إنه الموعد مجدداً. الموعد الذي ما برح يأسر القلوب، وله وحده تُدهش العيون. إنه الموعد الذي لطالما انتظرناه، وأبداً أبداً ما مللنا منه. إنه الموعد الذي ننقطع فيه عن العالم: نفرح، نقلق، نصرخ، ونعيش الجنون الأجمل.ماذا فعلت بنا أيها «الكلاسيكو»؟ ما سرّ كل هذا السحر فيك، والشغف إليك، والتعلق بك. ما سرّك في أن تستحوذ وحدك على كل هذا الاهتمام. أن توحّد الجميع خلفك، وأبداً في حضرتك لا مكان للبقية في الأذهان؟

الأحد يتجدد الموعد. يا له من موعد! في الـ«برنابيو» يلتقي الخصوم الأزليون. هم أزليون منذ الرفاق الأوائل. منذ باولينيو ألكانتارا وسانتياغو برنابيو، ومروراً بألفريدو دي ستيفانو وفيرنيك بوشكاش وغونتر نيتزر ويوهان كرويف، وبعدهم إيفان زامورانو وروماريو ورونالدينيو وريفالدو وزين الدين زيدان، وانتهاءً بكريستيانو رونالدو وريث أوزيبيو وليونيل ميسي الذي نهل من سحر دييغو مارادونا، ذاك الحبيب على القلوب وأسطورة كل زمان.
أحد الأحلام، نريده كذلك. لن نرضى إلا أن يروي رونالدو وميسي عطشنا إلى الكرة الجميلة والممتعة التي ما برحنا نرتشفها من بحر «الكلاسيكو»، وعند شواطئ هذا الأخير تستريح ذكرياتنا، ونناظر في خيوط شمسه المشرقة شريط مواعيد ذابت فيها القلوب يوماً، وحفرت عميقاً في الذاكرة، وظل طيفها ساكناً في الأحلام.
لا تأخذك رأفة يا رونالدو بواقع برشلونة المصيري في هذا اليوم. أدهِشنا بركلاتك القوية بكلتا قدمَيك بما أوتيت من قوة، وحلّق بنا عالياً لتصل إلى ضرباتك الرأسية المذهلة، تماماً كتلك الضربة في نهائي الكأس قبل موسمين ذات ليلة أزالت عن مدريد الأحزان.
أما أنت يا ميسي، فوحدك وحدك من تملك الرد المناسب. في غدنا المرتقب لا تحرمنا غزواتك وتوغلاتك، من مكرك الأخاذ ودهائك اللامع. من عجائبك، من سحر قدمك اليسرى الذهبية التي أدهشت الكون، ولمّا تزل، على الدوام، حاضرة في الوقت الحاسم.
لن يفرق في غدنا إن فاز الملكي، إن فاز الكاتالوني، أو كان التعادل سيداً للموقف. ما يعنينا أن نعيش الكرة بشغفها، بفنّها، بألوانها المختلفة وجمالها الساحر.
غداً غداً يومنا الأجمل الذي نترقب، ونعدّ الثواني لقدومه قبل الدقائق. غداً غداً لن نرتضي من «الكلاسيكو» إلا أن يكون كما عهدنا: موعداً لكرنفال الكرة، لفرحنا الدائم.