بفوز أمام المنتخب البوروندي بهدفين دون رد، فاجأ المنتخب الجزائري الجميع بأدائه المتماسك، والذي كان بعيداً كلّ البعد عن كل التوقعات التي كانت محيطة بـ«ثعالب الصحراء»، حول مشواره في البطولة الأفريقية. فوز سهل أمام بوروندي، أعطى الجزائر جرعة معنوية كبيرة، فوصل المنتخب إلى محطة السنغال، ونجح بتحقيق الفوز بهدف دون رد على المرشح الأبرز للفوز بالبطولة. دخل المدرب جمال بلماضي المباراة معتمداً على الثلاثي الذي، على ما يبدو، سيبقى معتمداً عليه طوال مشوار الـ«خضر» في البطولة، قائد المنتخب ولاعب مانشستر سيتي رياض محرز، مهاجم السد القطري بغداد بنجاح، إضافة إلى جناح غلطاسراي التركي ولاعب فالنسيا الإسباني السابق سفيان فيغولي.
من المتوقع أن تفوز الجزائر على تنزانيا وتتصدر المجموعة

أظهر المنتخب الجزائري «شخصية البطل» بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. استحواذ على الكرة طوال الـ90 دقيقة، مراوغات فردية وعمل جماعي في الوقت عينه. تشكيلة جزائرية متماسكة تتميّز بالانسجام الكبير. كان للظهيرين الأيمن والأيسر دور كبير من الناحيتين الهجومية والدفاعية. والحديث هنا عن كل من يوسف عطّال لاعب نيس الفرنسي، ورامي بنسيبايني لاعب رين الفرنسي أيضاً. كل من تابع اللقاء ما بين الجزائر والسنغال، يلاحظ مدى تقارب الخطوط الثلاثة، وأن الكرة تخرج من قدمي حارس المرمى ريس مبولحي نحو المهاجم بغداد بنجاح بسهولة وانسيابية تامّة. لم يكن صاحب الرقم 9 موفقاً في المباراة، إذ أهدر عدّة فرص كان بإمكانه ترجمتها لأهداف، لولا بعض الأنانيّة في اللعب التي طغت على أدائه. في المقابل، قدّم رياض محرز مباراة كبيرة، تماماً كالتي قدّمها أمام بوروندي. قدّم محرز كل شيء في المباراة، من تمريرات حاسمة، لفرص محققة للتسجيل، تسديدات على المرمى وقريبة من المرمى، كل ما كان ينقص محرز هو تسجيل الهدف، ولم يكن له ذلك هو أيضاً. في ظل عدم التوفيق من قبل المهاجمين، كان للاعبي خط الوسط كلمتهم أيضاً. كيف لا ومن سجّل هدف الفوز هو لاعب الترجي التونسي يوسف بلايلي. اللاعب الذي يشارك للمرّة التاسعة فقط مع منتخب بلاده، قدّم أداء لافتاً في اللقاء، وتوّجه بهدف، كان مهماً جداً للجزائر وله على وجه الخصوص.
تخطّى إذاً المنتخب الجزائري العقبة الأبرز والأصعب له في دور المجموعات، وهي الفوز على المنتخب السنغالي بنجومه المحترفين في أهم الدوريات الأوروبية. ما يدعو للتساؤل، هو المستوى المتدني الذي ظهر فيه السنغاليون، والـ«عك الكروي» الذي كان واضحاً في أدائهم.


الجزائر، استغلت هذه الفرصة على أكمل وجه، وقدّمت واحدة من أجمل مبارياتها منذ سنوات، خصوصاً أن هذا المنتخب عانى كثيراً من التخبطات الداخلية والخارجية، وبدا التوتّر واضحاً داخل غرف الملابس، حتّى أنه بات مستبعداً من قائمة المرشحين للفوز باللقب من قبل الكثير من النقّاد. على ما يبدو، أن المدرب الحالي جمال بلماضي، وجد «توليفته الخاصّة» وتشكيلته التي سيعتمد عليها خلال كأس الأمم الأفريقية. ولكي يأخذ كل ذي حق حقه، لا يمكن إنكار أن هذا التناغم الذي شاهده الجميع في التشكيلة الجزائرية، سببه المدرب بلماضي، الذي لاقى الكثير من الانتقادات خلال المباريات الودّية التي سبقت العرس الكروي الأفريقي. نقطة أخرى يجب التطرّق لها، أن شباك الحارس مبولحي لم تهتز حتى الآن، وهذا يحسب لمبولحي نفسه، ولخط الدفاع المميز المكوّن من عيسى مندي لاعب ريال بيتيس الإسباني، ومدافع الشباب السعودي جمال الدين بنلمري، الظهيرين عطّال وبنسيبايني، الذين قدّموا مباراة مميّزة أمام السنغال، مع التحفّظ على الجرأة والثقة الزائدتين التي يلعب بهما يوسف عطّال، والتي كانت ستؤدّي إلى طرده من المباراة.
النزال الأخير سيكون أمام المنتخب التنزاني (يوم الاثنين المقبل الساعة 22:00)، المنتخب الذي يعتبر الأضعف في المجموعة، ومن المتوقّع أن يحقق الجزائريون انتصارهم الثالث توالياً في البطولة، وما يعني بطبيعة الحال صدارتهم للمجموعة بالعلامة الكاملة، ليس فقط من جهة النقاط، بل من جهة الأداء الكبير الذي قدمه لاعبو هذا المنتخب الكبير.