بسيناريو مثل هذا شهدته مباراة الأنصار والفيصلي، وتسجيل 7 أهداف في مباراةٍ واحدة، والفوز بهدفٍ في الوقت المحتسب بدلاَ من الضائع، يفرض الحديث عمّا حصل فنياً على أرض الملعب، لكن الأرض هذه تحديداً، تضع الحديث الفني جانباً، وتستلزم أن تكون هي الحدث الرئيسي. أرضٌ كهذه تُقنع المشاهد بأن كل خطأٍ ارتكب خلال المباراة، جاء بسببها، حتّى ولو لم تكن هي السبب. كل تأخّرٍ في الوصول إلى المرمى عبر هجمةٍ مرتدة. كل عرقلةٍ غير صحيحة. كل تخلّف لاعبٍ عن الوصول إلى المنافس. هذه الأرض، التي من المفترض أن تُستغل كعاملٍ يساعد أصحاب الضيافة على الفوز، ليست سوى ثِقل على أقدام اللاعبين وأنفاس المدربين وقلوب الحاضرين. هذا على الصعيد الإداري، الذي سيكون معيباً التغاضي عنه. أما فنياً، فقد قدّم الأنصار واحدة من أفضل مبارياته وأسوأها. حقق المطلوب بالحصول على النقاط الثلاث من أحد المرشّحين للوصول إلى نهائي المنطقة. تأخّر بهدف وعاد ليتقدّم بفارق هدفين، ثم يتعادل، ليسجّل هدفاً رابعاً كان كفيلاً بالفوز.
قدّم الأنصار واحدة من أفضل مبارياته هجومياً، لكنه فُضح دفاعياً


عقب خروج نصار نصار في الدقيقة 57 ودخول أحمد حجازي بدلاً منه، كان واضحاً، بشكلٍ بديهي، أن الفريق المتقدّم بفارق هدفين، سيُسجَّل في مرماه هدف على الأقل. الهدف من دخول المباراة، أي مباراة، برسم (3-5-2)، هو مشاركة أربعة لاعبين، على الأقل، في العملية الهجومية، بينهم الجناحان، مع بقاء ثلاثة لاعبين في الوسط، وخلفهم ثلاثي آخر للدفاع، وعزل المهاجمين من الفريق المنافس. هذا في الحالة الهجومية، لكن التطوّر في هذا الرسم، يعتمد على العودة إلى الشكل الأساسي (4-4-2) في الحالة الدفاعية، مع دخول أحد لاعبي الارتكاز إلى جانب ثلاثي الدفاع. هجومياً، قدّم الأنصار ما يُفترض أن يقدّمه بالاعتماد على الرسم المفضّل لدى المدرب العراقي عبد الوهاب أبو الهيل. الهدف الأوّل الذي سجّله حسن معتوق كان صناعة نصار نصار، والهدف الثالث سجّله حسن شعيتو «شبريكو»، وهما ظهيران في الحالة العادية، وحتّى الهدف الثاني الذي سجله الحاج مالك تال كان صناعة المدافع أبو بكر كمارا. كل شيء كان يسير وفق الخطة، ولكن بطبيعة الحال، الفيصلي المتأخّر بهدفين، تخلّى عن حذره، وتقدّم أكثر إلى الهجوم، وصار مدربه شهاب الليلي يعتمد على ثلاثة مهاجمين في الخط الأمامي. بحسب هذه الأحداث، كان يُفترض الالتزام برسم (4-4-2)، إذا كان خروج نصار اضطرارياً، بمشاركة غازي حنينه في الوسط، والاعتماد على حسن بيطار على الجهة اليمنى، وهو مركز سبق أن شغله. هكذا، يحتفظ الأنصار بمهاجميَه الحاج مالك تال وحسن معتوق، وخلفهما حسام اللواتي وحسن شعيتو «موني»، مع وجود لاعبيَن دفاعيين، هما حنينه وجهاد أيوب.
لكن الأنصار، الذي من المفترض أن يعزل المهاجمين، في الخط الأمامي وعلى الجانبين، صار مخترقاً، من دون مشاركة الحاج مالك ومعتوق في الدفاع إلا نادراً، ومع وجود مهاجمٍ ثالث، هو حجازي. أحمد العرسان سجّل هدف فريقه الثاني وتبعه بهدفٍ ثالث، وقائم مرمى الحارس نزيه أسعد وقف إلى جانبه، فعلياً، بالتّصدي لكرتين. وعلى الرغم من وجود هذا الكم من المهاجمين، مع دخول سوني سعد بدلاً من «موني»، لم يُهدد الأنصار مرمى الفيصلي جديّاً، ولم يبدُ أنه سيكون قادراً على تسجيل هدفٍ رابع بعد التعادل، قبل أن يتحصّل الحاج مالك على ركلة جزاء سجّلها بنفسه في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع.
قدّم الأنصار واحدة من أفضل مبارياته هجومياً، لكنه فُضح دفاعياً، إلا أن هذا الشكل الذي ظهر عليه، في الدقائق الثلاثين الأخيرة من الشوط الثاني، ليس متوقّعاً أن يتكرر في مبارياتٍ أخرى.