تعيش معظم الأندية الأوروبية الكبيرة حالياً أيّاما صعبة. نادي برشلونة الإسباني لم يستقرّ حتى الآن على سياق واحد من النتائج، وكذلك ريال مدريد الذي بدأ الموسم بطريقة كارثية. وفي إنكلترا، أندية المقدمة تعيش بدورها موسماً ليس من بين الأفضل، والحديث هنا عن كلّ من حامل اللقب في الموسمَين الماضيين مانشستر سيتي وغريمه التقليدي مانشستر يونايتد. نادي «الغانرز» آرسنال لم يجد نفسه منذ سنوات، تشيلسي يعيش مرحلة انتقالية مع مدرّبه الجديد فرانك لامبارد. في ألمانيا البايرن يعاني لبلوغ صدارة الدوري، كذلك الأمر بالنسبة إلى دورتموند. يوفنتوس ليس «يوفي» المواسم الثمانية الماضية.في ظلّ كل هذه الحالات المتباينة من ناحية انعدام الاستقرار الفني والإداري الذي يضرب الأندية الأوروبية هذا الموسم، يعيش نادي المدرب يورغن كلوب موسماً استثنائياً بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى. يحتلّ ليفربول صدارة الدوري الإنكليزي برصيد 70 نقطة وبفارق كبير عن أقرب ملاحقيه وصاحب المركز الثاني، نادي «السيتزنس»، وصل إلى 19 نقطة. 70 نقطة والموسم لا يزال على أبواب النصف الآخر منه. 70 نقطة مع نهاية شهر كانون الثاني/ يناير من العام الحالي، رقم من الطبيعي جداً أن يقف عنده أيّ متابع أو محلل لكرة القدم في العالم. أرقام قياسية كثيرة حطّمها زملاء النجم المصري محمد صلاح. يبتعد حامل لقب دوري الأبطال عن تشيلسي بفارق 30 نقطة، 36 نقطة عن اليونايتد، 40 نقطة عن آرسنال. الفوارق بين ليفربول وأندية «البريميرليغ» الأخرى كبيرة جداً، بل إن هذه الانطلاقة الاستثنائية لم تحدث في تاريخ الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى وليس فقط في إنكلترا. لا مثيل للـ«ريدز» هذا الموسم، لا يمكن مقارنته بأيٍّ من الأندية الأخرى المتنافسة على لقب دوري الأبطال، ومن المرجّح كثيراً أن يرفع قائد الفريق وأفضل لاعب إنكليزي في 2019 جوردن هندرسون اللقب الأغلى أوروبياً هذا الموسم أيضاً، وبالتالي الحصول على النجمة السابعة. على الورق لا وجود لأيّ منافس لليفربول، بل إن الاستقرار الإداري والفني اللذين يمر ّبهما «الريدز»، لا وجود لهما في أيّ ناد آخر في أوروبا اليوم.

محمد صلاح استثنائي
الانتصار الأخير الذي حققه رجال المدرب الألماني يورغن كلوب أمام ويست هام يونايتد، هو الـ15 على التوالي والـ23 من 24 مباراة (تعادل ليفربول مرة واحدة هذا الموسم أمام مانشستر يونايتد). 41 مباراة من دون تعرّض الفريق لأيّ هزيمة في مختلف البطولات (تعود الخسارة الأخيرة إلى أكثر من سنة وتحديداً في الثالث من شهر كانون الثاني/ يناير 2019 أمام مانشستر سيتي). كلّ هذه الأرقام، يقف خلفها رجل واحد فقط، مدرّب بروسيا دورتموند السابق، يورغن كلوب. الأخير، بنى فريقاً متماسكاً بخطوطه الثلاثة، يعتمد على مفاتيح لعب كثيرة من دون الاعتماد على قاعدة «النجم الأوحد». ففي خط الهجوم، يوجد الثلاثي الأفضل في أوروبا حالياً، المتكوّن من السنغالي وأفضل لاعب في أفريقيا ساديو مانيه والبرازيلي المميز روبيرتو فيرمينو والنجم المصري محمد صلاح. الأخير، بدوره يكتب التاريخ في ليفربول، إذ ساهم «أبو صلاح» في تسجيل 90 هدفاً خلال 95 مباراة له في الدوري الإنكليزي الممتاز (سجّل «أبو مكّة» 66 هدفاً وقدم لزملائه في الفريق 24 تمريرة حاسمة). إضافة إلى ذلك، أصبح هداف «البريميرليغ» في الموسمين الماضيين (32 هدفاً في الموسم قبل الماضي و22 هدفاً في الموسم الماضي) في المركز الخامس ضمن قائمة أفضل الهدّافين في تاريخ ليفربول في الدوري (66 هدفاً وبفارق 3 أهداف فقط عن صاحب المركز الرابع ومهاجم برشلونة الحالي الأوروغواياني لويس سواريز). إضافة إلى خط الهجوم، يمتلك كلوب في جعبته أحد أفضل خطوط الدفاع في أوروبا إن لم يكن أفضلها حالياً، أفضل لاعب في أوروبا الهولندي فيرجيل فان دايك، الظهيرين المميزين الإنكليزي ترنت ألكسندر آرنولد والإسكتلندي آندي روبرتسون، اللذين يقدمان الإضافة في الشق الهجومي ولا يغفلان في الوقت عينه عن واجباتهما الدفاعية، بكلّ بساطة هما الأفضل في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى.
وواحدة من أهم الأمور حالياً هي أن ليفربول حقق الفوز على جميع أندية الدوري الإنكليزي في ذات الموسم.
سجّل محمد صلاح 66 هدفاً وقدم لزملائه في الفريق 24 تمريرة حاسمة


كل هذه الأرقام الإيجابية والقياسية، أنتجت فريقاً من الصعب هزيمته في الوقت الحالي. إضافة إلى أنها بنت شخصية افتقدها النادي الأحمر منذ عقود من الزمن، فكثير من المباريات لليفربول حسمت في الأوقات الأخيرة، تماماً كما قال لاعب الفريق الهولندي جورجينيو فاينالدوم «إننا على ثقة أنه حتى إذا تلقينا هدفاً أثناء المباراة التي لم نكن قد سجلنا فيها، فإنه في نهاية الأمر نصل إلى الدقائق الأخيرة ونحن متأكدون من أنه يمكننا أن نسجل». وهذا ما جعل من ليفربول النادي الأقوى أوروبياً.