منذ تأسيسه في 2009، يقدّم النادي الألماني «آر بي لايبزغ» مستوى مميّزاً وضعه على خريطة الأندية الألمانية الناجحة. من الدرجة الخامسة في ألمانيا كانت البداية. درجة تلو أخرى، صعد عبرها لايبزغ على سلّم الدوريات المحليّة، حتى تمكّن من بلوغ دوري الأضواء عام 2016. بعد موسم واحد ضمن الدرجة الأولى «البوندسليغا»، تمكّن الفريق الجديد الصّاعد من حجز مقعد له في بطولة دوري أبطال أوروبا، وتحديداً خلال موسم 2017-2018. هي مسيرة نادٍ تملكه الشركة العملاقة «ريد بول»، التي تمتلك عدّة فرق أخرى كـ«ريد بول سالزبورغ» النمساوي، ونيويورك «ريد بول» في الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً في الـ«MLS». خلال الموسم الحالي، ومع تعيين المدرب الجديد للفريق «الألماني ـ الشرقي» يوليان ناغلسمان، قصّ لايبزغ شريط الدوري الألماني بنتائج مميّزة وأداء لافت من حيث المتعة في طريقة اللعب وكرة القدم الجميلة. كل هذا بفضل مدرب هوفنهايم السابق، الشاب الألماني ناغلسمان. صاحب الـ 32 عاماً، قدّم للجماهير المحبّة للـ«بوندسليغا» فريق هوفنهايم الذي كان من بين أصعب الأندية الألمانية على أرضه وبين جماهيره. ترجم ناغلسمان أفكاره لكرة قدم بسيطة وسهلة على أرض الملعب، أحبتها الجماهير المحبة والكارهة لهوفنهايم في المواسم الأخيرة. أضافة إلى ذلك، يتميّز ناغلسمان عن غيره من مدربي الفرق الكبرى ـ وهذا ما يتميّز به الألمان عادة ـ بالثقة الكبيرة التي يعطيها للاعبين الشباب، الذين أصبحوا اليوم في أهم الأندية الألمانية، والحديث هنا عن كريم ديمرباي لاعب ليفركوزن الحالي، ونيكو تشولز لاعب بوروسيا دورتموند وغيرهما. تمكّن المدرب الشاب من بلوغ دوري أبطال أوروبا مع الفريق الأزرق هوفنهايم، وبلاعبين لا يمكن وصفهم إلا بمتوسطي المستوى. الأدوات التي كانت بين يدي ناغلسمان في هوفنهام لا تقارن بما لديه الآن في لايبزغ. أسماء مميّزة، كصانع الألعاب السويدي إيميل فورسبيرغ، والمهاجمين الألماني والدانماركي تيمو فيرنر ويوسف بولسين، إضافة إلى النمساوي المميز مارسيل سابيتزر. هؤلاء اللاعبون، يمكنهم صناعة الفارق في الأوقات العصيبة التي من الممكن أن يمرّ بها النادي خلال الموسم الحالي في الدوري. وبالتالي، إن النجاح الذي حصله مع هوفنهايم يمكن أن يكون مضاعفاً في لايبزغ.
أنفق لايبزغ 55 مليون يورو فقط في سوق الانتقالات الأخير


55 مليون يورو، هي حصيلة ما أنفقته إدارة لايبزغ خلال سوق الانتقالات الصيفي الأخير. بهذا المبلغ، تمكّنت الإدارة من التعاقد مع 5 لاعبين، وهم كل من الفرنسي كريستوفر نكونكو من باريس سان جيرمان، أديمولا لوكمان من إيفرتون، هانس وولف من سالزبورغ، لوان كانديدو البرازيلي من بالميراس، وإيثان أمبادو لاعب تشيلسي السابق. خمسة لاعبين من المتوقّع أن يكون لهم كلمة خلال الموسم الحالي من الـ«بوندسليغا»، نظراً لتجارب سابقة برهنت من خلالها إدارة النادي عن حسن التعامل مع الصفقات الجديدة واللاعبين الذين يُنتدَبون بمبالغ زهيدة مقارنة بغيرها من إدارات الفرق الألمانية الأخرى. الفريق الوحيد الذي من الممكن أن يكون قد تغلّب على لايبزغ «إدارياً» هو بروسيا دورتموند، النادي الذي مع بداية كل موسم يستقطب عدّة لاعبين بأرقام قليلة على الورق، ليصبحوا بعد موسم واحد فقط، أبناء الـ100 مليون يورو (كما حدث مع عثمان ديمبيلي لاعب رين ودورتموند السابق وبرشلونة الحالي). مع مرور ثلاث جولات حتّى الآن، يتصدّر النادي «الشرقي» الترتيب العام، وهذا ما لا يعجب الألمان، نظراً للعداء الذي - على ما يبدو - لا يزال موجوداً بين سكان الغرب وسكان الشرق في البلاد. مهاجم الفريق الألماني تيمو فيرنر، لطالما كان يتعرّض لصافرات استهجان عندما ينتقل للعب في مناطق غربية، وهذا ما يؤثّر سلباً بأداء المهاجم الشاب. لكن ربما تحولت هذه الكراهية التي يتعرّض لها نادي لايبزغ، إلى قوّة في وجه بعض الفئات العنصرية، التي لا تزال تحاول التعامل بفوقية وتنبش الماضي القديم. هذا الأمر ولّد دافعاً لفيرنير ولناديه ليكونا في أفضل حالتهما خلال المواسم التي مضت.
تسع نقاط هي حصيلة الجولات الأولى من «البوندسليغا» بالنسبة إلى لايبزغ، وهي العلامة الكاملة من ثلاث مباريات، بينها اثنتان أمام كل من فرانكفورت وبوروسيا مونشنغلادباخ. الاستقرار الإداري والفني، الذي يلازمه تنوّع وتميّز على أرض الملعب، يولّدان فريقاً من الممكن أن يكون المنافس الثالث هذه السنة على اللقب بعد دورتموند وبايرن ميونيخ.