انتهى موسم (2018-2019) لكن تداعياته مستمرة. فجأة استيقظت بعض الأندية بعد نهاية الدوري وبدأت الحديث عن تلاعب. تعدّدت ظروف كل طرف. جزء فتح الملف بعد أن خرج خالي الوفاض في أسوأ موسم له، ولم يجد للتبرير سوى شماعة التلاعب لتعليق الإخفاق عليها. جزء آخر وجد نفسه يودّع دوري الأضواء ففتح الملف لغايات قد تتوضح لاحقاً، حين سيجري الحديث عن المطالبة بعدم إسقاط أيّ فريق إلى الدرجة الثانية.أول من أمس برز إلى الواجهة كتاب نادي البقاع الموجّه إلى الفيفا، يتحدث فيه عن تلاعب بالنتائج وخرق قوانين، وعدم متابعة جدية من الاتحاد اللبناني لكرة القدم. بدا الكتاب أقرب إلى «زكزكة» منه إلى كتاب جدّي. لا يخفي رئيس النادي أحمد حسين الموسوي هذا الأمر كاشفاً في اتصال مع «الأخبار» أنه منذ سقوط الفريق ابتعد كلياً عن كرة القدم اللبنانية. «زرعنا وردة في البقاع وسقيناها من دم قلبنا، وبدلاً من أن تتم حمايتها من الاتحاد تراه غائباً ويتلهى أعضاؤه بالخلافات في ما بينهم».
الرئيس الموسوي لم يكن على علمٍ بالكتاب المرسل. «الشباب في النادي هم من أرسلوه، لعلّه يشكل جرس إنذار لإيقاظ الأشخاص النائمين في الاتحاد»، يقول لـ«الأخبار».
عدم جديّة مضمون الكتاب بدا واضحاً على أكثر من صعيد. البداية من الجهة المخَاطبة أي «الفيفا» إذ لا يمكن توجيه كتاب إلى الفيفا (Messrs FIFA)، بل إلى دائرة معنية فيه، وتحديداً لجنة الانضباط في الاتحاد الدولي. كما أن الكتاب تضمن العديد من الأخطاء سواء على صعيد المصطلحات المغلوطة كـ(Playing in results) بدلاً من (Match fixation) إلى جانب توصيفات وأمور أخرى بعيدة عن عالم كرة القدم.
تطالب بعض الأندية بعدم إسقاط أي فريق إلى الدرجة الثانية


خطأ آخر حصل في عنوان البريد الإلكتروني الذي أرسل إليه النادي، وبدا ذلك من خلال رد الفيفا على الرسالة. ففي البريد الإلكتروني المرسل من الفيفا ذُكر أن الكتاب وصل لكن لا يمكن اعتماده أو قبوله، كونه مرسلاً إلى عنوان بريدي غير معتمد، وبالتالي سيتم تجاهله، ويجب إرسال الكتاب إلى عنوان بريدي آخر مذكور في الرد. ولا تتوقف الملاحظات الشكلية عند هذا الحد، فالكتاب المرسل ممهور بختم النادي فقط مع توقيع غير معروف من هو صاحبه.
هذا في الشكل، أما في المضمون فلا يمكن إرسال كتاب دون تضمينه أدلة ووثائق يمكن للجهة المعنية البناء عليها، أضف إلى ذلك أن الكتاب المرسل إلى الفيفا، والكتاب الآخر الذي تم إرساله إلى الاتحاد اللبناني لكرة القدم بمضمون مختلف يحملان تاريخين. كتاب الفيفا مرسل في 3 أيار 2019 وكتاب الاتحاد اللبناني مرسل في 29 نيسان 2019. ما يعني أن الكتابين مرسلان بعد انتهاء الدوري في 21 نيسان. وفي هذه الحالة قد تطبّق المادة 23-5 من نظام الاتحاد التي تنص على أنه «يسقط حق الجمعية في تقديم الاعتراضات بعد انتهاء الموسم الرياضي المحدد في المادة 22-20 من نظام الاتحاد الأساسي والداخلي بشأن أحداث وقضايا تمّت خلال الموسم الرياضي عينه».
كتاب البقاع لم يكن الوحيد الذي وصل إلى الاتحاد، فالراسينغ أيضاً أرسل كتاباً كما أفاد رئيس النادي جورج فرح في اتصال مع «الأخبار». «طالبنا الاتحاد بفتح تحقيق في ما يحكى عن تلاعب ومراهنات، كما طالبنا بإلغاء الهبوط هذا الموسم وعقد جمعية عمومية استثنائية، لإقرار هذا الأمر سريعاً كي نحدد طريقة التحضير للموسم المقبل. فالتحضير للدرجة الأولى يختلف عن التحضير للدرجة الثانية».
ويتشابه التوقيت في إرسال الكتاب مع توقيت نادي البقاع أي بعد انتهاء الدوري، لكن ما قد يحمي الناديين من المادة 23-5 هو أن الكتابين أُرسلا قبل تثبيت النتائج من اللجنة التنفيذية.
المطالبة بإلغاء الهبوط تكررت أيضاً في كتاب البقاع في فقرته الأخيرة، ما يمهّد لمخالفة جديدة قد ترتكب في حال اتخذ القرار بالجمعية العمومية. أما بالنسبة إلى التحقيق في التلاعب، فالأندية تطالب الاتحاد بالتحقيق بتلاعب في الدرجة الأولى، في حين أنه لم يقوَ على اتخاذ قرارات بالتلاعب في الدرجة الثالثة، وبدا كأنه لم يشاهد ما حصل في الدرجة الرابعة حتى اجتمعت اللجنة وقررت في بندها الثاني التحقيق في بعض المباريات. بندٌ ظن البعض أنه يتعلق بالدرجة الأولى في حين أنه يتعلق بالدرجة الرابعة.
وبحسب مصادر متابعة، فمن لا يقوى على اتخاذ قرارات في الدرجة الثالثة، أو حتى يذكر في تعميمه استبعاد ملعب المدينة الرياضية بعد إقفال منصته في مباراة النجمة والأنصار بقرار من إدارة المدينة، ما شكّل صفعة لاتحاد اللعبة، هل يستطيع اتخاذ قرارات قد تشكل زلزالاً في البطولة الأهم في الدرجة الأولى؟ الأيام المقبلة ستوضح الأمور.