يخوض منتخب لبنان لكرة القدم مباراة ودية مع مضيفه العماني اليوم عند الساعة السادسة والنصف بتوقيت بيروت. وتأتي المباراة في وقت لم يستفق فيه الشارع الكروي من صدمة خسارة المنتخب اللبناني أمام نظيره الكوري الشمالي في افتتاح تصفيات كأسي العالم وآسيا، حيث سيسعى لاعبو المنتخب إلى تلميع الصورة. الخسارة كان سؤالها الرئيسي: «من المسؤول؟»، والجواب لا يبدو صعباً.«للفوز ألف أبٍ، والهزيمة يتيمة». عبارة غالباً ما تستعمل عند أي تعثُّر، وفي لبنان بدت أجواء الرأي العام الكروي تتطابق معها. لكن واقع الحال يشير إلى أن هزيمة المنتخب اللبناني في كوريا الشمالية ضمن التصفيات المزدوجة لكأسي العالم 2022 وآسيا 2023 ليست يتيمة على الإطلاق. العديد من المراقبين يؤكدون أن الهزيمة لديها أكثر من أبٍ يتحمّل مسؤوليتها. من الطبيعي أن السهام تُطلَق على المسؤول الأكبر عن المنظومة الكروية، ومنها منتخب لبنان، أي اتحاد كرة القدم. لا شك في أن الأخير يتحمّل مسؤولية في طريقة إدارة الاستعداد لمباراة المنتخب مع كوريا الشمالية، لكن هو ليس المسؤول الوحيد. فالمسؤولية تقع أيضاً على عاتق الأندية واللاعبين والجهاز الفني... وحتى الإعلام.
بعد الخسارة توزّعت الانتقادات على مجموعة أمور تأتي في صدارتها غياب المعسكر التحضيري قبل المباراة، إلى جانب بعض خيارات المدرب، لكنّ أحداً لم يتحدث عن أسباب هذا التقصير أو ذاك. المعسكر الإعدادي قبل المباراة، خصوصاً في ظل تأخّر التعاقد مع المدرب الروماني ليفيو تشيوبوتاريو، وهو أمرٌ يتحمّل مسؤوليته اتحاد اللعبة، كانت من الاستحالة إقامته، في ظل وجود استحقاق كأس الأندية العربية لناديي العهد والنجمة.
يرتاح المنتخب اللبناني في التصفيات، لكن يلتقي عُمان ودياً اليوم


ما حصل في هذا الإطار يطرح سؤالاً رئيسياً: هل منتخب لبنان واستحقاقاته أولوية لدى القيّمين على اللعبة من اتحاد وأندية وإعلام؟
من الواضح أن الجواب - بحسب المتابعين - «كلا». ويرى البعض أن الأندية لم تلتفت إلى استحقاق المنتخب حين اختارت مواعيد مبارياتها، خصوصاً أن أحدها هو من حدد موعد المباراة، كنادي النجمة، الذي اختار توقيت الذهاب في 30 آب، في حين أن العهد أراد من المباراتين مع الاتحاد السعودي أن تكونا استعداداً لنهائي منطقة غرب آسيا في كأس الاتحاد الآسيوي. يرى البعض أن الناديين لم يفكرا في مصلحة المنتخب، فلعبا مكتملَي الصفوف، ما كلّف المنتخب خسارة الحارس مهدي خليل بعد إصابته في لقاء العهد والاتحاد، حيث غاب عن مباراة كوريا الشمالية. وتضيف مصادر متابعة أن الناديَّين لم يكترثا بخوض المباراتين قبل خمسة أيام من مباراة كوريا في بيونغ يانغ، ما يعني حكماً إلغاء فكرة إقامة معسكر كما طالب كثيرون، علماً بأن هناك نقاشاً في صوابية إقامة معسكر دون اللاعبين المحترفين في الخارج.
وفي وقت يرى فيه البعض أن الأندية لم تخطئ، وما قامت به هو حقها في اللعب بصفوف مكتملة والمشاركة خارجياً، ذهب آخرون إلى تحميل اتحاد كرة القدم المسؤولية، لكونه رضي بأن ترتّب الأندية مواعيد مبارياتها دون العودة إليه ومراعاة استحقاق المنتخب. وهناك جهات حمّلت المدرب الروماني المسؤولية، حيث رضي بعدم إقامة معسكر، أو على الأقل انتظام التمارين قبل السفر إلى كوريا الشمالية.
الجمهور خلال الفترة الأخيرة صبّ جام غضبه على اللاعبين. وهؤلاء يطول الحديث عن مسؤوليتهم في خسارة أول مباراة. وما ساعدهم، ربما أن المباراة لم تكن منقولة تلفزيونياً، لكن بدا واضحاً من خلال المشاهد التي وزعت، أن الأداء كان ضعيفاً جداً خاصة دفاعياً. والمعلومات من داخل المعسكر تشير إلى أن جميع اللاعبين، باستثناء الحارس مصطفى مطر ونور منصور، قدموا أداءً ضعيفاً.
أحد الأشخاص الذين حضروا المباراة ردّ سريعاً على سؤال عن سبب الخسارة، بالقول: «لقد ظُلِم الكوريّون. استحقوا الفوز بنتيجة أكبر، نتيجة الروح العالية التي لعبوا فيها مقابل صورة مخزية للاعبين اللبنانيين».
قائد المنتخب أيضاً كان له دورٌ في الخسارة بشكل خاص. فهو أهدر انفرادية حين كانت النتيجة (1-0) لمصلحة الكوريين وركلة جزاء حين كانت النتيجة (2-0). أمرٌ ممكن حصوله مع أي لاعب، لكن في النتيجة كان له تأثير كبير في خسارة منتخب لبنان. وحول مسألة اللاعبين، أعاد البعض الحديث إلى مرحلة اعتزال لاعب الارتكاز هيثم فاعور، حيث كان هناك تأكيد، من جهات متابعة، أن هذه الخطوة أثّرت سلباً بالمنتخب، وكان يجب دفعه إلى البقاء خلال هذه الفترة على أقل تقدير، لكي يُجهَّز لاعبون يتسلمون مكانه.
اعتزال فاعور، يضاف إليه اعتذار باسل جرادي وجوان العمري عن عدم الالتحاق بالمنتخب. بالنسبة إلى الأول، الأكيد أن المنتخب ليس من أولوياته، ويرى البعض أن مجيئه إلى بطولة آسيا كان لمصلحة شخصية، وليس أكثر. أما الثاني، فكان عدم حضوره مفاجأة، خاصة أنه عُرض عليه لعب مباراة كوريا الشمالية فقط، وعدم السفر إلى عمان لخوض المباراة الودية.

تعرض المدرب لانتقادات بعد الخسارة الأخيرة (عدنان الحاج علي)

بعض المتابعين يذهبون أبعد من ذلك، ويرون أن عدداً من اللاعبين المحليين ليسوا متحمسين للعب مع المنتخب، والاهتمام منصبّ الآن على العقود العالية التي يريد البعض تحصيلها من الأندية.
وبالوصول إلى الإعلام، التساؤلات ليست جديدة، وأبرزها عدم حضور عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين لتدريبات المنتخب، وحتى المؤتمرات الصحفية للمدرب لسؤاله عن كل التفاصيل، والاكتفاء بالانتقاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بعد المباراة حصل انقلاب في الشارع الكروي، فبعد الإعجاب الكبير بالمدرب الحالي ليفيو تشيوبوتاريو في بطولة غرب آسيا الأخيرة، والتصويب على المدرب السابق ميودراغ رادولوفيتش، بدأ الجمهور يصوب على المدرب الجديد ويُنصف المدرب القديم. وبحسب العديد من الجهات، إن الأخطاء التي حصلت الآن، حصلت أيضاً في السابق، من التأخير في الاستعداد، إلى المعسكرات، وغيرها من الأمور، والانتقادات هي ذاتها دون محاولة إعطاء حلول، أو تحميل كل شخص مسؤوليته.
أمرٌ آخر لا يمكن إغفاله، أن المنتخب الكوري صعبٌ جداً على أرضه، وأن المنتخب اللبناني انتزع منه تعادلاً (2-2) في الدقيقة 94 عام 2017. وحينها لم تكن المباراة الأولى لرادولوفيتش، بل في تصفيات المرحلة الثانية للتأهل إلى كأس آسيا، أي بعد سلسلة طويلة من المباريات تحت إشرافه، وليس المباراة الرسمية الأولى كما حصل مع تشيوبوتاريو.
سلسلة طويلة من الحيثيات رافقت خسارة المنتخب. سلسلة لا يمكن تحميلها لطرف واحد، بل لمجموعة أطراف، لتكون الخلاصة أن الكل مسؤول عمّا حصل. الأخطاء لا يمكن تحمل تكرارها بحسب العديد من الجهات المتابعة لكرة القدم اللبنانية منذ سنوات، فهي تتكرر دائما، والحل بات ملحاً أكثر من أي وقت مضى، خاصة أن مشوار التصفيات ما زال في أوله، ويمكن التعويض.