لا مشاكل هجومية. هذه العبارة يمكن لمحبي اتلتيكو مدريد قولها في اي موسم كان. فريق العاصمة الاسبانية بات متخصصاً في استقدام المهاجمين الاقوياء، الذين يتحوّلون بسرعة فائقة واستثنائية الى افضل مهاجمي العالم. اليوم ينضم الدولي الاسباني البرازيلي الاصل دييغو كوستا الى قافلة من اولئك المهاجمين الذين قَدِموا لسدّ فراغ رحيل الهداف في أتلتيكو مدريد، فتحوّلوا الى نجومٍ من المستوى الاول على الصعيد العالمي، بحيث اصبحوا مطلباً لأكبر الاندية في كرة القدم الاوروبية، ومركز الثقل في منتخباتهم التي استفادة من نجوميتهم المستمدة مما يقدّموه بالقميص الاحمر والابيض.

«السفاح» الذي خطب الاسبان ودّه ومنحوه جواز سفرهم ليصبح المهاجم الاساسي في منتخب «لا فوريا روخا»، قضى ليلة الثلاثاء على ميلان الايطالي في مسابقة دوري ابطال اوروبا، فلم يعد احدٌ في العاصمة الاسبانية يأسف لرحيل «النمر» الكولومبي راداميل فالكاو، الذي اختار الانتقال الى موناكو الفرنسي في الصيف الماضي، بعدما كان المرعب الكبير في خط هجوم «أتلتي» في الموسمين الاخيرين.
وطبعاً، لا يأسف أتلتيكو مدريد اليوم على رحيل فالكاو، تماماً كما لم يأسف سابقاً على رحيل الثنائي الرائع الارجنتيني سيرجيو أغويرو والاوروغوياني دييغو فورلان، وقبلهما «ابن النادي» فرناندو توريس. وربما يمكن القول ان الوضع الآن افضل من اي وقت مضى بفعل عبور أتلتيكو الى الدور ربع النهائي في دوري الابطال، ووقوفه منافساً اساسياً للقطبين ريال مدريد وبرشلونة على اللقب في الدوري الاسباني، وكل هذا بفضل الاهداف الكثيرة لكوستا الذي ما انفك يهزّ الشباك بغزارة منذ الموسم الماضي.
لكن هل هو مجرد توفيق في اختيار المهاجمين المناسبين، أم هناك في أتلتيكو من يعرف كيفية استقطاب المهاجم المناسب؟
الحقيقة، لقد تحوّل أتلتيكو مدريد مقراً لتخريج «السفاحين» منذ زمنٍ بعيد، اذ إن ارتقاء هؤلاء الى مصاف النجومية لم يكن مجرد صدفة، لان كشافي الفريق عرفوا كيفية اختيار حاجتهم الاساسية في مركز الهجوم، او اذا صح التعبير كيفية استقطاب المهاجم السوبر الذي بإمكانه وحده حمل الفريق على كتفيه.
وهذه المقولة تعيدنا الى استذكار اسم الهداف القديم المكسيكي هوغو سانشيز، اذ ربما نسي كثيرون ان عبور الاخير الى اوروبا، واقتحامه ساحة الاضواء، لم يكونا من خلال الفريق الذي اشتهر معه، اي ريال مدريد، بل إن القطب الآخر في العاصمة هو الذي استقدمه الى اوروبا وصنع اسمه هناك. ففي مطلع الثمانينيات، اصرّ كشافو أتلتيكو مدريد على استقدام مهاجمٍ غير معروف من فريق بوماس المكسيكي، ليتحوّل بعدها الى «بيتشيتشي» (هداف الدوري) اسبانيا لخمسة مواسم، بينها اربعة على التوالي، ليكون اللاعب الوحيد في تاريخ «الليغا» الذي يحقق هذا الانجاز من دون ان يتقاسم لقب الهداف مع لاعبٍ آخر في أي من المواسم التي تربع فيها على عرش الهدافين.
وهذا الامر تكرّر مع كوستا، الذي ضمّه النادي من سبورتينغ براغا البرتغالي، ثم نقّله معاراً منذ 2007 حتى 2012 عندما وجد فيه نضجاً كافياً خلال لعبه مع رايو فاييكانو، فمنحه فرصة ارتداء قميص «لوس روخيبلانكوس» ليدخل بعدها «نادي العظماء»، الذين ابهروا بأهدافهم الرائعة جميع متابعي الكرة الاسبانية والاوروبية، وليسير على درب التقليد القديم، الذي يصل من خلاله المهاجم الأول في أتلتيكو مدريد الى مصاف العظماء منتقلاً من التألق بقميص «لوس كولشونيروس» الى اللمعان على الساحة الدولية مع المنتخب الوطني الذي اختاره كوستا ان يكون اسبانيا بدلاً من بلاده الأم البرازيل.
اذاً هو تقليدٌ ناجح لا يزال يسير عليه أتلتيكو مدريد، الذي بالمناسبة هو ناجحٌ ادارياً في عملية اقناع مهاجمين يدافعون عن اندية كبيرة بالتحوّل الى صفوفه، على غرار ما فعل في صيف عام 1997 عندما نجح في الحصول على خدمات الايطالي كريستيان فييري من يوفنتوس، فلمع هذا «الوحش» مسجلاً 24 هدفاً في 24 مباراة خاضها في الدوري، منهياً الموسم برصيد 29 هدفاً في 32 مباراة خاضها في المسابقات المختلفة.
قد تستقدم الفرق الاخرى اي مهاجم تريد، لكنها قد لا تصيب النجاح بنفس النسبة التي اصابها أتلتيكو، ولا شك في ان الكل لا يزال يذكر اسماء اخرى مرت ولمعت هناك، امثال خوليو ساليناس وكيكو والهولندي جيمي فلويد هاسلبانك، والبلغاري لوبو بينيف.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem