لم يكن التضامن صور يوماً نادياً عادياً في كرة القدم اللبنانية، فهو الممثّل التاريخي للجنوب، والنادي الذي شكل رافداً لأهم الأندية اللبنانية. أسماء كثيرة مرّت على التضامن ووصلت إلى أعلى مراتب الاحتراف، وأبرزها السيراليوني محمد كالون والقائد السابق لمنتخب لبنان رضا عنتر. الأمور لم تتوقف عند هذين الاسمين بل قدّم التضامن مجموعة كبيرة من الأسماء التي أصبحت عماد الفرق القوية في الدوري، وتالياً المنتخب الوطني.لكن موسماً بعد آخر ابتعد التضامن عن دائرة الكبار، ووجد نفسه مكتفياً بمراكز في وسط الترتيب أو ما دون. وهذه المسألة أعادها القيّمون دائماً إلى الصعوبات المالية، إذ لم يعد هناك أشخاص أو رجال أعمال يقومون برعاية النادي ويغذون خزينته على غرار ما حصل في الماضي البعيد، وتحديداً عندما تمكّن «سفير الجنوب» من إحراز اللقب الوحيد في تاريخه مطلع الألفية الجديدة قبل أن يتم إلغاؤه. أكثر من نقطة تحوّل غيّرت مسار التضامن في المواسم الأخيرة، فكانت المشكلة المالية حاضرة دائماً في أحاديث إداريي النادي الذي نشط بما تيسّر وتمكن من الحفاظ على مكانه في دوري الأضواء. لكن وبعد ما اضطر التضامن إلى بيع عددٍ لا بأس به من لاعبيه لإنعاش خزينته، وفي ظلّ تفاقم الأزمة المالية، يبدو النادي في طريقه إلى مشكلة غير بسيطة مع انطلاق الموسم الجديد.
هو أمر يؤكده أمين السر سمير بواب الذي لا يخفي وجود نقصٍ في السيولة لا في الديون «إذ أننا سددنا مستحقات الجميع عن الموسم الماضي وامتداداً إلى الموسم الحالي». لكن طبعاً هذا الأمر لا يكفي ولو أن ميزانية التضامن أيضاً ليست بالكبيرة، إذ لم تتخطَّ في المواسم الأخيرة الـ 400 ألف دولار، وهو مبلغ يبدو صعباً تأمينه هذه المرّة في ظل عدم وجود رئيسٍ للنادي مع الاستقالة التي سبق أن تقدّم بها الرئيس محمد مديحلي.
استقالة لا تزال إدارة التضامن ترفضها، وقد جاءت في أعقاب عدم دخول الفريق دائرة النخبة مع نهاية الموسم قبل الماضي (حلّ سابعاً بـ 8 انتصارات، 5 تعادلات، و9 هزائم)، ومن ثم بيع المدافع حسن بيطار إلى العهد، والذي انتقل منه إلى الانصار لاحقاً. هناك حضر خلاف في وجهات النظر حول التأسيس للمرحلة المقبلة، فتقدّم مديحلي باستقالته. صحيح أن الرئيس الشاب لم يوقف دعمه النهائي بعد رفض استقالته، لكنه بدا بعيداً عن القرارات، وتابع الدعم بنسب أقل بعدما كان قد غطى حوالى 80 في المئة من الميزانية في أول سنتين من ولايته.
ويبدو بواب مصرّاً على عدم استبعاد مديحلي من دائرة المهتمين بمساعدة النادي، مؤكداً أنه سيقوم بمساعدته كما فعل موسمياً «إذ إنه غطى ربع الميزانية في الموسم الماضي مثلاً رغم ابتعاده عن النادي، وهو مشكور طبعاً لأن مساهمته كانت فعالة ومساعدة إلى حدٍّ كبير». ويتابع: «كما أنه سيساعد في عملية استقدام اللاعبين الأجانب حيث سيقع الاختيار عليهم بالتشاور معه».
تقارب ميزانية التضامن الـ 400 ألف دولار وهي غير مؤمّنة حتى الآن


لكن الموارد الأخرى لا يبدو تأمينها سهلاً، إذ اعتاد النادي الجنوبي على تأمين قسمٍ من ميزانيته عبر محبين له ينظمون حفلات ويعود ريعها لصندوق النادي، إضافةً إلى العشاء السنوي الذي يقيمه في بيروت، وبعض التبرعات البسيطة من أصدقاء النادي تحت شعار «حجر بيسند خابية» بحسب قول بواب، الذي يلقي اللوم على أسبابٍ عدة حول ما آلت إليه الأمور. أول هذه الأسباب هي عامة وترتبط بالوضع الاقتصادي الموجود في البلاد، والذي يؤثر على استعداد بعض الداعمين لمساعدة النادي. ويعقّب «أبو راغب» قائلاً: «كما أن رفع أسعار اللاعبين يضرّ اللعبة، وقد تأثرت أندية عدة بهذا الأمر وتحديداً الأندية غير الميسورة».
وبالحديث عن اللاعبين لا يمكن سوى التوقّف عند الدور المعروف للتضامن في هذا الإطار، حيث تشير المعلومات والتي أكدها بواب في حديثه إلى «الأخبار» إلى أن النادي لم يهتم طوال 4 أعوام بالفئات العمرية، لكنه عاد في العامين الأخيرين للسير على درب التقليد القديم لناحية صقل المواهب، وهناك عدد لا يستهان به منها يبدو واعداً بحسب أمين السرّ.
كلامٌ صحيح بالنسبة إلى المتابعين عن كثب لكن أيضاً لا يمكن الانتظار كثيراً لتزهر هذه المواهب وتحمي الفريق في الدرجة الأولى، وخصوصاً أنه خسر نجماً آخر هذا الصيف مع انتقال لاعب الوسط محمد الفاعور إلى البرج. لكن تأكيدات بواب تشير إلى أنه لا نيّة لبيع المزيد من اللاعبين لتحصيل الأموال «ويمكن أن نستثني حارس المرمى هادي مرتضى من هذه المعادلة رغم أنه لم يتكلم معنا أي نادٍ بشكلٍ رسمي لضمه إلى صفوفه». ويضيف: «يتبقى سنة واحدة من عقده، لكننا نسعى إلى تمديده مهما كلّف الأمر، وهناك اتفاق مبدئي معه بخصوص هذه الخطوة».
ورغم كل هذه الأجواء الملبدة يبدو بواب متفائلاً، إذ أنه لا يرى فريقه في الدرجة الثانية في نهاية الموسم المقبل، بل إن بارقة أمل قد تطل مع الانتخابات الإدارية المزمع إقامتها في تشرين الأول المقبل حيث يأمل محبو النادي أن تحمل بعض الوجوه والأسماء الجديدة التي يمكنها أن تساهم في عملية إنقاذ مبكرة وتبقي أوراق اعتماد «سفير الجنوب» في ساحة الكبار.