تعيش إسرائيل ضغوطاً يومية على خلفية اضطهادها المستمر للرياضيين الفلسطينيين، وتحديداً في كرة القدم. هذه المسألة تضج اليوم في أروقة «الفيفا»، الذي خرج رئيسه جوزف بلاتر في مراتٍ عدة ليدعو الى السلام الكروي.وفي ظل هذه الأجواء، يذهب الإسرائيليون عادة وبثعلبيتهم المعروفة للحصول على الدعم من مكانٍ آخر، فيصنعون «البروباغندا» لأنفسهم من خلال محاولة إظهار أنهم أمة كروية تتعاطى مع الكبار فقط. وطبعاً ليس هناك أفضل من ألمانيا لفعل هذا الشيء، فهذه البلاد هي من المستوى الأول كروياً، وهي أيضاً يسهل استعطافها بالنسبة الى اليهود الذين لا يزالون يستغلون ما أصابهم من النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. وانطلاقاً من هذا الأمر، عاد الإسرائيليون الى النغمة القديمة المتمثلة بربط ألمانيا بهم ومحاولة الإيحاء للرأي العام العالمي و«الفيفا» بأنهم يعملون في خير اللعبة عبر تعاملهم مع الأفضل.

من هنا، ذهبت المؤسسة الإسرائيلية في ألمانيا الى منح نادي بوروسيا مونشنغلادباخ «جائزة المستقبل لسنة 2014»، معتبرة أن النادي الألماني الشهير استخدم كرة القدم «لمدّ جسور التفاهم»، على اعتبار أن النادي المذكور عمل بجهدٍ لتحسين العلاقات بين ألمانيا وإسرائيل وشعبيهما.
وكما هو معلوم، فإن مونشنغلادباخ كان سبّاقاً في مطلع السبعينيات لزيارة إسرائيل، لا بل كان مدربه الشهير هانس فايسفايلر الذي صنع ذاك الفريق الرهيب وقتذاك، وراء نقل تلميذه إيمانويل «إدي» شايفر ليصبح مدرباً تاريخياً لمنتخب إسرائيل...
لكن الأمور لا تتوقف عند مونشنغلادباخ، بل إن محاولات الاستغلال هذه للكرة الألمانية من باب ذاك «الدين التاريخي» الذي كان قد أودى بستة ملايين يهودي وما يعرف بالـ«هولوكست» في فترة حكم الزعيم النازي أدولف هتلر، تحوي فصولاً كثيرة. ويذكر الكل في الصيف الماضي كيف استغلت إسرائيل وجود منتخب ألمانيا للاعبين دون 21 عاماً على أرضها، حيث استضافت بطولة أوروبا، لتسويق نفسها مجدداً، فجالت بنجوم المستقبل الألمان على مناطق مختلفة في الأراضي المحتلة، منها مكان وجود المتحف التذكاري الخاص بالـ«هولوكست» في ياد فاشيم. كذلك، ارتدى المنتخب الألماني في حصة تدريبية قميصاً أزرق يحمل العلمين وعبارة بالعبرية تقول: «أشعر بأننا في الوطن».
هو استعطاف وهو تسويق أيضاً للكرة الإسرائيلية في محاولة لربطها بنظيرتها الألمانية المتفوّقة، إذ سبق أن حصلت أمور عدة؛ منها عام 2009 عند إطلاق مشروع ينقل منتخبات الفئات العمرية الألمانية الى إسرائيل سنوياً لخوض المباريات. وبعدها بسنة وقّع الألمان والإسرائيليون مذكرة تفاهم للعمل معاً على تطوير الحكام والمدربين واللاعبين الناشئين، بشكلٍ يخدم طبعاً إسرائيل التي لن تضيف أي شيء الى كرة ألمانيا، بعكس الأخيرة التي يمكن أن تعكس إيجابيات لا تحصى بفعل تفوّقها بأشواط.
وفي خضم كل هذه الأمور، لا ينفك الإسرائيليون يحاولون ربط كل شيء مهم في الكرة الألمانية بهم، إذ يذهبون حتى الى اعتبار أن لديهم ديناً على ألمانيا حتى في نهضة كرتها بعد الحرب، فيشيرون الى يهودية رجل الأعمال غوستاف ماينهايمر الذي صوّت كممثل للأميركيتين على عودة ألمانيا الى كنف «الفيفا» عام 1950 لتكتب المجد بعد 4 سنوات في مونديال 1954. لا بل يذهبون أبعد من ذلك عندما يقولون إن النادي الأعظم في بلاد «البوندسليغا» وصل الى ما هو عليه بفضلهم، وتحديداً عبر رئيسه اليهودي كورت لانداور الذي ترأس النادي البافاري منذ عام 1919 حتى تسلّم النازيين الحكم عام 1933.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem