وجّه الادّعاء العام الفيدرالي في بروكلين تهماً إلى مسؤولين سابقين في الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بتلقي الرشاوى من أجل التصويت لروسيا وقطر في السباق على استضافة مونديالي 2018 و2020، وذلك في إجراء غير مسبوق، لأنها المرة الأولى التي تُصدِرُ فيها سلطات قضائية حكومية تهم فساد مرتبطة بهذين الحدثين.وإذا كانت الشكوك حامت لأعوام عدة حول شروط منح حق استضافة مونديالَي 2018 و2022، فإنها المرة الأولى التي يؤكد فيها نظام العدالة في دولة ما أن الأصوات التي رجّحت كفة روسيا وقطر شابتها مخالفات.
وفي لائحة الاتّهام المفتوحة التي صدرت بداية الأسبوع عن المدعي العام في بروكلين، جون دونوهيو، تم التطرق إلى تفاصيل الفساد المحيط بالتصويت الذي حصل عام 2010 في زيوريخ وأدى إلى منح روسيا استضافة مونديال 2018 وقطر استضافة نسخة 2022. وكشفت لائحة الاتّهام أن عضو فيفا السابق البرازيلي ريكاردو تيكسيرا والمسؤول الباراغواياني الراحل نيكولاس ليوز، وكلاهما كان عضواً في اللجنة التنفيذية لفيفا التي صوتت على منح نهائيات 2018 لروسيا و2022 لقطر، تلقيا رشاوى مقابل التصويت لملف قطر. بالإضافة إلى ذلك، «وُعِدَ وتلقى» رئيس اتحاد كونكاكاف السابق الترينيدادي جاك وورنر الذي شغل منصب نائب رئيس فيفا رشوة، بلغ مجموعها 5 ملايين دولار من أجل التصويت لصالح روسيا، بينما وُعِدَ الغواتيمالي رافاييل سالغيرو بمبلغ مليون دولار لكي يصوت أيضاً لروسيا. كما اتّهم وورنر سابقاً ببيع صوته لصالح جنوب أفريقيا في التصويت على مونديال 2010، وحُكِمَ عليه غيابياً في 2019 بدفع تعويضات بقيمة 79 مليون دولار لاتحاد «كونكاكاف».
من جهته، أقر سالغيرو عام 2016 بأنه مذنب في العديد من تهم الفساد وتم إيقافه من قبل فيفا، فيما يصارع وورنر الذي يواجه اتهامات من القضاء الأميركي، من أجل الحؤول دون أن تسلمه بلاده إلى الولايات المتحدة.

«مخططات احتيالية إجرامية»
ورأى وليام سويني جونيور، مساعد المدير المسؤول عن مكتب نيويورك الميداني لمكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي آي»، في بيان له أن «الاستغلال والرشوة في كرة القدم الدولية ممارسات راسخة ومعروفة منذ عقود»، مضيفاً «على مدى أعوام عديدة، أفسد المدعى عليهم والمتآمرون حوكمة وأعمال كرة القدم الدولية بالرشاوى والعمولات، وشاركوا في مخططات احتيالية إجرامية تسبّبت بضرر كبير لرياضة كرة القدم». وكشف «تضمنت خططهم استخدام شركات وهمية، عقوداً استشارية مزيفة وطرق تَسَتُّر أخرى لإخفاء الرشاوى والمدفوعات وجعلها تبدو مشروعة».
ومنذ الشرارة الأولى لفضيحة «فيفاغايت» عام 2015، وجهت السلطات الأميركية لما مجموعه 45 شخصاً وشركة رياضية مختلفة، أكثر من 90 تهمة بالجريمة ودفع أو قبول أكثر من 200 مليون دولار كرشاوى. ومن بين المتهمين الـ45، توفي خمسة أشخاص، وأقر 22 بالذنب لكن لم تصدر أحكام نهائية سوى بحق ستة منهم. ولا يزال عشرات منهم في بلدانهم حيث يواجهون المحاكمة من قِبل السلطات المحلية أو أنهم أحرار يصارعون من أجل تسليمهم إلى الولايات المتحدة.
كما وجهت في لائحة الاتهام إلى لثنين من المديرين التنفيذيين السابقين في شبكة «فوكس» الإعلامية الأميركية تهم الفساد والاحتيال المصرفي وغسل الأموال.
كشف التحقيق وجود فساد مستشرٍ يمتدّ لنحو 25 عاماً في الاتحاد الدولي لكرة القدم


ويواجه الموظفان السابقان في شركة «تونتي فيرست سنتشري فوكس»، هرنان لوبيز (49 عاماً) وكارلوس مارتينيز (41 عاماً) إلى جانب جيرار رومي (65 عاماً) الذي عمل مع مجموعة وسائل الإعلام الإسبانية «إيماجينا»، تهماً بدفع ملايين الدولارات كرشاوى لمسؤولين في اتحادَي أميركا الجنوبية «كونميبول» وأميركا الشمالية والوسطى والكاريبي «كونكاكاف» لكرة القدم.
وتزعم هذه الاتهامات أن الرشاوى دُفعت مقابل عقود حقوق النقل التلفزيوني للمسابقات الإقليمية وكوبا أميركا لمنتخبات أميركا الجنوبية والتصفيات المؤهلة لكأسي العالم 2018 التي أقيمت في روسيا و2022 المقررة في قطر.
وتُشكِل هذه القضية جزءاً من فضيحة الفساد التي عصفت باللعبة وتركت الاتحاد الدولي «فيفا» يتخبط بملف تلو الآخر.
وظهرت الفضائح في أيار/ مايو 2015، عندما أوقفت الشرطة السويسرية في أحد فنادق مدينة زيوريخ الفخمة، سبعة مسؤولين في الاتحاد الدولي الذي كان يستعدّ لإعادة انتخاب السويسري جوزيف بلاتر رئيساً، وذلك بناء لطلب أميركي بعد تحقيق كشف وجود فساد مستشرٍ يمتد لنحو 25 عاماً. وأدت الفضائح إلى الإطاحة برؤوس كبيرة في فيفا، يتقدّمها بلاتر الذي تولّى رئاسة الاتحاد لمدة 17 عاماً، وانتخب السويسري جاني انفانتينو خلفاً له مطلع عام 2016.