من الصعب على أيّ محبٍّ أو متابع أو حتى عاملٍ في لعبة كرة القدم في لبنان أن يتخيّل فكرة عدم وجود بطولة في الموسم المقبل 2020-2021. أصبح من المحتّم أن موسم 2019-2020 قد انتهى. سقط بالضربات القاضية من أحداث 17 تشرين الأول 2019، إلى الأزمة الاقتصادية وصولاً إلى أزمة فيروس كورونا. حاول البعض صادقين إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكنهم اصطدموا بازدواجية أطراف عديدة معنيّة باللعبة. أطرافٌ تتحدث شيئاً فوق الطاولة وتقوم بأشياء متناقضة تحتها. أطاح تحالف الهروب من الواقع والتذرّع به الموسم، ووجد الاتحاد اللبناني لكرة القدم وإلى جانبه عدد قليل من الأندية لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة أنفسهم الوحيدين الذين يرغبون باستكمال الموسم. غلّبت أكثرية الأندية مصالحها الشخصية، أو حساباتها الضيقة على المصلحة العامة فجاءت أزمة كورونا والشلل الذي يضرب البلاد ومن ضمنها النشاط الرياضي لتُنهي الموسم بشكل عملي بانتظار القرار الرسمي من اتحاد اللعبة.وضع الجميع الموسم الماضي خلفهم وبدأوا النظر إلى الموسم المقبل وسط سؤالٍ رئيسي: هل سيكون هناك موسم كرة قدم؟
سؤال كبير تصعب الإجابة عليه الآن في وقت لا يعلم كثيرون إلى أين ستُفضي أزمة كورونا ومتى ستنتهي.
فإذا كان الاتحاد الدولي ومن بعده الاتحادات القارية ومن ضمنها الاتحاد الآسيوي غير قادرة على تحديد مهل زمنية، فكيف الحال بالاتحادات المحلية التي تنتظر تبلور الصورة قبل الجلوس لاتخاذ قرارات ووضع أنظمة وتواريخ للموسم المقبل؟
هذا لا يعني أنه لا يحقّ للمعنيين باللعبة التفكير بالموسم الجديد. موسمٌ سيكون عنوانه الرئيسي: الاستثناء.
تشير المعلومات إلى أن الموسم سيكون استثنائياً على جميع الصعد، ولا يختلف اثنان على هذا الأمر. العناوين الرئيسية لهذا الموسم الاستثنائي تشمل أكثر من محور، بدءاً من نظام البطولة ومروراً باللاعبين الأجانب وانتهاءً بالعقود.
ما كان قائماً بعد اندلاع أحداث 17 تشرين الأول والأزمة المالية على صعيد الواقع الصعب للأندية، تكرّس بشكل أكبر بعد أزمة كورونا. أصبح من الصعب إرهاق الأندية بموسم عادي ضمن الصيغة السابقة، وبالتالي لا بدّ من وضع نظام فني لبطولة استثنائية تكون مختصرة تريح الأندية. لكن هذه الصيغة لا يمكن أن تكون على حساب أندية أخرى ترغب باللعب فترة أطول وقادرة على تحمّل الأعباء المالية الإضافية. وهنا سيكون المعنيون باللعبة أمام مهمة وضع صيغ بطولة تُرضي جميع الأطراف.
السؤال الأول الذي يتبادر إلى ذهن المعنيين باللعبة: هل ستكون هناك بطولة؟


النقطة الثانية هي موضوع اللاعب الأجنبي. فبعد أزمة كورونا المضافة إلى الأزمة الاقتصادية سيكون من الصعب خوض البطولة بلاعبين أجانب، وفقاً لرأي أكثر من معنيّ باللعبة. فبطولة بلا أجانب قد تكون أقرب إلى المنطق لأكثر من سبب، أولاً بسبب أزمة فقدان الدولار الأميركي من السوق اللبناني. فحين التعاقد مع لاعب أجنبي سيكون السؤال الأول الذي سيخطر في بال المسؤولين في الأندية: من أين سنؤمّن له دولاراً؟
كما أن الأزمة المالية الخانقة والارتفاع المخيف لسعر صرف الدولار سيعنيان أن أيّ لاعب أجنبي سيتم التعاقد معه سيكون من «الصف السادس» في ظل ضعف قدرة الأندية المالية.
وعليه، فإن إلغاء اللاعبين الأجانب في الدوري المحلي أصبح وارداً لدى عدد من رؤساء الأندية. كما أن غياب اللاعب الأجنبي سيفتح المجال أمام اللاعبين اللبنانيين كي يحصلوا على فرصة أكبر لخوض المباريات.
