كان من المفترض أن تكون المشاركة اللبنانية في نسخة عام 2020 من مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي مختلفة كثيراً عن تلك التي تنتظر العهد والأنصار. إنجاز بطل لبنان بإحرازه أول لقب خارجي للكرة اللبنانية برفعه كأس المسابقة الثانية في القارة الأكبر رسم صورة حسنة عن لبنان كان ينتظر أن تترجم الى تسليط الأضواء على أي مشاركة مستقبلية للفرق اللبنانية في آسيا، ويجذب الأنظار الى الدوري اللبناني واللعبة عامةً، لكن كل هذا كان قبل أن ينهار كل شيء.

مباريات العهد والأنصار

الإثنين 10/2/2020
العهد x هلال القدس الفلسطيني 19:00
الكويت x الأنصار 17:00
الإثنين 24/2/2020
الأنصار x الفيصلي الاردني 19:00
المنامة x العهد 17:00
الإثنين 9/3/2020
العهد x الجيش السوري يحدد لاحقاً
الثلاثاء 10/3/2020
الوثبة السوري X الأنصار يحدد لاحقا


جاءت الأحداث في الشارع اللبناني لتنسي الرأي العام الإنجاز العهداوي الكبير، وتركت حظوظ ممثلي لبنان في مهب الريح من دون أن يكون هناك أي توقّع لما سيقدمانه في البطولة القارية، وخصوصاً أن توقّف البطولة المحلية ترك أثره السلبي لا محالة على المستوى الفني لكل اللاعبين، فلا إطلاق التمارين ولا إقامة المباريات الودية ولا تنظيم الدورات يمكن القول إنه كان سيعود بالفائدة على الفريقين اللذين لا حلّ أمامهما سوى تقديم ما بقي لديهما من إمكانات، ولو أنهما سيحتاجان الى وقتٍ ليس بقصير للانغماس مجدداً في أجواء المباريات.
هو أمر محزنٌ فعلاً، وخصوصاً أن الكأس الآسيوية عادت لتكون أقوى مع عودة الفرق الكويتية الى كنفها، ومع فتحها الباب أمام الفائز بها لإيجاد الطريق نحو المسابقة الأم أي دوري أبطال آسيا، لكن بدلاً من أن يخوضها العهد والأنصار بثوب المرشحين للفوز بلقبها، سيدخلان إليها وهما في حالة فنية مجهولة يؤمل أن تكون جيّدة، أقلّه لتخطّي الدور الأول حيث ستختلف الحسابات بعدها.
وبالحديث عن دور المجموعات، فإن المهمة ليست سهلة بالنسبة الى الفريقين: الأصفر والأخضر، فالعهد الذي يبدأ حملة الدفاع عن لقبه عندما يلاقي هلال القدس الفلسطيني، الساعة السابعة من مساء الإثنين المقبل، على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية، سيلعب ضمن المجموعة الأولى التي تضم أيضاً الجيش السوري والمنامة البحريني. أما الأنصار الذي سيحلّ ضيفاً على الكويت، عند الخامسة بعد الظهر من يوم الإثنين أيضاً، فهو سيلعب ضمن المجموعة الثانية التي تجمعه أيضاً الى الوثبة السوري والفيصلي الأردني.

العهد بصورة جديدة
ويمكن القول إن حامل اللقب الآسيوي سيطلّ بصورة جديدة تختلف بمكان عن تلك التي ظهر عليها في الموسم الماضي، فالفريق الذي حشد النجوم المحليين والأجانب بهدف الفوز باللقب الغالي، حقق مبتغاه، لكنه سرعان ما خسر عدداً من الأسلحة الثقيلة التي سيفتقدها بلا شك في المشوار القاري الجديد.
وبالفعل، فإن الظروف الطارئة أجبرت العهد على التخلّي عن أسماء صنعت الفارق بالنسبة إليه في آسيا، على غرار أفضل لاعب في النسخة الماضية الحارس مهدي خليل، وقائد الدفاع السوري أحمد الصالح الذي محا بخبرته تلك الأخطاء القاتلة التي وقع فيها الفريق خلال مواسم خلت وأقصته من كأس الاتحاد الآسيوي. وطبعاً يضاف إليهما الهداف التونسي أحمد العكايشي الذي سجل أهدافاً حاسمة في الطريق الى منصة التتويج، وكذا لاعب الوسط الغاني عيسى يعقوبو الذي وقّع على هدف الفوز في المباراة النهائية أمام «25 أبريل» الكوري الشمالي، وصولاً الى ربيع عطايا الذي كان أحد الحلول الأساسية في تشكيلة المدرب باسم مرمر.

