تدخل ستة فرق مسابقة كأس النخبة بمقاربات مختلفة، بحيث يسعى كل منها الى هدفٍ معيّن من خلال المباريات. هي كانت قد شرعت اصلاً في خوض بعض الوديّات، لكن كأس النخبة ستفرض بعض الجديّة لناحية شكلها الرسمي، كونها تقام تحت إشراف الاتحاد اللبناني للعبة.هي بلا شك محطة مهمة نسبياً لكل الفرق ومدربيها وحتى للاعبين الساعين للعودة الى الملاعب، او حتى لأولئك الطامحين الى إثبات انفسهم عشية انطلاق الموسم الجديد. لكن الواقع ان القراءة الفنية للفرق واوضاعها، لا تعكس اهمية للمسابقة على غرار ما كانت عليه الحال في الماضي البعيد، لذا لا يمكن اعتبار ان فرق النخبة، او اقله «الثلاثة الكبار»، يتطلعون الى لقبها بنفس الصورة التي بدا عليها الامر في الاعوام الماضية.
العهد هو أوّل هذه الفرق، فلا يمكن القول إنه يرى في المسابقة اهمية ستدفعه الى التعامل معها بنفس الطريقة التي عمل عليها في الموسم الماضي وامتداداً الى ما بعده من بطولات، اذ ان بطل لبنان يفكّر في أمرٍ واحد في الوقت الحالي، وهو نهائي منطقة غرب آسيا ضمن مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي، حيث سيقابل الجزيرة الاردني في مهمةٍ غير سهلة، لكنها اصبحت هدفاً أول منذ فترةٍ ليست بقصيرة.
من هنا، كان كلام المدير الفني باسم مرمر واضحاً في حديثه الى «الأخبار» اخيراً، اذ انه يتطلع إلى إشراك لاعبيه الشباب في مباريات كأس النخبة، اضافةً الى تجربة بعض الوجوه الأجنبية ضمن بحث الفريق الاصفر عن مهاجم لتعزيز خطّه الامامي، بعد انتهاء عقد مهاجمه البلغاري مارتن توشيف المنتقل الى سسكا صوفيا في بلاده. والاكيد ان النقطة الاولى تهم مرمر ربما اكثر من الثانية حاليا، اذ من يعرف مدرب العهد جيداً يدرك تماماً ان الرجل يهوى اعطاء الفرصة للوجوه الشابة وتقديمها الى الاضواء لاحقاً، وهو امر ينجح فيه عادةً بفعل معرفته العميقة بقدرات ابرز لاعبي الفئات العمرية في ناديه. لذا قد يقدّم العهد اسماء جديدة مستقبلية الى اللعبة من بوابة النخبة، وهو امر ستكشف عنه مباراته الاولى امام شباب الساحل، ثم الثانية امام الشباب الغازية.
الأندية ستتخذ من بطولة النخبة فرصة للوقوف على جاهزية لاعبيها


وعند نقطة التجربة يقف الانصار وصيف الدوري في هذه المسابقة، وهو الذي سيواجه في المرحلة التمهيدية الاخاء الاهلي عاليه، ثم غريمه التقليدي النجمة في مباراة لا تسقط اهميتها ابداً أيّاً كان اسم المسابقة. هي تجربة اولى لمدربه السوري نزار محروس للتعرّف على لاعبيه، وهو في حال كان يملك فكرةً عن بعضهم او شاهد بعض مباريات الفريق في الموسم الماضي، فإن الاكيد انه يحتاج الى معرفة كيفية تفاعل العناصر الجدد مع التشكيلة، وطبعاً تجربة مدافعَين برازيليين هما جواو باولو وموسيز لوكاس ضمن بحثه عن قلب دفاعٍ اجنبي. لذا يمكن اعتبار ان الانصار اكثر من يحتاج الى «بروفة النخبة»، وخصوصاً ان اضافة نجم مثل حسن معتوق الى تشكيلته يحتّم عليه تهيئة الاجواء الفنية له على ارض الملعب لاستخراج الافضل منه، وهي مسألة ستكشفها مقاربة محروس على الصعيد الهجومي، وخصوصاً في ظل حضور كل لاعبي خط المقدّمة بحيث سيكون بإمكانه رسم الخطط الاساسية وتلك البديلة وتكوين فكرة رئيسية حول ما سيعتمد عليه في الموسم الجديد، على اعتبار ان الكل يتطلع الى هجوم الانصار لإنهاء صيام الفريق الاخضر عن لقب الدوري.


واذا كان الانصار يتطلع الى لقب النخبة لتلقّي جرعة معنوية مفيدة قبل انطلاق الدوري، فإن اكثر من يحتاج الى لقبٍ معنوي هو النجمة، وذلك بعد ان تراجع الى المركز الثالث على لائحة الترتيب العام في ختام الموسم الماضي، اضافةً الى مرحلة التخبّط التي يعيش فيها على المستويين الاداري والفني، خصوصاً بعد فقدانه السباق الى توقيع معتوق المنتظر ان يواجهه في «دربي النخبة» حيث يتوقع ان تكون هذه المواجهة المرتقبة عنواناً اساسياً في المرحلة التمهيدية.
ومع خروج معتوق من «النبيذي» ودخول فكرٍ جديد مع المدير الفني التونسي طارق جرايا، يدخل النجمة مرحلة جديدة كليّاً، لذا فهو يحتاج ايضاً الى كأس النخبة لبدء عملية التأسيس لرسم تشكيلة مجهولة المعالم حتى الآن، كون الفريق لم ينهِ تعاقداته المحلية والاجنبية، أضف ان اللعب من دون معتوق الذي كان صانع الفارق الوحيد تقريباً في غالبية المباريات يفرض على جرايا البحث عن حلول تعويض مغايرة، وهي مسألة ليست سهلة من دون شك.
وتبقى أوضاع الفرق الثلاثة الاخرى المتنافسة في كأس النخبة مختلفة الى حدٍّ ما، إذ إن شباب الساحل يبدو أكثر استقراراً من الاخاء الاهلي عاليه والشباب الغازية، وذلك بعدما كان قد أنهى ملف أجانبه باكراً، اضافةً الى إطلاقه لاستعداداته في الوقت المناسب ومن دون اي تغييرات جذرية في تشكيلة المدير الفني محمود حمود. أما الاخاء فهو سيبدأ مرحلة اختبار الاجانب وبعض الوجوه المحلية الجديدة، تماماً مثل الغازية الذي استغنى عن بعض لاعبيه ويسعى الى تغييرٍ على الصعيد الاجنبي، وذلك للحفاظ قدر الامكان على ما قدّمه في الموسم الماضي، حيث وبأقل الامكانات وقف في دائرة النخبة في نهاية المشوار.