ستكون تايلاند المحطة من جديد بالنسبة إلى الرياضي الساعي لنسيان خيبته الآسيوية الكبيرة العام الماضي. خيبة اعتقد بطل لبنان أنها ستقلّص من قيمته في ساحة كرة السلة الآسيوية، لكن ها هو يحضر للمرة العاشرة في بطولتها الخاصة بالأندية، وبين الفرق الثمانية الأقوى في القارة الأكبر.وبغض النظر عن حلوله في المركز السابع ما قبل الأخير في النسخة السابقة، فإنه مع انطلاق البطولة في العاصمة التايلاندية بانكوك، سيعترف الكلّ بقيمة الرياضي الذي يعدّ من الفرق الناجحة على صعيد البطولة، وهو الذي أحرز لقبها مرتين (2011 و2017)، آخرهما عندما أسقط بطل الصين تشاينا كاشغار على أرضه (88-59).
الرياضي أيضاً لم يعرف خيبةً آسيوية كتلك الصورة التي عرفها العام الماضي، فهو بعيداً عن فوزه باللقبين، حلّ بين الثلاثة الأوائل في المشاركات السبع الأخرى، ما جعله يفرض احترامه على الجميع، حيث يبدو اليوم مرشحاً طبيعياً للمنافسة على المراكز المتقدّمة.
لكن بلا شك، فإن مشاركته الحالية دونها صعوبات، وهو أمر لا يرتبط فقط بوجوده ضمن مجموعة نارية في البطولة، والتي ضمّته إلى ألفارك طوكيو الياباني، هيونداي موبيس الكوري الجنوبي، وغوانغدونغ ساوثرن تايغرز الصيني.
ثلاثة فرق بأساليب مختلفة، تفرض على بطل لبنان التعامل مع كل مباراة بطريقةٍ خاصة، وسط حسابات مختلفة، لكن هدفها واحد، أقله الوقوف بين الأربعة الكبار مع ختام مباريات المجموعتين (تضم المجموعة الأخرى فرق المحرّق البحريني، نفط أبادان الإيراني، هايتك بانكوك سيتي، وفوبون برايفز من تايبه).
حلّ الرياضي في المركز قبل الأخير في العام الماضي


والصعوبة الفعلية تأتي لناحية الجديّة التي طبعت الفرق المنافسة في الاستعداد للبطولة، حيث عملت على تعزيز صفوفها بأفضل اللاعبين المحليين والأجانب، وهو ما يمكن لمسه مثلاً في حالة بطل إيران الذي سيعتمد على «أسطورة» كرة السلة الإيرانية حامد حدادي، وعلى النجم الدائم عندما يرتبط الأمر بالمشاركات الآسيوية، وهو صمد نيكاه بهرامي. فريقٌ يمكن اختصاره بأنه المنتخب الإيراني بلونٍ مختلف مع مجموعة من اللاعبين الفائزين باللقب الآسيوي أو بذاك الخاص بالمنتخبات.
وإذا كان الفريق الإيراني هو الخصم الذي يمكن التخوّف منه في المرحلة المتقدّمة، فإن بداية الصعوبات تأتي من المجموعة الثانية نفسها حيث يلعب الرياضي، إذ أن ألفارك طوكيو هو بطل بلاده في الموسمين الأخيرين، ووصيف بطولة الأندية الآسيوية في العام الماضي، والذي يضم عادةً لاعبي منتخب اليابان المتطوّر. والأمر عينه ينطبق على هيونداي موبيس عندما يكون الحديث عن السيطرة على الساحة المحلية حيث فاز بسبعة ألقاب، ما يعني أنه يشبه الرياضي في جانبٍ أساسي، وهو الخروج غالباً إلى الساحة القارية بفريقٍ متجانسٍ ومبنيّ على أسسٍ صحيحة أو إذا صحّ التعبير حول نجومٍ يعرفون كيفية تحقيق الانتصارات.
لكن حتى اللقاءين مع الفريقين المذكورين لن يكونا بصعوبة مواجهة غوانغدونغ ساوثرن تايغرز، إذ أن هذه الموقعة وصفها النقاد بالمباراة النهائية المبكرة بالنظر إلى القيمة الفنية للطرفين، فبطل الصين يأتي من دوري غني عن التعريف، وفاز باللقب المحلي في 9 مناسبات، وهو يعلم أنه لرفع سقف التحدي لا بدّ أن يظهر قوته أمام الفريق اللبناني.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي: هل يبدو الرياضي قادراً على حمل الكأس الآسيوية إلى لبنان مجدداً؟
هو سؤال يترك قلقاً وشكوكاً عند الإجابة عنه، وذلك انطلاقاً من المشاركة الماضية لرجال المنارة، واستناداً إلى أدائهم في الموسم الماضي على الصعيد المحلي، ولو أنهم تفوّقوا على أنفسهم بعد فترات صعودٍ وهبوط في الموسم العادي، فأطاحوا بالمرشح الأول للقب بنظر الكثيرين أي الشانفيل ثم قضوا على طموحات بيروت في سلسلة مباريات النهائي.

وبين الموسم الماضي والوضع الحالي تبدّلت الأمور بعض الشيء إلى الأفضل، إذ أن نجم الفريق وائل عرقجي سيكون حاضراً هذه المرة، وقد استعدّ بطل لبنان للمهمة القارية بطريقة جيّدة عبر فوزه (الروتيني) بلقب دورة حسام الدين الحريري السنوية، والتي تركت فكرةً عمّا يمكن أن يقدّمه آسيوياً.
وبغض النظر عن كل هذه الأجواء والتحليلات، تبدو الحاجة ماسّة إلى إنجازٍ خارجي، فالرأي العام السلوي اللبناني سيقبل حتى بمركزٍ بين الثلاثة الأوائل، وذلك لسببٍ بسيط وهو تراكم الخيبات على صعيد اللعبة، والتي عاشت سنةً صعبة بفعل خسارة الرياضي للقب القاري ثم عدم تأهل لبنان إلى كأس العالم. خيبتان تركتا انطباعاً بأن كرة السلة اللبنانية سجّلت تراجعاً فنياً، وهو ما لم يلتقِ مع العمل الإداري الرسمي لناحية وضع هيكلية تطويرية جديدة على مختلف المستويات.