قبل أربعة أعوام شارك لبنان في أولمبياد ريو ديجانيرو البرازيلي عام 2016 عبر تسعة رياضيين ورياضيات في سبعة ألعاب هم: راي باسيل (الرماية)، وناصيف الياس (جودو تحت 81 كيلوغراماً)، ماريانا سهاكيان (كرة الطاولة)، ريشار مرجان (كانواي)، أنطوني بربر وغبرييللا دويهي (سباحة)، منى شعيتو (مبارزة)، شيرين نجيم (ألعاب قوى – فئة الماراثون) وأحمد حازر (ألعاب قوى – سباق 110 أمتار حواجز).بعد أربع سنوات كانت العائلة الرياضية تستعد لمشاركة جديدة هذه المرة في العاصمة اليابانية طوكيو. لكن أزمة فيروس كورونا العالمية أجّلت الأولمبياد عاماً كاملاً ليصبح في تموز من عام 2021.
حتى ما قبل أشهر قليلة من أولمبياد 2020 كانت «الصورة الأولمبية» في لبنان تشير إلى أن الحضور اللبناني في طوكيو سيكون محصوراً في أربع ألعاب بشكل شبه مؤكّد وهي الرماية، الجودو، السباحة وألعاب القوى، مع إمكانية ارتفاع العدد في حال حصلت مفاجآت على صعيد التايكواندو والمبارزة.
حتى هذه اللحظة تعتبر الرامية راي باسيل واللاعب ناصيف الياس هما الوحيدين اللذين تأكّدت مشاركتهما في الأولمبياد. راي باسيل تأهّلت بشكل نهائي إلى مسابقة الرماية من الحفرة الأولمبية «تراب» بعد إحرازها الميدالية الذهبية لبطولة آسيا في العاصمة القطرية الدوحة. هي ليست المشاركة الأولى لباسيل حيث سبق وكانت حاضرة في أولمبيادَي ريو ديجانيرو 2016 ولندن 2012. الفارق هذه المرة هو أن مشاركة باسيل جاءت عبر التأهّل المباشر وليس ببطاقتَي دعوة كما حصل في ريو ديجانيرو ولندن. أما اللاعب ناصيف الياس فإن تأهله إلى الأولمبياد شبه محسوم لكن غير نهائي. فهو حتى الآن متأهل، لكن في الجودو تُقام الكثير من البطولات التي من الممكن أن تُؤهّل لاعبين آخرين في حال غاب الياس عن المشاركات وتحقيق النتائج الجيدة.
البطل اللبناني المقيم في البرازيل يواصل استعداداته وفق برنامج بالتنسيق مع الاتحاد اللبناني للجودو، الذي يسعى إلى إشراك ناصيف في عدد من البطولات وفق الإمكانات المتاحة.
أما بالنسبة إلى لعبتَي السباحة وألعاب القوى فإن مشاركتهما اللبنانية غالباً ما تكون عبر بطاقات الدعوة. فاللجنة الأولمبية الدولية وانطلاقاً من حرصها على أن تكون جميع الدول حاضرة في هذا الحدث العالمي تقوم بدعوة رياضيين ورياضيات من مختلف البلدان، وقد اختارت رياضتَي ألعاب القوى والسباحة كونهما تضمان عدداً كبيراً من الفئات.
المعنيون بالأولمبياد على جميع الصعد إدارياً وفنياً كانوا يعملون وفق روزنامة تنتهي في صيف 2020 مع إقامة الأولمبياد. لكن بعد أزمة كورونا وتأجيل الأولمبياد خُلطت الأوراق من جديد. فالتأجيل له انعكاسات إيجابية وسلبية على الرياضيين والرياضيات اللبنانيين.
بالنسبة إلى الرامية راي باسيل فـ«يمكن اعتبار التأجيل لصالح اللاعبين واللاعبات. فالتمارين متوقفة حالياً، وهي محصورة في تمارين منزلية وهذا لا يصبّ في صالح اللاعبين واللاعبات» تقول باسيل في اتصال مع «الأخبار». وتضيف الرامية اللبنانية أن المشكلة تكمن في عدم وجود أفق للأزمة «وهذا يؤثّر سلبياً على استعدادات الرياضيين، إذ من الصعب أن تكون التمارين متوقّفة قبل شهرين على الأولمبياد».
السباحة وألعاب القوى عادة ما تكونان حاضرتين عبر بطاقات الدعوة


وبالنسبة إلى بطلة آسيا هناك إيجابيات أخرى للتأجيل تتعلّق بالرعاة وبوزارة الشباب والرياضة والقدرة على تأمين الدعم المالي للاعبين واللاعبات والذي يعتبر أساسياً في مشاركة بهذا الحجم.
لا تبدو الصورة واضحة للرامية باسيل بالنسبة إلى العام الإضافي الذي حصل عليه الجميع قبل الأولمبياد. «الموضوع يتوقف على طول مدة الحجر المنزلي. هناك محاولات للحصول على إذن من قائمقام كسروان جوزف منصور للسماح لها بإقامة تدريبات خاصة في نادي الصفرا الذي أنتمي إليه، طبعاً من دون وجود أشخاص معي. وقد وُعدت خيراً».
في الجودو لا يستطيع رئيس الاتحاد فرانسوا سعادة الإجابة على سؤال حول ما إذا كان التأجيل لصالح لاعبه أم لا. «ناصيف يتدرب في البرازيل، لكن مشكلتنا أننا لم نعد قادرين على إرساله في معسكرات خارجية تعتبر أساسية في ظل توقف الحركة الرياضية في العالم أجمع» يقول سعادة لـ«الأخبار».

خلط أوراق في السباحة
على صعيد السباحة، حتى ما قبل تأجيل أولمبياد طوكيو كانت المعطيات تشير إلى أن المشاركة اللبنانية، التي غالباً ما تكون لسبّاحين اثنين ببطاقة دعوة، ستكون محصورة من ضمن أربعة سبّاحين وسبّاحات هم المصنف أول منذر كبارة، ووصيفه أديب خليل وهما من نادي المون لاسال. أما على صعيد السيدات فقد كانت حظوظ المصنفة أولى ماري خوري من نادي الصفرا مارين ووصيفتها غابرييلا الدويهي من نادي الأكوا مارينا الأكثر ارتفاعاً. ولعل السبب الرئيسي وراء حصر المشاركة في هؤلاء الأربعة، إلى جانب الشقّ الفني والنتائج، هو أنهم شاركوا في بطولة العالم للسباحة عام 2019 في كوريا الجنوبية. وبالنسبة إلى الاتحاد الدولي للسباحة تعتبر المشاركة في بطولة العالم شرطاً أساسياً كي يكون الرياضي أو الرياضية مخوّلين الحصول على بطاقة من بطاقتي الدعوة.
لكن بعد تأجيل الأولمبياد قد تُخلط الأوراق من جديد في ظل إمكانية أن يبرز سباحون وسباحات آخرون من خلال مشاركتهم في بطولات تأهيلية، في حال لم يعد شرط المشاركة في بطولة العالم 2019 أساسياً.
ومن السباحين والسباحات المرشحين للمنافسة ليتيسيا حمدون من نادي النجاح، غابرييلا هليهل (المطيلب)، رامي غزيري (الجزيرة)، أنطوني بربر (مون لاسال). ويشير أمين سر الاتحاد اللبناني للسباحة فريد أبي رعد في اتصال مع «الأخبار» إلى أن الأمور ما زالت غير محسومة في اتحاده حول ما إذا كانت المشاركة في الأولمبياد على صعيد السباحة من خلال التأهّل فقط أو عبر التأهل أو بطاقة الدعوة.
فبالنسبة إلى رعد قد يكون قرار الاتحاد هو حصر المشاركة عبر التأهل فقط بهدف تحفيز جميع السباحين والسباحات للعمل لتحقيق نتائج مؤهلة. «فإذا كان القرار عبر المشاركة ببطاقة دعوة، حينها يصبح شرط المشاركة ببطولة العالم 2019 أساسياً، ما يحصر الأسماء ضمن الأربعة: كبارة، خليل، خوري والدويهي. وهذا الأمر سيكون محبطاً لباقي السباحين والسباحات. أما قرار حصر المشاركة عبر التأهّل فسيحفّز الجميع. وهذا ما حصل في دورة الألعاب الأولمبية للشباب عام 2018 في الأرجنتين. فقد قرر الاتحاد حصر المشاركة بالتأهّل، وبالفعل تأهل حينها ثلاثة سباحين وسباحات وهم رامي غزيري، منذر كبارة وهبة الدويهي، لكن الاتحاد الدولي عاد واختار غزيري فقط بسبب وجود مكان شاغر في سباقات الفئة التي يشارك فيها» يقول أمين عام اتحاد السباحة.
وحول انعكاسات التأجيل ونتائجه سواء أكانت إيجابية أم سلبية، يعتبر أبي رعد أنها «ليست في صالح سبّاحينا كونها ستقتل نفسيتهم وقد تسبب مشاكل. فحالياً المصنف أول هو كبارة وهو حالياً من يحق له الحصول على بطاقة الدعوة، لكن هذه السنة الإضافية قد تشهد تغييراً في التصنيف وقد يصبح رامي غزيري مصنفاً أول مثلاً. وهنا سنكون أمام مشكلة من يشارك في حال لم يكن شرط المشاركة في كأس العالم 2019 قائماً. فحتى ما قبل التأجيل كان كبارة هو من يشارك في الأولمبياد، وفي السنة الإضافية قد يكون غزيري هو من يملك حق المشاركة كونه مصنفاً أول. فمن يشارك في هذه الحالة؟».

راي باسيل هي أول المتأهلين وناصيف الياس قريباً جداً


لكن لا شك في أن هناك إيجابيات للتأجيل بالنسبة إلى أبي رعد، وهي تتعلّق بشكل أساسي بحصول السباحين والسباحات على فترة تمارين إضافية.
الضيفة الأولمبية اللبنانية الثانية أي ألعاب القوى أيضاً للمسؤولين فيها حساباتهم على صعيد المشاركة. فلبنان، شأنه شأن عدد كبير من البلدان، بعيدٌ عن المشاركة عبر التأهل بسبب الفارق الفني مع البلدان المتطورة. حتى ما قبل تأجيل الأولمبياد كانت العدّاءة شيرين نجيم المقيمة في الولايات المتحدة أكثر المؤهلين لخوض التصفيات والذهاب إلى طوكيو عبر التأهل. فعلتها عام 2016 وهي تحاول أن تكرر الإنجاز. أما على صعيد بطاقة الدعوة، فإن اتحاد اللعبة قد يقرر منحها للعدّاء نور الدين حديد كما يقول رئيس الاتحاد رولان سعادة لـ«الأخبار». «خيارات الاتحاد قليلة جداً. فبطاقة الدعوة محصورة في سباقَي الـ100 والـ200 متر فقط. وهذا ما يجعل العداء حديد الأوفر حظاً ليحصل على بطاقة الدعوة الممنوحة للبنان».
وبالنسبة إلى سعادة «لا يؤثر التأجيل لا سلباً ولا إيجاباً. فالإمكانات متواضعة والحظوظ ضعيفة وبالتالي تعتبر مشاركة لبنان رمزية في لعبة تحتاج إلى الكثير من الإمكانات لتحقيق نتائج أولمبية فيها».

اتحاد التايكواندو يحاول
في التايكواندو ورغم صعوبة المهمة، يبدو رئيس الاتحاد اللبناني للعبة الدكتور حبيب ظريفة متفائلاً عبر مجموعة من اللاعبين واللاعبات ومنهم ليتيسيا عون، أنّا حداد، مارييلا بو حبيب، علي الحسيني، رافييل قدسي وراي راعي. طريق أولمبياد طوكيو تمرّ عبر تصفيات آسيوية يتأهّل الأول والثاني فيها إلى الأولمبياد. كان من المفترض أن تقام التصفيات في الصين ومن ثم انتقلت إلى الأردن بسبب انتشار فيروس كورونا في الصين، حيث كان من المفترض أن تُقام في 14 نيسان الحالي. لكن بعد أن أصبحت أزمة الفيروس عالمية ولم تعد محصورة في الصين جرى تأجيل التصفيات حتى إشعار آخر كما يقول رئيس الاتحاد لـ«الأخبار». هذه الأزمة التي أطاحت باستضافة لبنان لبطولة آسيا والتي تسمح لأول أربعة أبطال تحسين نقاطهم في التصنيف الآسيوي، ما يلعب دوراً إيجابياً في قرعة التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى الأولمبياد.
وكانت استعدادات اللاعبين واللاعبات تجري بإشراف الماستر رالف حرب الذي حقّق إنجازاً مع اللاعب ميشال سماحة في سنغافورة عام 2010 حين أحرز سماحة برونزية أولمبياد الشباب. ومن المفترض أن تعاود التحضيرات نشاطها بعد انحسار أزمة كورونا. أزمة لا تسمح للدكتور ظريفة بتحديد ما إذا كان التأجيل إيجابياً أو سلبياً. «فهذا يتوقف على طول الأزمة».