النقطة الثالثة هي العقود. هذا البند أقلق بال المعنيين باللعبة من اتحاد وأندية ولاعبين. مشاكل عديدة تفجّرت جراء الأزمة المالية في ظل إبرام عقود كان عدد كبير منها مبالغاً فيه. وبالتالي سيكون لزاماً وضع سقف للعقود وإدراج بنود جديدة فيها كمبدأ الدفع بالليرة اللبنانية، وربط الالتزام بالعقد في حال كانت هناك بطولة كاملة غير منقوصة.
لا شكّ في أن هناك نقاطاً أخرى يجب البحث فيها لدى الحديث عن الموسم المقبل، من أجور الحكام إلى أجور الملاعب وموضوع عائدات النقل التلفزيوني ومسألة حضور الجمهور من عدمه. لكن تبقى هذه النقاط في المرتبة الثانية التي تحتاج إلى جهود أطراف عديدة للوصول إلى صيغ مقبولة من الجميع ووفق قدرات الاتحاد اللبناني والتلفزيون الناقل. أما الأهمّ فسيكون في تحديد شكل البطولة واللاعبين الأجانب والعقود التي سيتم إبرامها.



«جرح» العقود يحتاج الى مداواة
لا يختلف اثنان على أن الموسم الكروي الحالي أصبح سابقاً. فالأزمة الاقتصادية مضافة إليها أزمة كورنا أنهت مفاعيل الموسم الحالي وأصبحت مهمة المسؤولين التفكير بالموسم المقبل. انتهاء المفاعيل ليس كاملاً بعد. هناك «جرحٌ» ما زال ينزف ويتعلّق بالشكاوى المقدمة، والدعاوى المرفوعة، من قبل عددٍ من اللاعبين بحق أنديتهم. بعض هؤلاء اللاعبين أجانب، كان للاتحاد الدولي قراره في عدد منها. لكن هذه الدعاوى تعود الى المرحلة ما قبل 17 تشرين الأول كقضية لاعبي النجمة جيلبرتو دوس سانتوس والغرينيدادي سيدريل لويس. ومن المتوقع أن تبتّ لاحقاً قضايا أخرى أيضاً تتعلق بلاعبين من النجمة كالتونسي مراد الهذلي والغاني إيساكا أبودو الذين تم فسخ العقد معهم بعد أحداث 17 تشرين وتوقف الدوري. نجحت جميع الأندية اللبنانية في حلّ ملفات لاعبيها الأجانب بتسويات ومن دون مشاكل، باستثناء النجمة. لكن في النهاية، سيكون القرار للاتحاد الدولي على هذا الصعيد.
محلياً، تختلف الأمور بالنسبة الى اللاعبين اللبنانيين. عدد منهم تقدّم بشكاوى للاتحاد اللبناني لبتّ نزاعات مالية مع أنديتهم، وعدد آخر توجّه الى الفيفا حيث رفع دعاوى ضد أنديتهم.
شكّل الاتحاد اللبناني لكرة القدم لجنة لمتابعة شؤون اللاعبين ومهمتها حل القضايا العالقة. قامت اللجنة بدراسة جميع الشكاوى واجتمعت مراراً وهي في صدد اتخاذ القرارات المناسبة لحل القضايا بين اللاعبين وأنديتهم، بعد عودة الحياة الى لبنان.
هذا على صعيد الشكاوى المقدمة مباشرة الى الاتحاد اللبناني. لكن ماذا على صعيد القضايا المرفوعة الى الفيفا؟ أكثر من لاعب في النجمة والسلام زغرتا وغيرهم من الأندية تقدموا بدعاوى لدى الفيفا. الأخير وبسبب مبدأ «الظروف القاهرة» عمد الى إرجاع قضايا اللاعبين اللبنانيين الى الاتحاد المحلي. فالأخير سيقوم باتخاذ قرارات ملزمة للطرفين، أي اللاعب والنادي، لحل الموضوع ضمن تسويات ترضي الطرفين.
وهنا يبرز سؤالٌ رئيسي: ماذا إذا رفض اللاعب الذي تقدّم بدعوى الى الفيفا أن يقبل بقرار الاتحاد المحلي وأصرّ على شروطه معيداً الملف الى الفيفا؟
يقول أحد الممسكين الرئيسيين بالملف لـ«الأخبار» إن قرارات الاتحاد ستكون ملزمة، وحتى إذا أصرّ اللاعب وعاد الى الفيفا، فإن الأخير سيطلب تنفيذ قرار الاتحاد المحلي، انطلاقاً من مبدأ «الظروف القاهرة» التي يرتكز عليها الاتحاد الدولي في قرار إسناده بت قضايا اللاعبين المحليين الى اتحادهم المحلي. «لو كانت الظروف طبيعية، لكان الفيفا قد اتخذ القرار بنفسه، لكن في ظل الظروف الراهنة سيلتزم الفيفا بقرار الاتحاد المحلي»، يقول مصدر رفيع لـ«الأخبار».