في النسخة الماضية من الكالشيو، أنهى نادي أتالانتا موسمه في المركز السابع، مبتعداً بـ17 نقطة عن المركز الثالث، الذي شغله روما. 16 انتصاراً، 12 تعادلاً و10 خسارات صعّبت من آمال نادي «القديسين» في احتلال مركز مؤهل لدوري الأبطال. في غضون موسم واحد، تغير كل شيء. ظهر أتالانتا بصورة البطل، بأقلّ الإمكانات مقارنةً ببقية الأندية. لم يشهد سوق انتقالات الفريق حركةً كبيرةً الصيف الماضي، إذ اقتصرت صفقات النادي على استقدام مهاجم سامبدوريا السابق دوفان زاباتا على سبيل الإعارة، ماركو تومينيلو من روما، إضافةً إلى قدوم اللاعب الكرواتي ماريو بازاليتش من تشيلسي الإنكليزي على سبيل الإعارة أيضاً. في المقابل، تخلى النادي عن لاعبه الواعد براين كريستانت لصالح روما، كما حافظ على مدربه الإيطالي جيان بييرو غاسبيريني.النجاح الذي يتغنى به أتالانتا هذا الموسم ليس وليد الصدفة، إنما استكمال لمشروعٍ بدأه المدرب غاسبيريني عند تسلّمه الدكة الفنية لنادي أتالانتا، وذلك عام 2016.
تسلّم غاسبيريني حينها فريقاً مفكّكاً، تمكن من الصمود بصعوبةٍ في الدوري موسم 2015/2016. حينها، كان أتالانتا قاب قوسين أو أدنى من الهبوط، وذلك عندما كان تحت إمرة مدربه الأسبق ستيفانو كولانتونو. معه، وصل الفريق إلى المركز السابع عشر، مبتعداً بثلاث نقاط عن مناطق الهبوط، إثر سلسلة خسارات متتالية تمثلت بأربع ما استدعى إقالته في نهاية المطاف، لتعديل الأوتار قبل فوات الأوان. كان رأي الإدارة صائباً، إذ عيّنت المدرب إيدي ريا بديلاً لكولانتونو، وتمكن في نهاية المطاف من الصعود بأتالانتا إلى المركز الثالث عشر.
تحسنت الأوضاع كثيراً مع غاسبيريني، إذ احتلّ الفريق في موسمه الأول المركز الرابع، خلف يوفنتوس روما ونابولي توالياً، رغم البداية الكارثية، والتي تمثلت بفوزٍ واحد من مبارياته الخمس الأولى. مركزٌ متقدّمٌ في الجدول أمّن دخول نادي القديسين للدوري الأوروبي «يوروباليغ»، إذ كانت حينها المراكز الثلاثة الأولى فقط تؤهل إلى دوري أبطال أوروبا.
حلّ نادي أتالانتا ثالثاً في جدول الترتيب العام ليتأهّل للمرة الأولى في تاريخه إلى دوري أبطال أوروبا


في ذلك العام، كان إنجاز أتالانتا الحدث الأبرز في إيطاليا، وقد أعاده البعض للصدفة أكثر من العمل الجاد، غير أنّ الاستمرارية في العطاء لموسمين آخرين قطعت الشك باليقين، بعد احتلال النادي المركز السابع في الموسم الفائت، لينهي موسمه الحالي في المركز الثالث. تمكّن أتالانتا من الوصول إلى نهائي كأس إيطاليا أيضاً، غير أنه فشل في التتويج بعد أن خسر من لاسيو بنتيجة (2-0).
الإنجاز، هو إنجازٌ للمجموعة ككل بطبيعة الحال، غير أنّ هذه المجموعة ما كانت لتتشكّل لولا الرجل الأول في النادي، وهو المدرب جيان بييرو غاسبيريني. في غضون ثلاثة مواسم، أثبت المدرب الإيطالي المخضرم أنّ المال ليس بعاملٍ حاسمٍ لنجاح نادٍ من عدمه. أنديةٌ كبيرة صرفت الكثير من الأموال لتقديم موسم يتوافق مع تاريخها أو أهدافها، على غرار إنتر ميلانو وروما، ولكنهما حلّا بعد أتالانتا في جدول الترتيب، بعد أن افتقد الناديان المنظومة التي تساعدهما على التوازن. منظومة نجح غاسبيريني بصناعتها، وبالتالي نجح الفريق.
استغلّ المدرب الإيطالي طاقة كلّ لاعب، ليحولها إلى حافز يعود بالمنفعة على الفريق، وكان له ما أراد. مواهب شابة كتيموثي كاستانيي، موسى بارو، وروبن غوسنس أعطت ما لديها لإثبات نفسها في خطط المدرب الإيطالي، في حين استثمر غاسبيريني خبرة وعطاء يوسيب إيليتشيتش، أليخاندرو غوميز وأندريا ماسييلو للمساهمة بنتائج الفرق الاستثنائية هذا الموسم، إضافةً إلى توجيه المواهب الشابة، من دون إغفال استغلال حافز اللاعبين باسيليتش وزاباتا لتفعيل خيار شرائهما في نهاية الموسم. لعب هذا الأخير دوراً بارزاً في إنجاز أتالانتا الحالي بعد أن تمكّن من تسجيل 23 هدفاً في الدوري الإيطالي، كثاني الهدافين بعد مهاجم سامبدوريا الإيطالي فابيو كوالياريلا.
هكذا، تأهل أتالانتا للمرة الأولى في تاريخه إلى دوري أبطال أوروبا. الاختبار الأول الذي اجتازه النادي هذا الصيف تمثّل في الحفاظ على مدربه للموسم المقبل، بحسب القييمين على إدارة النادي. مع الحفاظ على نجوم الفريق وتفعيل خيار شراء اللاعبين المعارين، تحديداً زاباتا، إضافةً إلى إبرام بعض الصفقات لزيادة تماسك المنظومة خاصةً على الصعيد الدفاعي. قد يحافظ أتالانتا على مكانته بين كبار الأندية الإيطالية في الموسم المقبل رغم صعوبة ذلك، نظراً إلى المشاريع الواعدة لكلٍّ من إنتر ميلانو وروما وبدرجةٍ أقل إي سي ميلان. الأمر لا يزال بالمتناول طالما تمسّك النادي بغاسبيريني، الرجل الذي حلّق بأتالانتا في سماء الكالشيو.