تُعتبر كرة القدم وسباقات الخيول المصدرين الأساسيّين لإيرادات مكاتب المراهنات. وفي ظل توقف المنافسات في مختلف أنحاء أوروبا منذ منتصف آذار/مارس الفائت، وإقفال متاجر المراهنات بسبب الإغلاق التام المفروض من الحكومة البريطانية التزاماً بمبدأ التباعد الاجتماعي، وجد المراهنون أنفسهم في أزمة. ويقول البريطاني أندرو ماكارون المدير العام لـ«أس بي سي»، في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية إن أيّ شركة تسحب منتجها الرئيسي من السوق، ستعاني بشكل كبير. ويوضح: «سيكون من المنطقي ربما وصفها بـالقمة الطارئة نظراً إلى أن الموضوع الرئيسي على مدى خمسة أيام سيكون كيفية النجاة من الركود وكيفية النهوض ما إن تسمح الظروف بعودة الأعمال بصورة طبيعية».ويتابع: «سيشارك مديرون تنفيذيون من كبرى الشركات حول العالم لذا سنرى حتماً العديد من الأفكار الجيدة. نظراً إلى الظروف الاستثنائية أعتقد أنه ستكون هناك محادثات بشأن كيفية عمل الشركات معاً من أجل مصلحة المهنة والزبائن على المدى الطويل».
ويرى ماكارون أن المراهنات في بريطانيا خسرت «قلبها النابض» في روزنامة الموسم الرياضي، بإلغاء بطولة ويلمبدون ثالثة البطولات الأربع الكبرى في كرة المضرب، والسباق الوطني الكبير «غراند ناشونال» للخيول وبطولة بريطانيا المفتوحة للغولف التي تعتبر جميعها مصدراً رئيسياً لإيرادات المراهنين. ويتابع: «أي شركة تُجبر فجأة على سحب منتجها الرئيسي من الأسواق ستواجه مشكلة كبيرة وهذه هي الحالة التي يجد المراهنون أنفسهم فيها في الوقت الحالي»، مضيفاً: «يراهن المراهنون البريطانيون بما يقارب 250 مليون جنيه استرليني (312 مليون دولار) في سباق غراند ناشونال وحده ومن المستحيل إيجاد بديل لهذا النوع من الدخل».
يراهن البريطانيون بما يقارب 250 مليون جنيه في سباق غراند ناشونال وحده


ويؤكد أن الشركات عبر الانترنت حاولت التعامل مع الوضع وتقديم خيارات بديلة «شركات المراهنات عبر الانترنت كانت استباقية في محاولة استبدال الروزنامة الرياضية التقليدية بأمور كالرياضة الافتراضية والرياضة الإلكترونية والمفاجأة الكبرى مراهنات في كرة الطاولة». مع ذلك يعتبر ماكارون أنه وعلى رغم الخطوات المبتكرة التي لجأت إليها شركات المراهنة عبر الانترنت، إلا أن الأرباح لا زالت بعيدة عن تعويض الخسائر الكبيرة في الإيرادات.
ويفسّر أنه «في الوقت الذي تزداد فيه شعبية المراهنات على الرياضات الافتراضية والإلكترونية، فإن عدداً قليلاً من الناس على استعداد للمراهنة على أحداث يعرفون عنها القليل وما من ارتباط عاطفي لهم بها»، مضيفاً: «لا يمكن لهذه البدائل أن تعوض خسائر الزبائن الدائمين الذين يراهنون أسبوعياً في كرة القدم أو بعد ظهر السبت على السباق المنقول عبر التلفاز أو على لكمة خلال نزال ملاكمة في نهاية الأسبوع».
ويعتبر ماكارون أن شركة «جي في سي هولدينغز» التي تملك مكتبي «كورالز ولادبروكس» للمراهنات تعكس الواقع المرير الذي يعيشه عالم المراهنات خلال هذه الفترة، بعدما قدّرت أن الأزمة الحالية ستكلفها 50 مليون جنيه استرليني شهرياً. ويتابع: «حتى بالنسبة إلى شركة قوية مالياً ولديها أيضاً تدفّقات وإيرادات من ألعاب الكازينو والبوكر عبر الانترنت فإنه من الصعب تحمّل ضربة قوية مماثلة لفترة طويلة».
ويوظف قطاع المراهنات في بريطانيا وحدها أكثر من مئة ألف شخص في عشرة آلاف مقر عمل، ويوفر 2,9 مليار جنيه استرليني سنوياً من إجمالي العائدات الضريبية.

كرة القدم في الواجهة
خلال السنوات الماضية ارتفعت بشكل «جنوني» أعداد الأشخاص الذين يراهنون على مباريات كرة القدم. بعض هؤلاء الأشخاص وجد في المراهنات فرصة لكسب المال، فيما كانت بالنسبة إلى بعض الأشخاص هواية، أو حتى ارتباطاً عاطفياً بفريق معين، ولكن الأمور وصلت في النهاية إلى «الحالة المرضية». تطور كرة القدم وظهور العديد من البطولات والدورات على مستوى المنتخبات والأندية، خاصة في أوروبا، زادا من حجم المراهنات، وخلقا سوقاً أكبر للمكاتب التي تقوم بهذه الأعمال، سواء أكانت مرخّصة أم لا. انتشرت هذه المكاتب في مختلف الدول، وحتى في تلك الصغيرة منها، وكانت تدرّ مئات ملايين الدولارات على أصحاب هذه المكاتب، والأكيد أن هذه الأرباح كان يتم توزيعها بأكثر من طريقة. وفي هذا الإطار ذكر موقع «بي بي سي» أن توقف نشاطات كرة القدم حول العالم أثّر سلباً على قطاع المراهنات في كينيا التي كانت تحقّق أرباحاً تصل إلى حوالى 20 مليون دولار، فيما خسرت أوغندا 12 مليوناً، وتنزانيا 10 ملايين. وإذا كانت الدول الصغيرة تشهد هذا الحراك الكبير جراء المراهنات، فإن الكارثة في بعض الدول التي تشرّع عمل هذه المكاتب ستكون أكبر بكثير، وهنا الكلام فقط عن المراهنات في كرة القدم، وليس في الرياضة عموماً.