خسر العهد الكثير من مفاتيحه، وحافظ الأنصار على نجومه


الأخير يهوى التحديات، ورغم كل هذه الأسماء التي فقدها لم يخرج الى العلن ناعياً حظوظ فريقه، بل شرع في العمل وفق ما يحب أصلاً، وهو التأسيس للمرحلة المستقبلية عبر منح الفرصة للوجوه الشابة لكسب خبرة استثنائية من الساحة القارية وترجمتها لاحقاً محلياً، وهو ما يعود بالفائدة على الفريق عامةً. لذا لا يخفى أن وجوهاً شابة مثل: جميل إبراهيم، محمد المصري ومحمد الحسيني ستأخذ فرصتها في الوقت المناسب، بينما تبدو الفرصة متاحة لوجوهٍ شابة وافدة للتأكيد على أن بإمكانها الارتقاء الى مستوى التحدي الخارجي والاستفادة منها في المنتخب الوطني مستقبلاً، أمثال الحارس العائد علي ضاهر الذي كان قد لمع مع شباب الساحل واستدعي الى صفوف المنتخب الوطني، والمهاجم كريم درويش الذي برز مع الإخاء الأهلي عاليه بعد انتقاله من النجمة، وهو الذي يعدّ من اللاعبين الذين لم يأخذوا حقهم إعلامياً أو فنياً، رغم الإمكانات الكبيرة التي يختزنها، وخصوصاً أن من يتابعه عن كثب يدرك أنه من القلائل في لبنان الذين يملكون حساسية رهيبة أمام المرمى، علماً بأن العهد سيلعب بأجنبيين اثنين هما: العاجي يوسف واتارا، الذي كان قد مرّ في طرابلس بعد وصوله الى لبنان بهدف الانضمام الى بطل الدوري قبل تحوّله الى الشمال، والسنغالي داوودا دييميه الذي برز مع البقاع وشباب الساحل. كما سيلعب وليد شور كأجنبي بحُكم جنسيته السيراليونية حيث لم تلتقِ معايير الاتحاد الآسيوي مع حصوله على الجنسية اللبنانية.
صحيح أن العهد يعيش ظروفاً غير طبيعية، وأخرى طارئة كإصابة القائد هيثم فاعور والمدافع نور منصور، لكنه يبقى مرشحاً بخبرته لتخطّي هلال القدس من خلال الخبرة التي يمتلكها وسعيه لوضع كل ما لديه من أجل الظهور بحلّة البطل، وطبعاً الجوع للعب الذي يختزن لاعبيه الذين لطالما رفعوا من سقف طموحاتهم أينما حلّوا.

الأنصار يدخلها بجديّة
وإذا كان الكلام عن الجوع حاضراً، فلا بدّ من أن يكون الأنصار هو الأكثر جوعاً للألقاب، وللقب القاري على وجه الخصوص. الفريق الأخضر اختبر المشاركة على مختلف الأصعدة الخارجية بحكم سيطرته على الألقاب المحلية في الماضي البعيد، لكنه لم يصل يوماً الى ما وصل إليه العهد، فبات اللقب الآسيوي أحد أهدافه الأساسية، ولهذه الغاية سار على طريق حشد النجوم وتعزيز صفوفه بأكبر كمٍّ منهم في الموسمين الماضي والحالي.

الأنصار يسعى إلى تحسين نتائجه مقارنة بالمشاركات السابقة(عدنان الحاج علي)

الجديّة الأنصارية بعد تأهّل «الأخضر» للمشاركة الخارجية بدت واضحة من خلال التوصل الى اتفاقات تبقي اللاعبين بحالة معنوية جيدة، وذلك من خلال تأمين المستحقات المتفق عليها، وعدم إيقاف التمارين، وإقامة معسكر تدريبي في العاصمة القطرية الدوحة استعداداً لآسيا.
ولم يوفّر الأنصار جهداً لتجهيز فريقٍ يجد أنه سيكون له كلمة في المسابقة، متعاقداً مع أحد أفضل المدربين على الساحة المحلية أي مدرب الإخاء السابق العراقي عبد الوهاب أبو الهيل، إضافةً الى استعارته مهاجم الفريق الجبلي أحمد حجازي الذي سيضاف الى ترسانته الهجومية، حتى إنه ضمّ أجنبياً آسيوياً هو لاعب الوسط الأردني شامل صوقار الذي لفت الأنظار خلال الفترة القصيرة التي قضاها مع السلام زغرتا قبل انطلاق الموسم المجمّد، وذلك في موازاة عدم استغنائه عن أيٍّ من أجانبه الثلاثة الذين برزوا معه واعتادوا على أجوائه، أي المدافع الغيني أبو بكر كامارا، لاعب الوسط التونسي حسام اللواتي، والهداف السنغالي الحاج مالك تال. أما خسارته الوحيدة بعد اندلاع الأزمة فهي رحيل الدولي عدنان حيدر الذي سيكون من الصعب تعويضه بالنظر الى دوره المحوري في منتصف الملعب.
إذاً، كل الظروف مؤمّنة للأنصار من أجل حجز مكانٍ بين الكبار في هذه البطولة، لكنه مثل العهد يحتاج الى الارتقاء سريعاً على المستويين البدني والفني لكي يتمكن من إحراج الأقوياء في آسيا، وعلى رأسهم الكويت الذي لا شك في أنه جهّز نفسه بقوة لاستعادة اللقب الذي يعدّ الأكثر إحرازاً له الى جانب القوة الجوية العراقي بثلاثة ألقابٍ لكلٍّ منهما، علماً بأنه حلّ وصيفاً في مناسبةٍ واحدة، جاعلاً مع القادسية، الفائز باللقب مرة واحدة أيضاً، بلادهما الأكثر نجاحاً على صعيد هذه المسابقة.
ويبقى اعتماد الأنصار بلا شك كبيراً على الخبرة التي جمعها لاعبوه من خلال مشاركتهم الواسعة على الساحة الدولية، من القائد معتز بالله الجنيدي، مروراً بنصار نصار وحسن شعيتو «موني»، وصولاً الى قائد منتخب لبنان حسن معتوق.