرة، فإذا كان قد تحرّر من ضغط عدم منافسته على اللقب وقدّم بالتالي كرة جميلة من دون تعقيدات، فإنه يشعر حتماً بالضغط الكبير قبل لقاء النجمة، ولو انه يملك الاجوبة الفنية عن الكثير من الاسئلة المطروحة، وهو أثبت هذا الامر في لقائهما ذهاباً».
اذاً النجمة قد يكون مرتاحاً اكثر، ولو انه مطالب ايضاً بتخطي الكثير من الخضات والخيبات التي عرفها عبر فوزٍ يغسل من خلاله كل مشاكله المتراكمة. وعند هذه النقطة يلتقي القائد الانصاري السابق جمال طه مع الحاج، حيث يوافق على أن الضغوطات تزداد على الفريق الاخضر «لأنه ليس مطالباً فقط بتقديم أداء جيد، بل هو مطالب دائماً بحصد الالقاب، والطريق الى منصة التتويج هذه المرة تمرّ من لقاء «الدربي» في الدوري، لأنه لقاء مفصلي برأيي للفوز بلقب كأس لبنان».
ويضيف طه، «الاكيد ان الاهمية الفنية للمباراة لا تتخطى تلك المعنوية، لكن اذا ما تحدثنا عن الجانب الفني، استطيع القول من خلال تجارب سابقة أنه عندما يكون الانصار افضل قبل أي «دربي» يطلّ النجمة بشكلٍ افضل منه، والعكس صحيح. لذا يفترض إبعاد الفوارق في مباراة كهذه، لأن التوفيق والضغط الجماهيري والروح التي يدخل بها اللاعبون الى ارض الملعب هي بلا شك أقوى الاسلحة».



أسبوع الحسم
يمكن إطلاق تسمية اسبوع الحسم على المرحلة الـ20 في الدوري اللبناني، والتي تنطلق كل مبارياتها عند الساعة 16.00، اذ ان العهد الذي يحلّ ضيفاً على الاخاء الاهلي عاليه على ملعب امين عبد النور في بحمدون، ينتظر حسم اللقب نهائياً. وبعيداً عن فوز النجمة على الانصار من عدمه، فإن نقطة واحدة تكفي بطل لبنان للحفاظ على لقبه.
لكن الحسم الاصعب ينتظر فرقاً عديدة غداً الاحد، حيث يحتدم الصراع الكبير للهروب من الهبوط الى الدرجة الثانية، التي قد يجدها البقاع (13 نقطة) في حال سقوطه امام الراسينغ (17 نقطة) على مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية، وخصوصاً في حال صبّت نتائج المباريات الاخرى لمصلحة اولئك الذين يتقدمونه على لائحة الترتيب العام، اذ في مباراة لا تقل اهمية يلتقي الصفاء (18 نقطة) مع السلام زغرتا (16 نقطة) على ملعب بحمدون، حيث سيسعى الاول الى حسمٍ من نوع آخر، ويتمثل في ضمان بقائه في دوري الاضواء.
وهذه المباراة كغيرها متصلة ايضاً باللقاءين الآخرين في هذه المرحلة، اذ يلعب التضامن صور (17 نقطة) مع الشباب الغازية (20 نقطة) في «دربي» الجنوب على ملعب صور البلدي، بينما يحل طرابلس (17 نقطة) ضيفاً على شباب الساحل (22 نقطة) في مباراة صعبة، وقد تكون حاسمة في سعي الفريق الشمالي للبقاء في الدرجة الأولى.