انتهت قمة الجولة الـ21 من الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم بفوز آرسنال على ضيفه مانشستر يونايتد بثنائية نظيفة. تقدّم الـ«غانرز» في الدقيقة 13 عبر هدفٍ من توقيع الوافد الجديد نيكولاس بيبي، ثم تعزّزت النتيجة بهدفٍ آخر عبر المدافع اليوناني سوكراتيس باباستابولوس. انتصار أول في مسيرة المدرب مايكل أرتيتا رفقة آرسنال جاء بعد تعادل وخسارة، سيستغله لمحاولة الضغط على الإدارة للحصول على أفضل سوق انتقالات ممكن. أريتيا كما غيره يعرف تماماً أن المشكلة الرئيسية في آرسنال لن تنحل بتغيير المدربين، بل في تعديل السياسات المتبعة من قبل إدارة النادي.يُعد نادي آرسنال اللندني أحد أعرق أندية كرة القدم في الدوري الإنكليزي الممتاز. إنجازات كثيرة عرفها الـ«غانرز«، كان أغلبها في حقبة المدرب الأسبق للفريق، الفرنسي آرسن فينغر، الذي قاد المدفعجية إلى حجز مقعد ثابت بين الأندية الستة الكبار. أخذ الفريق بالتراجع بعدها، على خلفية سياسات الإدارة التقشّفية، غير أن ذلك لم يمنع آرسنال من بلوغ المقاعد الأربعة الأولى في حقبة فينغر باستثناء موسميه الأخيرين، ليرحل حينها المدرب الفرنسي المخضرم عن الفريق بالتراضي، وتُفتح الأبواب على احتمالات كثيرة.
بعد فينغر جاء المدرب الإسباني أوناي إيمري ليتسلم العارضة الفنية للفريق اللندني، غير أن الفشل في بلوغ المراكز المؤهلة إلى دوري الأبطال استمر مجدداً، لتتم إقالته هذا الموسم على ضوء النتائج السيئة أيضاً. للحؤول دون تكرار التجربة الفاشلة التي عرفها الفريق مع إيمري، ارتأت الإدارة بلاعبها السابق مايكل أرتيتا الخيار الأمثل لقيادة الفريق في الفترة المقبلة، فقامت بتعيينه على رأس العارضة الفنية للفريق في عقدٍ يمتد إلى ثلاثة مواسم ونصف موسم.
بدأ أرتيتا مسيرته الكروية كلاعب مع أشبال نادي برشلونة الإسباني، ثم التحق بريال سوسيداد، إيفرتون، آرسنال، كلاسكو رينجرز وباريس سان جيرمان، وقد قضى الإسباني أغلب مسيرته في إنكلترا حيث مثل ألوان إيفرتون في 290 مباراة ثم آرسنال بـ150 مباراة، وهو ما يجعله على دراية شاملة بخبايا الكرة الإنكليزية. اعتزل بعدها لاعب الوسط الإسباني كرة القدم عام 2016، ليشارك بيب غوارديولا في تدريب مانشستر سيتي، حيث شغل مركز المساعد الأول طيلة 3 مواسم ونصف موسم، حقّق خلالها نجاحات محلية كبيرة منها لقبان في الدوري الإنكليزي الممتاز.
تحدٍّ كبير يعيشه أرتيتا في آرسنال، بعدما دخل عالم التدريب من بوابة فريقه القديم في اختبارٍ صعب. سبق أن ارتبط اسم أرتيتا بالـ«غانرز» منذ عام ونصف عام، غير أن الإدارة توجّهت إلى إيمري في نهاية المطاف. بعد إقالة إيمري، عادت الإدارة إلى خيارها الأول فطلبت من لاعبها السابق تولي تدريب الفريق، ليقبل أرتيتا ذلك رغم «الفوضى» العارمة في الفريق. العشوائية وعدم وجود هدف محدّد من قبل الإدارة هما اللذان جعلا مدربين مثل ماسيميليانو أليغري وكارلو أنشيلوتي يرفضون تدريب الـ«غانرز»، وحده أرتيتا من قبل العرض ـ المغامرة.
استعاد آرسنال مع أرتيتا في فترةٍ قصيرة شيئاً من الفلسفة الكروية التي اشتهر بها، وهي التي تمثلت بالكرة الهجومية القائمة على الضغط العالي من المهاجم حتى المدافع الأخير. وبعيداً عن النتائج المتخبّطة، عكست مباريات آرسنال الثلاث الأولى في حقبة المدرب الجديد بوادر إيجابية بالنظر إلى العناصر المتاحة. جاء أرتيتا في أكثر أشهر الدوري الإنكليزي ازدحاماً بالمباريات، «البوكسينغ داي». في هذه الفترة تُلعب ثلاث مباريات في كل أسبوع، وهي الفترة التي تشهد عادةً على أكثر التقلبات بين مراكز الفرق، نظراً إلى ازدحام الجدول. لم يسعف الوقت أرتيتا كثيراً، غير أنه قد أظهر في أسبوع واحد ما عجز إيمري عن إظهاره طيلة عام ونصف عام، بعد أن برزت لمسته في العمل على تمركز اللاعبين عندما لا تكون الكرة في حوزتهم. سوء تمركز اللاعبين خاصة عند خسارتهم الاستحواذ، ساهم مراراً وتكراراً في تلقي الفريق لأهداف «ساذجة» من هجمات مرتدة. لمواجهة هذه المشكلة، لجأ أرتيتا إلى تمركز الظهير أينسلي مايتلاند-نايلز في مركز الوسط عند استحواذ الفريق على الكرة، ليشكل بذلك مثلث الهرم مع غرانيت تشاكا ولوكاس توريرا في الوسط، مطبقاً أسلوب طالما استخدمه بيب غوارديولا في مانشستر سيتي.
استعاد آرسنال مع أرتيتا في فترةٍ قصيرة شيئاً من الفلسفة الكروية التي اشتهر بها


هي الخطة التي ساهمت في الحدّ من خطورة الهجمات المرتدة على آرسنال، غير أنها لم تقضِ على هذه المشكلة نهائياً في ظل عدم وجود لاعبين أصحاب جودة كبيرة. تعادلٌ مخيب أمام بورنموث بهدف لآخر خارج الديار، تبعته خسارة على أرض ملعب الإمارات أمام تشيلسي استكمل بها آرسنال سلسلة نتائجه السيئة، ليصل إلى مباراته الخامسة توالياً من دون تحقيق أي انتصار. بعدها، كسر الـ«غانرز» السلسلة بفوزٍ مقنعٍ أمام مانشستر يونايتد ليعدل المسار قبل تدعيمات السوق الشتوي. لا يختلف اثنان على أن آرسنال قدّم كرة قدم جميلة في المباراة الأخيرة، إلا أنه لا يمكن تجاهل الصورة الضعيفة جداً التي ظهر عليها مانشستر يونايتد.
مباريات صعبة تنتظر آرسنال مع بداية العام الجديد، ستُظهر للمدرب الإسباني الجديد احتياجاته في سوق الانتقالات المقبل. بلوغ مقعد أوروبي من بوابة الدوري والوصول إلى أبعد مدى ممكن في البطولات التي يشارك فيها الفريق، تحديداً الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» هما مطلب الإدارة الأساسي لهذا الموسم، بانتظار استحقاقات الموسم المقبل الذي سيكون بمثابة الاختبار الحقيقي لأرتيتا.